اعترض بعض الزملاء من الكتّاب والإعلاميين، وأيضاً أصدقاء من البرلمانيين، على حملة إلغاء تقاعد أعضاء مجلس النواب، جملة من الاعتراضات، منها، أن استهداف أعضاء البرلمان وترك غيرهم من أصحاب الدرجات الخاصّة ممن يتمتّعون بامتيازات تفوق في بعض الأحيان امتيازات البرلمانيين، أمر يجانب الإنصاف. ومنها أن التقاعد ليس هو الأولوية بالنسبة لبلد يقف على هاوية الحرب الأهلية، ويخسر عشرات الضحايا يوميّاً بسبب الإرهاب، فضلاً عن خسارته الأموال الطائلة بسبب الفساد.
إضافة إلى اعتراض آخر يتعلق بصعوبة إقناع أعضاء البرلمان بالتصويت على تشريع يسلب ما يعتبرونه حقوقهم التقاعدية. ما يعني أن الحملة محكوم عليها بالفشل. وأنا، وباعتباري داعماً للحملة ومقتنعا بأهمية الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه، أريد أن أناقش هذه الاعتراضات.
الاعتراض المتعلق بامتيازات الدرجات الخاصَّة، اعتراض مهم، والحملة لا تستهدف تقاعد أعضاء مجلس النواب نكاية أو تنكيلاً بهم، بل هي تفعل ذلك كخطوة أولى على طريق إعادة الأمور إلى نصابها، بضمن ذلك رواتب وامتيازات الدرجات الخاصَّة. ولكن الوصول إلى مرحلة مناقشة امتيازات الدرجات الخاصَّة، لا بد أن يمر أولاً، بخطوة مناقشة امتيازات أعضاء مجلس النواب، جرياً على قاعدة: لا تنه عن خلق وتأتي مثله؟
اما بالنسبة لموضوع أولوية التقاعد بالنسبة لبقية مشاكل البلد، فصحيح، يجب تقديم أهميّة إنقاذ الأرواح على أهميّة متابعة الفساد، وتقديم متابعة الفساد على ملاحقة الامتيازات التي تعطى وفق القانون، لكن لا يمكن لنا أن نعترض طريق نشطاء يتبرعون لنا بحملة يستنقذون خلالها حقوقنا بحجج من هذا القبيل. أقصد لنتركهم وهدفهم ونتحرك نحن باتجاه ما نعتقد بأن له الأولوية، ولا أعتقد أن تعدد حملات المدافعة أو استنقاذ الحقوق يضر بالمصلحة العامة.
أما بالنسبة للاعتراض الأخير، والذي يتعلق بامتناع تصويت البرلمان على قانون يسلب حقوق أعضائه، فهو الآخر اعتراض وجيه، وهو تحدٍّ كبير يواجه الحملة، وقد ناقشت هذا التحدي مع أصدقاء، طرحوه ضمن جلسة ناقشنا فيها تحديات الحملة وقلت لهم؛ إن أموال الشعب أمانة بأعناق أعضاء البرلمان، وهم المسؤولون عن حمايتها وتوزيعها على مستحقيها بشكل مُنصف، فإذا اخفق هؤلاء الأعضاء بحمل هذه الأمانة وتورطوا هم بالمشاركة بتضييع هذه الأموال، يصبح لزاماً على الشعب أن يتولى دوره ويعيد ممثليه إلى صوابهم، من خلال مطالبتهم بتفعيل دورهم، فإذا أصرّوا على خيانة الأمانة، فبينه وبينهم صناديق الاقتراع، التي يستطيع من خلالها، لو أراد، أن يدفع لمجلس النواب ممثلين أكثر أمانة وحرصاً من غيرهم، يعملون على تحقيق مطلبه هذا في الدورة التشريعية المقبلة.
أولويات مُعطَّلة
[post-views]
نشر في: 23 يونيو, 2013: 10:01 م