ألم نقل لك، السيد رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية، إن استراتيجيتك الأمنية -إن كانت لديك- غير ناجعة؟ ألم نقل ان مكافحة الارهاب في بلادنا لا تكون بقطع الطرق ولا بحبس الناس أمام نقاط التفتيش ولا بنشر هذه النقاط في الأساس؟ ألم نقل ان حفظ الأمن لا يكون باتخاذ قرارات تحت تأثير سورة الغضب؟ ألم نقل انك إن اقتصرت في قراراتك على إعفاء ضباط القواطع من مناصبهم وإحالتهم الى التحقيق ومحاسبتهم كلما وقع عمل إرهابي، سيأتيك يوم لن تجد فيه من تحاسبه من ضباطك؟
نعم، قلنا لك هذا مرات عدة، ولم تسمع، ولا تريد أن تسمع.. لا يعجبك إلا الموال الذي في رأسك وفي رؤوس مستشاريك الذين لا يحسنون المشورة (هل لهم القدرة على تقديم المشورة الحسنة؟).. قل لنا ما الذي ستفعله الآن؟ الإرهاب يضرب يومياً.. يخترق حتى حدود المحافظات والمدن التي ظننا أنها آمنة ومؤمنة ومحصّنة. هل ستطيح كل الرؤوس؟ هل ستحيل جميع ضباطك الى التحقيق والمحاسبة؟ هل لديك بدلاء؟
نعم هناك بدلاء، السيد رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، ولكنك لا تفكر بهم ولا تريد الاعتماد عليهم، مثلما هناك خطط واستراتيجيات بديلة على الصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي لا ترغب، ولا يرغب مستشاروك ومساعدوك، في التفكير بها واعتمادها.
السيد رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية، لم تعد مجرد مسؤول عن الأمن في حزب صغير يعمل من الأقبية والسراديب ولا يثق الا بالأقارب والمقربين.. انك الان تدير دولة كبيرة مساحتها تعادل مساحات دول عدة (450 الف كليومتر)، وتسوس شعباً يزيد تعداده عن 30 مليون نسمة، متعدد القوميات ( للتذكير هي: العرب والكرد والتركمان والكلدان والاشوريون والأرمن)، ومتعدد الديانات (هي للتذكير أيضاً: الاسلام بمذاهبه التي تزيد عن الخمسة والمسيحية والصابئة المندائية والايزيدية واليهودية والبهائية)، فضلاً عن غير المتدينين الذين يعدون بالملايين أيضاً، وأنت مكلف بقيادة حكومة كل هؤلاء الناس الذين لا يشكّل أعضاء الحزب الذي تترأسه حتى نصف الواحد بالمئة منهم.
إدارة دولة كهذه وقيادة شعب كهذا ليستا بالسهولة التي تتصورها ويتصورها مستشاروك.. لن تكونا بالعناد والتكبر والمكابرة ولا بالعصبية والتجاوز على القوانين والحريات والحقوق المكفولة دستورياً ودولياً.. انها مهمة شاقة للغاية، وتتطلب في المقام الأول فهماً بانها ليست مهمة شخص واحد أو فريق واحد أو حزب واحد أو جبهة واحدة.. إنها مهمة كل الناس، والحاكم الناجح، كما المدير الناجح، هو الذي يفلح في توزيع هذه المهمة على الناس كلهم.
قبل معاقبة الضباط يتطلب حفظ الأمن في البلاد حل مشاكل البطالة والفقر وسوء الخدمات العامة والانقسام السياسي والاجتماعي ومكافحة الفساد المالي والاداري، وهذا لا يكون مع الاستمرار في اعتماد معايير المحاصصة الطائفية والقومية ومقاييس الولاء الشخصي والحزبي في الوظائف العامة، وفي مقدمها الوظائف الأمنية.
ألم نقل لك..؟
[post-views]
نشر في: 17 يونيو, 2013: 10:01 م