اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > قبل وبعد رحيل ... (ياسين عطية)..شهقات حنين اللون.. مباهج أحزان الرسم

قبل وبعد رحيل ... (ياسين عطية)..شهقات حنين اللون.. مباهج أحزان الرسم

نشر في: 21 يونيو, 2013: 10:01 م

  أسعى لان أشد من أزر ذاكرتي-هنا-كي أعينها وصولا لمحتويات القرص المضغوط الراحل(ياسين عطية) والذي تركه الراحل(ياسين عطية)معنونا باسمي في قاعة(حوار للفنون)كانون الثاني/2012،متيحا لي فرصة تملي وفحص مجموعة حانية من تجاربه الشقية في تنامي استغراقاته

 

أسعى لان أشد من أزر ذاكرتي-هنا-كي أعينها وصولا لمحتويات القرص المضغوط الراحل(ياسين عطية) والذي تركه الراحل(ياسين عطية)معنونا باسمي في قاعة(حوار للفنون)كانون الثاني/2012،متيحا لي فرصة تملي وفحص مجموعة حانية من تجاربه الشقية في تنامي استغراقاته اللونية فوق حقول لوحاته المتمردة على مألوفية أنساق التلقي العادي- اليومي، متحديا تثاءبات بطء وتكاسلات الرتابة وحيرة ذلك الإحساس المضني بعزمه على اتمام تنفيذ وتلبية رغبات وأمان ومشروعية أحلام، كان قد حسم قرار تلبيتها بالرحيل تاركا وطنه تحت جنح ليال الغربة لائذا بالمنفى مثل الكثير من العراقيين الذين تنادوا الى هذا الاختيار الاضطراري.
لم نلتق منذ ذلك الحين-فقط- تحادثنا عبر(الموبايل) هو في(الدنمارك)وأنا في(بغداد) بعد أن كتبت مقالا عن شهقات حنينه الطاغي لما تركه في العراق طوال صبر سنوات لم تنقطع فيها ينابيع الشوق بسير تدفقها المتنامي وفق مجريات الرسم، نحو ما كان ينشده (ياسين) .
نشر المقال-حينها- في أحدى الصحف المحلية وأطلع عليه اعجابا وتأكيدا لقلق ذاته المبدعة عبر احدى مواقع التواصل، ناقلا فرح مشاعره واندهاشات توصلاتي لما كان يصبو في متن تجربته تلك، لم نلتق بعدها الا على نبأ فاجعة رحيله نهاية شهر(مايس (2013 أثر انفجار مريع لسيارة مفخخة سلبت روحه وأرواح غيره ممن كانوا معه-مصادفة وقدرا-في مطعم شعبي في احدى محال بغداد!).
*****
تسللت أعمال مجموعة (ياسين عطية/1963)تلك عبر مسارب تعويض اجرائي متمرس دفع(ميكانزمات) التعبير لديه باللون وسطوة الخط وغرابة الموضوع وتداخلاته مشفوعا بقدرات احترافية نحو شحذ وسائل الدفاع والتمويه بالرسم، حين راح يحتمى بدواخل ذكرياته وذخائر أحاسيسه المتناوبة ما بين جمرات حنين طاغ للطفولة وأيام الصبا والمراهقة جنوب العراق/ميسان)حيث يفاعة وطراوة أبهى مراحل عمره، و ما تلا من مكملات سنوات الدراسة الأكاديمية والعيش في بغداد حتى ساعات ترجمة قرار منفاه الى واقع أولي - اضطراري في(الأردن/عمان)أولا، ثم(أوربا /الدنمارك) وها أنا أعيد تهجي تركات اعماله، التي تناولتها في ذلك المقال، مذيلا بتقييمات أخرى، تتناول ما تلا تلك الأعمال التي تسنى لي متابعتها وفحصها بمجهر ذلك التقييم (أولا)،ثم(ثانيا) استكمالا لجوانب مضافة من تجربته وبعض وفاء لهذا الفنان الذي ترك-برحيله- فارغا واضحا في بنيان مساحة التشكيل العراقي الحالي.
*****
مابين نزوع فكري قلق وتطلع للمستقبل أكثر قلقا تراوحت درجات مخاوف(ياسين عطية)وهواجسه مع تصادمات واقع ملتبس، امام تفرد ومحاولات تثمين استمرار تجربته بمسك أذيال تلك اللحظات الخارقة والخاصة في حياته اللاحقة والتي تشبه-بشيء ما- مع ماكان ينشده السورياليون في توقهم وزهو اقترابهم من عوالم الغرابة بتحويرها الى مصدات وتوريدات بصرية-ذهنية نشطة أسهمت في تمرير خطابتهم وتلوين أفكارهم وامكانيات تصوراتهم في خلق معدلات مدهشة ومقبولة - معا- في ذات ايجاز التماهي ووضوح أهداف تماثلهم مع تلك الغرابة الماثلة في أعمالهم، والتي نلمس ببعض ظلالها في أعمال (ياسين عطية) .
لقد تفاقم الحزن وتضاعف في أول مفترق أعترى نزعاته الأسلوبية عبر مجموعة تخطيطات أضحت تمهيدات نفذها بالاحبار الصينية منتصف تسعينات القرن الماضي، مستلذا بطاقة فعلها وقوة تعبيرها وليونة حركاتها وسهولة اجراء مثل تلك التمارين القريبة من غايات محاولات تبديد شحنات انفعالية متوالدة من مواقد وجمرات حنين يتضح ويختفي في نوبات صدق تعامله مع اللوحة، مقرونا بحذر أو تغليس من مغبة أغواءات اللون كبعد درامي يحادد فكرة الضياع أو البحث عن خلاص، حاول الفنان تمهيد غاياته بعيدا عنه (اي اللون) الا في حدود معينة،،مسعينا برشاقة وقوة الحركة وكثافة المحصول التعبيري والإيحائي التي يختزل بها الفنان أغلب تخطيطات هذه المرحلة (عمان) بما يؤشر صوب ميل واضح لخلق حالات درامية تباغت بنوع من تأثر ضمني ايحاءات واستذكارت حسية، تتنامى عبر تفويض متعة اللعب على سطوح ورقية عززت لديه ثقة المراس النوعي في الوصول الى تهيئة (اسكيتشات) أولية ستعينه، لاحقا على تصعيد بناء تجربته المعتمدة -أصلا- على طاقة وقوة الرسم الأكاديمي ،كونها تضيف أبعادا توليدية عبر أحتكامات وعيه لجوانب اتقان طرائق التعبير والتجريد وسبل الجمع بينهما في خلاصات أعمال كنا قد ألفنا مشاهدتها ومتابعة أجزاء منها عبر إسهامات ومشاركات سابقة له داخل العراق وخارجه. 
يعطى(ياسين عطية) للألوان فرصة المثول ناصعة، متمردة-ببهاء وفتنة- عبر معمار موضوعات متداخلة ومضوية تحت ثريات تلك الألوان (اكريلك)ومعاجين ومواد أخرى اضافة الى تنويعات رائقة برهافة وميزة ما جاءت تحمله الأعمال المائية (وتر- كلر) في محاولات ضخ ودمج حشد من أفعال وعلاقات وتمهيدات سلوكية ولوازم و محددات وجوه لأشكال آدمية و حيوانية ومقتنيات طفولية واستعارات شكلت عالما مكتظا بنوازع وهموم واسترجاعات وجدانية توالدت من خطوط قوية وحادة وأخرى حانية وزوائد واستطالات قصدية واعتماد ترك تداخلات وزحافات بصرية تقع في منأى عن اللون ومراتعه (ملامح وجوه/أقدام/موحيات ولوازم سفر/أمتعة وغيرها من مفردات يومية) يعادلها بايجاز وتكثيف واحتشاد مساحة معينة ليتركها تهيم في فراغات تغدو كبواعث لتلك الموجزات الشكلية وهي تتواءم في فلك معادلة تقوم على مبدأ شدة الانتباه وتركيز المشاهد نحوها، دون التنازل عن حرارة حدس اللون كقيمة ومعنى عام لوسيلة اجرائية مناسبة ودالة سعت ونجحت الى أجترحتها ذاكرة وذائقة هذا الفنان بفائض قيمة القصد وهو يوزع على منواله أشلاء متناثرة على سطوح التصويرية، وهي تحمتمي بنظام خاص، يتقصد إرباكنا واحداث خرق فعلي وحتمي في طبيعة التلقي وطريقة التأويل والاستثارة الواعية لجوهر الغرض الذي تنشده أعماله الاخيرة، حين تلامس-بوضوح- درجات وعي وفهم معاصر، يستمد مقدرات تنفيذه للرغبات وامتدادت الأماني واحلام مؤجلة وخسارات وغيرها من مشاعر وانشغالات عاطفية، تنوء بحملها لوحات (ياسين عطية) بحكم وفرة المعنى وكثافة الفعل وتواثب الحركة بفرض مهارات توسيع الحدث واستعادة لذكريات ومراثي حنين تفيض بها أنفاس تتضوع في مهاد أغلب أعماله ساعة اقترابها من جوانب ايحائية قد تداني أجواء سوريالية-حدسية تشي وتندغم بروح ونكهة التجريد المحض، لتفيض بملامح تعبيرية لا تستقل بوجودها دون تلك الفوضى الإبداعية والإرباك المتنامي من جوهر الوعي الحاصل جراء ابراز قيمة الموضوع ولوعات واستذكارت انفعالية تتدافع بحرية من منجم درجات تناغي اللون واستنطاق دلالاته الموحية والرامية الى توحيد صفوف الرسم باتجاه ضمان متعة حاسة الابصار في أول استهلالات الدخول لمنجزاته البلاغية ساعة تفصح عن خطابات فنية إبداعية مركبة الطرح، عميقة التأثير والأثر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram