TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رجب طيب القذافي !

رجب طيب القذافي !

نشر في: 19 يونيو, 2013: 10:01 م
بكل راحة ضمير ومن دون أدنى تردد، يمكن مقارنة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بدكتاتور ليبيا السابق معمر القذافي، فقد ظهر أخيراً ان ليس ثمة فرق في الجوهر بينهما.. انهما شديدا الشبه ببعضهما البعض الى درجة انهما يستخدمان الألفاظ نفسها في وصف معارضيهم.
قبل أقل من سنتين ( 21 آب 2011 ) بثت محطات الإذاعة والتلفزيون الليبية خطاباً مسجلاً للقذافي وصف فيه الثوار وعموم معارضيه بانهم " وسخين وخونة وجرذان"! اؤلئك "الوسخين والخونة والجرذان" هم أنفسهم الذين توسلهم القذافي بعد أسابيع، يوم قبضوا عليه في جُحر، بان يرأفوا بحاله قائلاً لهم "أنا مثل والدكم".
ومنذ أيام، وبالتحديد في 16من الشهر الجاري، وقف رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي على منصة أمام عشرات الآلاف من أعضاء حزبه ليلقي خطاباً بشأن قضية الاعتصامات والاحتجاجات في ساحة تقسيم وحديقة غازي في اسطنبول وسواهما من الساحات في العاصمة أنقرة ومدن البلاد الأخرى. لم يجد اردوغان غضاضة في استعارة أحط الكلمات من معجم اللغة لينعت المحتجين على سياساته بانهم "رعاع" و"خونة" و"مخربون"! وزاد على ذلك بوصفهم بانهم "زبالة". أردوغان لم يتلفظ بالكلمة الأخيرة، لكنه قالها عملياً بحركة من يده اليمنى، فهو طلب في خطابه من المعتصمين في تقسيم وغازي أن يتركوهما وينهوا اعتصامهم فيهما، وقال انهم إن لم يفعلوا فستعرف قوات الأمن كيف تُخرجهم من الساحة والحديقة، وترك لكفّه الأيمن المفتوح أن يؤدي حركة تشير الى عملية الكنس. أي ان ما أراد التعبير عنه بتلك الحركة ان قوات الأمن ستكنسهم ما لم ينسحبوا من تلقاء انفسهم.
سكان اسطنبول التي عاش فيها اردوغان معظم حياته يقولون ان رئيس وزرائهم الحالي عُرف في شبابه بانه من "العصابجية" قبل أن يجد طريقه الى إحدى المدارس الدينية ليخرج منها خطيب جامع معتمراً عمامة مالبث ان نزعها عند التحاقه بالجامعة.. هؤلاء السكان ظنوا ان الدراسة في مدرسة دينية قد جلبت "العصابجي" القديم الى طريق الهداية، لكن اردوغان، بما فعله في ساحات الاعتصام في اسطنبول وانقرة والمدن الأخرى وفي خطابه الأخير، دلل على ان الطبع يغلب التطبع، فعلى طريقة العصابجية وقف أمام انصاره بقيمص نصف كم ليستعرض عضلاته ويهدد " الرعاع" و"الخونة" و"المخربين"، ويتوعدهم بالكنس كما الزبالة، وعلى طريقة العصابجية أمر قواته بان تتعامل مع معارضيه البشر كما لو كانوا زبالة ليزيلوهم من تقسيم وغازي بالقوة الغاشمة.
ما من سياسي يحترم نفسه يستسهل احتقار شعبه أو شريحة منه حتى لو كانت معارضة له. ففي البلدان الديمقراطية المتحضرة يحظى المعارضون بكامل التقدير والاحترام، ببساطة لأنهم سياسيون، ولأنهم بمعارضتهم يقدمون للحكومة خدمة لا تقدر بثمن بتنبيهها الى أخطائها وعثراتها. وما فعله رجب طيب اردوغان بمعارضيه كان عملاً عصابجياً بامتياز من طراز أعمال القذافي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. علي محمد

    تحياتي للعزيز أبو فرح الوصف الذي ذكرته ينطبق على صدام وليس القذافي. فكليهما كان عصابجياً وصعد إلى السلطة.

  2. عادل الوردى

    تحياتى لكم سافترض مسبقا حسن النيه لدى السيد عدنان حسين فى كتابته ونقده الشديد الى اردوغان لانه كما عودنا مدافعا عن قيم الديمقراطيه و اتمنى ان يفترض حسن النيه فى دفاعى البسيط عنه ان اردوغان يمتلك جماهيريه وانتخاب شعبى له ولحزبه وباسلوب ديمقراطى لم يتيسر لا

  3. bassem

    تتهمون غيركم انهم غير ديمقراطيون فى الدول العربية وتعجزون على اظهار تعليقى على مقالقم بشاءن اردغان . هذه الديمقراطية والا بلاش . انا ليس لى اى التقاء مع اردغان وتوجهاته الاسلامية وخاصة تقييد حرية الفرد بقوانين اسلامية اكل الدهر عليها وشرب . انما اردت بكتا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram