مساء السبت مارست الشرطة قمع المتظاهرين ما ادى الى انهاء 18 يوما من التجمع السلمي في متنزه جيزي في ساحة تقسيم والذي أشعل شرارة الاضطرابات في شوارع اسطنبول بينما قامت الشرطة ايضا بتفريق التظاهرات في العاصمة انقرة ومدينة أدنة الجنوبية. 

بدأت الاحتجاجات في متنزه جيزي قبل اكثر من اسبوعين وانتشرت الى عشرات المدن في انحاء البلاد. من جانبه اتهم اردوغان الاحتجاجات بانها مؤامرة لزعزعة استقرار حكومته. نتيجة لذلك قتل خمسة اشخاص بينهم شرطي واصيب اكثر من خمسة الاف، حسب مجموعة الحقوق التركية. 

بعد انتخاب اردوغان لولاية ثالثة منذ عامين من خلال 50% من الاصوات، وبعد ان قاد بلاده الى النمو الاقتصادي والصحي، فمن غير المرجح ان تشكل الاحتجاجات تهديدا مباشرا لحكومته، الا انها شوّهت صورته الدولية وكشفت عن انقسامات متزايدة داخل المجتمع التركي. لم يواجه اردوغان خلال فترة ولايته البالغة عشر سنوات مثل هذا التعبير العلني الواسع من السخط والاستياء. لقد اتهمه النقاد بالحكم الاستبدادي ومحاولة فرض آراءه الإسلامية المحافظة على أنماط حياة السكان في بلد تحكمه القوانين العلمانية – وهي اتهامات ينفيها اردوغان بشدة. قال في خطاب له خلال التجمع السياسي الثاني "إنهم يقولون ، انك قاس جدا يا سيادة رئيس الوزراء، والبعض يدعوني بالدكتاتور. اي دكتاتور يلتقي بأشخاص يحتلون متنزه جيزي بالإضافة إلى مناصرين مخلصين لحماية البيئة"؟ كان يشير إلى لقائه ليلة الخميس مع ممثلي الاحتجاج. دافع اردوغان عن قراره في إرسال الشرطة لأنهاء احتلال المتنزه حيث نصب المحتجون مدينة كاملة من الخيم تشمل مكتبة ومركز لتوزيع المواد الغذائية ومستوصف ومنطقة للعب الاطفال وحضانة . أجبرت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع الالاف على الهرب، وقامت طواقم الاخلاء بتمزيق الخيم بين عشية وضحاها . قال مخاطبا مؤيديه " لقد قمت بواجبي كرئيس للوزراء ، والا فلن يكون هناك معنى لبقائي في منصبي ". 

على بعد ستة اميال في مركز المدينة، قامت الشرطة باطلاق الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي لتفريق الاف المحتجين الذين كانوا يحاولون التجمع في ساحة تقسيم . في بعض المناطق قام المحتجون بنصب متاريس في الشوارع بينما كان الصغار يرمون الحجارة على افراد الشرطة. وفي مناطق اخرى قمعت الشرطة التظاهرات باستخدام غيوم من الغاز المسيل اللاذع اجبرت المحتجين على الهرب الى الشوارع الفرعية، والبعض لجأ الى المقاهي والمطاعم القريبة حيث يضع النادلون مناديل على وجوههم لدرء الغاز . نفس المشاهد تكررت في العاصمة انقرة، حيث اصيب ما يقرب من 50 متظاهرا بضمنهم امرأة شابة كانت في حالة حرجة بعد ضربها على مؤخرة رأسها بأسطوانة غاز مسيل للدموع حسب سلكوك اتالي السكرتير العام للجمعية الطبية في انقرة . اما في مدينة أدنة فقد اصطدمت الشرطة مع متظاهرين يرمون الحجارة ، كما اندلع قتال بين المتظاهرين انفسهم بعد ان حاولت مجموعة منهم منع الآخرين من رمي الحجارة .قال احد اهالي الاناضول ان 105 أشخاص تم اعتقالهم بضمنهم روسي وإيراني. 

قالت مجموعة الحقوق في منظمة العفو الدولية ان هناك ما يقارب مئة شخص تم اعتقالهم السبت خلال تظاهرات تقسيم والمناطق القريبة وترفض الشرطة إعطاء تفاصيل عن اماكن تواجدهم . كما ان من بين الآلاف الذين هربوا من متنزه جيزي خلال عملية الشرطة ليلة الأحد مازالوا غير قادرين على العودة الى بيوتهم خوفا من الاعتقال، حيث كرر أردوغان تسمية الحاضرين في احتجاج المتنزه بانهم مجموعات غير قانونية مسببة للمتاعب، رغم قوله بانه يتفهم شكاوى أولئك الذين لديهم مخاوف بيئية. 

قال احد الشباب الذين تظاهروا في ساحة تقسيم ومتنزه جيزي انه بينما كان وأصدقاؤه يهربون من عملية الشرطة في متنزه جيزي اصطدموا بمجموعة من الرجال المسلحين يحملون هراوات حديدية قاموا بمطاردتهم في الشوارع وانهم لازالوا مختبئين في احدى الشقق. 

من جانبها دعت نقابات العمال الى يوم اضراب يشمل الاطباء والمحامين والمهندسين والموظفين دعما للمحتجين . مع ذلك فليس هناك تأثير واضح للإضرابات على الحياة اليومية في تركيا. 

في تطور يثير القلق من احتمال تصاعد العنف، قال اردوغان ان اثنين من افراد الشرطة قد أصيبا برصاص اطلق خلال الاضطرابات "احدهما أصيب في بطنه والآخر في الساق". يوم الأحد، أظهرت لقطات تلفزيونية قيام الشرطة باعتقال عاملين في المجال الطبي يرتدون معاطف بيضاء كانوا يساعدون المصابين من المحتجين، وأظهرت تكبيل أيديهم خلف ظهورهم. ونفى محافظ إسطنبول حسين عوني مطلو ان يكون هؤلاء من العناصر الطبية، وذكر في موقعه على تويتر "انهم يرتدون ملابس أطباء لكنهم لا علاقة لهم بالطب او الصحة. في الحقيقة ان احدهم لديه سجل اجرامي في السرقة" مناقضا ما قاله في تعليقاته السابقة بان العديد من الأطباء تم اعتقالهم. ذكرت منظمة العفو الدولية ان وزير الصحة قال مسبقا بان المستوصفات المرتجلة التي نصبها المحتجون لمعالجة جرحى الصدامات او خلال تدخل الشرطة ، غير قانونية ومن المحتمل ان يقدّم الاطباء للمحاكمة. من جانبه قال اندرو غاردنر الباحث بالشأن التركي في منظمة العفو الدولية في تصريح له "من غير المقبول ابدا تهديد الاطباء بالملاحقة بسبب توفير الرعاية الطبية للذين يحتاجون اليها . يجب اطلاق سراح الاطباء فورا والغاء اي تهديد بمحاكمتهم". 

 عن : واشنطن بوست