لم تجد جماعة الإخوان المسلمين بين أبناء الشعب الأردني من يشاركها مسيرتها الفولكلورية الجمعة الماضية، بعد فشلها سابقاً في تحشيد أبناء العشائر تحت راياتها، فلجأت إلى اللاجئين السوريين، المنتمين إلى نفس التنظيم العالمي العابر للقوميات والحدود الوطنية، لتزج بهم في ما ليس لهم به علم، وليردد هؤلاء هتافات تنطلق من شاحنة يعتليها شاب منتفخ الأوداج، يقرأ هتافاته من ورقة كتبها له أصحاب الرؤوس الحامية، دون أي حسابات للمصلحة الوطنية، وفي مناكفة سياسية مبرمجة وواضحة الأهداف، للحكومة كما يبدو للوهلة الأولى، لكنها تصب في النهاية في طاحونة العداء للدولة، وذلك للأسف ما لا يدركه كثيرون.
مشاركة نوعية محددة من اللاجئين السوريين في مسيرة الإخوان، وهتافهم ضد النظام الأردني، استجرّت على مواقع التواصل الاجتماعي كمرحلة أولى ومباشرة، ردود فعل غاضبة من الأردنيين، الذين اعتبروا ذلك تطاولاً على دولة استقبلتهم ومنحتهم الأمان الذي افتقدوه في وطنهم، وذلك رد فعل أولي نأمل أن لا يتطور إلى شعور عام بالعداء لكل الأشقاء السوريين، الذين يشعرون بالامتنان لبلد أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف رغم أن به خصاصة، ورغم أن بعض أبنائه يعانون عنتاً في تأمين الرغيف وقطرة ماء الشرب.
لم تكن تعليقات الأردنيين على خطأ السوريين المشاركين في مسيرة الإخوان جارحة، لكنها كانت تنضح بالألم، فقد أعطتهم الحق في المطالبة بأمور تخصهم إذا كان هناك تقصير من الدولة الأردنية تجاههم، وشدّد المعلقون أن ممارسة الحقوق السياسية هي حق للمواطنين فقط، وطالبهم البعض بالتظاهر في سوريا ضد نظامهم بدل أن يكونوا أداة في يد بعض المعارضين، الذين أوهموهم أن المسيرة مخصصة للتنديد بنظام الأسد وتدخل حزب الله، وقبل ذلك وأثناء المسيرة كان رجال الدرك يتصرفون بناءً على أوامر قياداتهم بإيجابية، فيمنعون ويمتنعون عن اتخاذ أي إجراء أو تصرف ضد السوريين المنخرطين في مسيرة إخوان الأردن.
معروف وواضح أن السوريين المتواجدين في الأردن اليوم لا ينتمون إلى فئة معينة، فهناك الفقراء الذين يموتون في مخيمات اللجوء، دون أن تتوفر لهم أدنى متطلبات الحياة، في ظل تجاهل دولي بائس لبؤس حالتهم، وعجز أردني عن تقديم ما يحتاجونه، لكونه لايمتلك أدوات ذلك، وهناك من ينتمي لتنظيم الإخوان في سوريا، وهؤلاء لايمرون بمخيمات اللجوء، وهم يعيشون في المدن الأردنية برفاهية يحسدهم عليها المواطنون، ويتلقّون دعما مؤكداً من تنظيم الإخوان في الأردن، ويزاحمون على وظائف يحتاجها الأردني العاطل عن العمل، ويتقاضون أجوراً أقل تدفع أصحاب العمل لتفضيلهم مع خبراتهم المؤكدة.
السؤال المطروح، هل يدرك أبناء تنظيم الإخوان السوريين المتواجدين في الأردن، وهم ينعمون بالأمن والأمان ورفاه العيش، أنهم بانخراطهم في قضية لاتخصهم، ولاتخدم قضية شعبهم، إنّما يضعون أشقاء لهم، يعانون العيش في مخيمات اللجوء في وضع غير مريح، ويستعدون عليهم المجتمع الذي احتضنهم، وحاول وسعى لتوفير احتياجاتهم، استجابة لنداء الأخوة الإنسانية ومشاعر التعاطف مع المظلوم، وأنهم بذلك يكونون اتخذوا موقفاً ضد مواطنيهم، أقسى وأكثر ظلماً من مواقف النظام، وهل يدرك أصحاب الأجندات القادمة من خارج حدود الأردن أنهم يزجّون اللاجئين السوريين في معركة ليست لهم، ولا هم بحاجتها ولا هم مؤهلون لخوضها.