يتناول المحلل النفسي البريطاني آدم فيليبس في مقال له موضوعة العنف في الفن و خاصةً في المسرح، باحثاً في الدافع إلى تصوير المشاهد المقترنة بالعنف الشديد، و أبرز المسرحيات التي اشتُهرت بذلك. و يستشهد بمعالجة أرسطو الواردة في " كتاب الشعر " لسؤال : لماذا
يتناول المحلل النفسي البريطاني آدم فيليبس في مقال له موضوعة العنف في الفن و خاصةً في المسرح، باحثاً في الدافع إلى تصوير المشاهد المقترنة بالعنف الشديد، و أبرز المسرحيات التي اشتُهرت بذلك. و يستشهد بمعالجة أرسطو الواردة في " كتاب الشعر " لسؤال : لماذا يبتهج البشر في تأمل الأشياء التي في الواقع تجلب إليهم الألم. و جوابه هو أن الإنسان في الأساس حيوان مقلِّد يتعلم عن طريق تقليد أو استنساخ العالم من حوله. مع هذا، لا يدعي أرسطو أن هذه الغريزة وحدها تبرر تصوير أي نوع من أنواع الفظاعة. و جوهر حجته أن مسرحة dramatization أية أنواع معينة من الفاجعة يمكن أن يكون لها تأثير أخلاقي إيجابي. و في الحقيقة، فإنه بدلاً من تغذية الأهواء الجموحة، تمتلك هذه التصورات القوة لتهدئة المياه الانفعالية بإثارتها تماماً.
و يتناول فيليبس في قسم آخر من مقاله هذا تجربة " المسرح الحر البيلاروسي "، التي يصف العاملين فيه بالفرقة الشجاعة التي قامت بظهور مختصر و صادم في مركز سيجَرستروم بـمسرحيتها " مينسك، 2011 : رد على كاثي أكَر ". و هذه الفرقة تُبدع إنتاجات تخيلية مغيظة بإلحاحية يجد أعضاؤها أنفسهم معها، في القياس المباشر مع الوضع الاضطهادي، عائدين إلى وطنهم الأصلي ( بيلوروسيا ). ففي سلسلة لقطات مسرحية تتّسم بالقسوة، تستحضر " مينسك " مشهداً مدينياً يرسم تماثلاتٍ بين التعذيب السياسي و تجارة الجنس، بين الهيمنة الشمولية و الاحتقار الذاتي. و كانت استجابتي مضاعفةً ــ ذهول صاعق لحرفة المؤدّين المحرَّرة و رغبة في أن ينتهي على الفور جحيم العالم الواقعي الذي يشعل تألقهم الجماعي.
و فيما يتعلق بالسؤال عمّن يدلي بالشهادة، فقد يكون من المفيد ملاحظة ما إذا كان ذلك يتضمن عمل الإصلاح إلى جنب التدمير. و أولئك الذين يحسون بغصة في حنجرتهم من غير المرجح أن يتخلوا عن شيء من ملاحظة ما هو شبيه بالتغلب على هذه المعاناة. و يمكن القول إن مسرحيات أدريان كينيدي، مثل " جرائم ولاية أوهايو "، و ماريا آيرين فورنس، مثل " الطين " و " إدارة الحياة "، هي من بين أبلغ ما كُتب على الإطلاق عن التأثيرات المتناثرة للعنف. و قد ذهب هذان الكاتبان المسرحيان إلى ما هو أبعد من تسجيل الأذى ــ فهما يبيّنان المكان المخدَّر، الممزق المتخلف في أعقابه.
" إن الطبيعة فوق الفن "، كما يؤكد شكسبير في ( الملك لير )، أمرٌ كائن في إنتاج مثل هذه المشاهد. لكنه يتابع لإظهار واحد من أقسى المشاهد في الأدب، اللقاء بين الملك العجوز، الذي تصدع عقله من الحزن المهتاج، و غلوسستر الأعمى ( الذي تُقتلع عيناه بلا رحمة ).. و الضحيتان كلاهما غير بريئين و لا معاقبَين بصورة متناسبة، لكنهما معاً يتلمسان الطريق إلى شعرٍ مسرحي جدير بجراحهما.
عن/ Los Anglese Times