يبدو الكلام عن البيئة في العراق كلاماً ترفياً، لذلك لا نسمعه كثيراً، والسبب كما يبدو أن الفكرة المأخوذة عن البيئة لدينا هي تلك المتعلقة بتحسين الواقع البيئي في البلدان المتقدمة، ولأن بعض هذه البلدان متقدم جداً، ولأنها لا تعاني مشاكل بيئية كالتي نعاني، نجدها تهتم بقضايا ترفيه فعلاً بالنسبة لمعاناتنا، كما يحدث بالنسبة للمدن التي لا تسمح بتجول السيارات الخاصة التي تعمل بالوقود العادي وتلجئ أصحابها إلى الاعتماد على وسائل النقل العامة التي تعمل بالوقود "الصديق للبيئة"، ومثل هذه الفعاليات وغيرها ساعدت على تشوش معنى البيئة عندنا. لكن عندما نترجم المفهوم إلى معناه الأكثر خطورة لا يعود الكلام ترفياً. أي عندما نؤكد ارتباط الأمراض الخبيثة بموضوع البيئة، أو ارتباط التشوهات الولادية التي أخذت تزداد في العراق، أو ارتباط حتى بعض الأمراض النفسية وحالات الشد العصبي الدائم، كما تؤكد تقارير طبية عالمية، عندما نؤكد ذلك، يصبح الكلام عن البيئة كلاماً ملحاً جداً.
لكن في بلد تجري فيه عمليات القتل بشكل شبه دائم ومع ذلك لا تقدم المؤسسات المعنية بحياة الناس حلولاً حقيقية، كيف ننتظر أن تقدم المؤسسات المسؤولة عن سلامة البيئة حلولاً مقنعة؟
هناك تقارير كثيرة تتحدث عن أن نسبة تلوث العراق بالمواد المشعة تعادل ما ينتج عن سبع قنابل نووية من تلك التي القيت على اليابان! وهناك تقارير تفيد بوجود أكثر من 30 ألف مولدة كهرباء موجودة في العراق، تنفث دخاناً ساماً، وتقارير تؤكد استخدام وزارة النفط لمادة رابع اثيل الرصاص المسرطنة والمحرمة دولياً والمتسببة بالتخلف العقلي لدى الأطفال. بالإضافة الى عدم معالجتنا لمياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع والمستشفيات، قبل القائها في الأنهار.
اذا ربطنا هذه المعلومات بزيادة نسب الإصابة بالسرطان والتشوهات الولادية وبقية الأمراض الأخرى يصبح اهمال الشأن البيئي بمثابة جريمة ترتكب بحقنا جميعاً وبحق أطفالنا بشكل خاص. وفي لقاءاتي التلفزيونية لاحظت حقيقة غريبة، وهي أن الأعم الأغلب من مسؤولينا يهونون من نسبة تلوث بيئتنا بالمواد المشعّة الناتجة عن الحروب، مع أن الذي يفترض بهم أن يفعلوا غير ذلك ضماناً للتعويضات، فمن المؤكد أن استخدام اليورانيوم المنضب يتسبب بكوارث على صحة الناس، ويجعلهم بامس الحاجة إلى العلاج الأمر الذي يجعل الدول التي استخدمت هذه الأسلحة "أمريكا وبريطانيا" مسؤولة بشكل مباشر عن هذا العلاج، فضلاً عن مسؤوليتها بما يتعلق بالاضرار البيئية.
اليوم اطلعت على تقرير منشور بداية 2013 يتحدث عن إيجاد مختصين لمادة الرصاص في حليب الأمهات، فقلت لنفسي: أي جريمة بيئية مرتكبة بحق أطفالنا ونحن لا نعلم.
رصاص في حليب الأمهات
[post-views]
نشر في: 16 يونيو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 5
ابو علي الزيدي
اخي العزيز عندما زارت كوناليزا رايز العراق بعد مايسمى التحرير قد تفاجأة وهي العارفة ومسؤولة الأمن القومي أن سكان العراق هو (28)مليوناوكانت تتوقع أن سكان العراق لا يتجاوز (15) مليون حسب تصريحها وهذا ما يجعلنا نتسائل عن العمليات الأرهابية والحرب الطائفية وا
ابو منتظر
ان اشد الامراض خبثا هو تلوث القلوب فان تلوثت قلوبنا فاقرأ على الدنيا السلام ايها اشد خطورة اخي الغالي تلوث بيئتنا ام تلوث قلوبنا
هناء
شكراً عزيزي سعدون على تسليط الضوء على مشكلة مزمنة.في 2004-2005 أنجزت الأمل مشروعاً رائداً للتوعية الصحية في مجال العناية بصحة الأم والطفل نفذ محافظة النجف في ناحية الحرية، واستهدف تطوير الخدمات الصحية المقدمة إلى الأمهات والأطفال في المنطقة، من خلال تنظ
علي الجاف
كل شيء مؤامرة ؟! دخاننا المنبعث من مولداتنا الخاصة، مؤامرة صهيونية بائسة، التشوهات الولادية التي تتجاوز 4 لكل عشرة، مؤامرة !! والله عجيب هذا الاتكال على مفردات غادرناها منذ زمن الدكتاتورية، نحن بلد خاص اكثر من خمسة حروب في 30 عام، هذا اذا استثنينا حربنا ا
مركز تطوير البيئة والثقافة
عزيزي سعدون عدد نفوس العراقيين أكثر من 30 مليون بمعدل لايقل عن مولدة لكل عشرة أشخاص عدا مولدات المحلات والفنادق والمدارس وباقي مؤسسات الدولة أي أن هناك أكثر من 3 ملايين مولدة وليس 30 ألف مع التقدير