بكل راحة ضمير ومن دون أدنى تردد، يمكن مقارنة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بدكتاتور ليبيا السابق معمر القذافي، فقد ظهر أخيراً ان ليس ثمة فرق في الجوهر بينهما.. انهما شديدا الشبه ببعضهما البعض الى درجة انهما يستخدمان الألفاظ نفسها في وصف معارضيهم.
قبل أقل من سنتين ( 21 آب 2011 ) بثت محطات الإذاعة والتلفزيون الليبية خطاباً مسجلاً للقذافي وصف فيه الثوار وعموم معارضيه بانهم " وسخين وخونة وجرذان"! اؤلئك "الوسخين والخونة والجرذان" هم أنفسهم الذين توسلهم القذافي بعد أسابيع، يوم قبضوا عليه في جُحر، بان يرأفوا بحاله قائلاً لهم "أنا مثل والدكم".
ومنذ أيام، وبالتحديد في 16من الشهر الجاري، وقف رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي على منصة أمام عشرات الآلاف من أعضاء حزبه ليلقي خطاباً بشأن قضية الاعتصامات والاحتجاجات في ساحة تقسيم وحديقة غازي في اسطنبول وسواهما من الساحات في العاصمة أنقرة ومدن البلاد الأخرى. لم يجد اردوغان غضاضة في استعارة أحط الكلمات من معجم اللغة لينعت المحتجين على سياساته بانهم "رعاع" و"خونة" و"مخربون"! وزاد على ذلك بوصفهم بانهم "زبالة". أردوغان لم يتلفظ بالكلمة الأخيرة، لكنه قالها عملياً بحركة من يده اليمنى، فهو طلب في خطابه من المعتصمين في تقسيم وغازي أن يتركوهما وينهوا اعتصامهم فيهما، وقال انهم إن لم يفعلوا فستعرف قوات الأمن كيف تُخرجهم من الساحة والحديقة، وترك لكفّه الأيمن المفتوح أن يؤدي حركة تشير الى عملية الكنس. أي ان ما أراد التعبير عنه بتلك الحركة ان قوات الأمن ستكنسهم ما لم ينسحبوا من تلقاء انفسهم.
سكان اسطنبول التي عاش فيها اردوغان معظم حياته يقولون ان رئيس وزرائهم الحالي عُرف في شبابه بانه من "العصابجية" قبل أن يجد طريقه الى إحدى المدارس الدينية ليخرج منها خطيب جامع معتمراً عمامة مالبث ان نزعها عند التحاقه بالجامعة.. هؤلاء السكان ظنوا ان الدراسة في مدرسة دينية قد جلبت "العصابجي" القديم الى طريق الهداية، لكن اردوغان، بما فعله في ساحات الاعتصام في اسطنبول وانقرة والمدن الأخرى وفي خطابه الأخير، دلل على ان الطبع يغلب التطبع، فعلى طريقة العصابجية وقف أمام انصاره بقيمص نصف كم ليستعرض عضلاته ويهدد " الرعاع" و"الخونة" و"المخربين"، ويتوعدهم بالكنس كما الزبالة، وعلى طريقة العصابجية أمر قواته بان تتعامل مع معارضيه البشر كما لو كانوا زبالة ليزيلوهم من تقسيم وغازي بالقوة الغاشمة.
ما من سياسي يحترم نفسه يستسهل احتقار شعبه أو شريحة منه حتى لو كانت معارضة له. ففي البلدان الديمقراطية المتحضرة يحظى المعارضون بكامل التقدير والاحترام، ببساطة لأنهم سياسيون، ولأنهم بمعارضتهم يقدمون للحكومة خدمة لا تقدر بثمن بتنبيهها الى أخطائها وعثراتها. وما فعله رجب طيب اردوغان بمعارضيه كان عملاً عصابجياً بامتياز من طراز أعمال القذافي.
جميع التعليقات 3
علي محمد
تحياتي للعزيز أبو فرح الوصف الذي ذكرته ينطبق على صدام وليس القذافي. فكليهما كان عصابجياً وصعد إلى السلطة.
عادل الوردى
تحياتى لكم سافترض مسبقا حسن النيه لدى السيد عدنان حسين فى كتابته ونقده الشديد الى اردوغان لانه كما عودنا مدافعا عن قيم الديمقراطيه و اتمنى ان يفترض حسن النيه فى دفاعى البسيط عنه ان اردوغان يمتلك جماهيريه وانتخاب شعبى له ولحزبه وباسلوب ديمقراطى لم يتيسر لا
bassem
تتهمون غيركم انهم غير ديمقراطيون فى الدول العربية وتعجزون على اظهار تعليقى على مقالقم بشاءن اردغان . هذه الديمقراطية والا بلاش . انا ليس لى اى التقاء مع اردغان وتوجهاته الاسلامية وخاصة تقييد حرية الفرد بقوانين اسلامية اكل الدهر عليها وشرب . انما اردت بكتا