TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لبنان.. بين سيادته وأمنه

لبنان.. بين سيادته وأمنه

نشر في: 26 يونيو, 2013: 10:01 م

الصواريخ التي استهدفت قبل أيام القصر الجمهوري اللبناني ومحيط وزارة الدفاع، تؤكد أن التفلّت الأمني وتجاوز القانون أصبح شعار المرحلة الراهنة، والواضح أن محاولة ترهيب الرئيس ميشال سليمان، تأتي رداً على مواقفه الأخيرة ضد التعديات التي يمارسها الجيش السوري على مناطق لبنانية حدودية، ورفضا لموقفه المناهض لتدخل حزب الله "اللبناني" العسكري في الأزمة السورية، غير أن كثيراً من الذين يعرفون الرجل، يؤكدون أن هذه التهديدات ستجعله أكثر صلابة في مواقفه، خصوصاً وأن هناك حملة كلامية يشنها ضده أنصار الرئيس الأسد والموالون للنظام الإيراني، باعتبار أن على قيادات لبنان أن تكون تابعة، ولا رأي خاصاً بها تجاه ما يجري في وطنها، فيما نرى أن الرئيس سليمان يمتلك رؤيته المستقلة النابعة من المصلحة الوطنية، وهو بذلك يحاول اتخاذ بعض القرارات والإجراءات السياسية التي تحفظ هذه المصلحة.
يجادل البعض بأن رئيس الجمهورية تجاوز صلاحياته، حين توجه برسالتين إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، شاكياً الخروقات السورية، ومتجاهلاً أن هناك معاهدات أمنية وتعاون وأخوّة بين لبنان وسوريا، يلتزم بها مجلس النواب اللبناني ومجلس الشعب السوري، وأن رسالتيه تمثلان خروجاً عن المعاهدات الثنائية بين البلدين، وخرقاً غير مقبول لهما، ويعتبر هؤلاء أن الرئيس تخلّى عن موقعه الوسطي، وانحاز إلى فريق 14 آذار، وبات واضحاً أن أفكاره وقرارته تتطابق مع البيان الذي صدر عن تلك القوى، بخصوص ما يجري في سوريا، ويخرجون من هذا التبرير إلى مهاجمة موقفه من التمديد للمجلس النيابي، وكذلك عدم وضوح موقفه في موضوع تشكيل الحكومة، المكلف بها تمام سلام منذ أكثر من شهرين.
معلوم أن موقع رئاسة الجمهورية في لبنان تعرض للتهديد أكثر من مرة، وأن رئيسا جمهورية قتلا، وأيضاً ثلاثة من رؤساء الحكومة، ذلك يعني أن من يتصدّى لشغل أي من الموقعين، يضع نفسه في دائرة الخطر المؤكد، ناهيك عن شاغلي الكثير من المواقع التي تحتاج الى مواقف فكرية أو سياسية، كالعمل الصحفي أو النيابي، أو باختصار العمل العام، والمؤكد أن سليمان لم يقم بأي خرق للدستور، عندما أعلن الانتهاكات السورية على لبنان، إذ أن الاعتداء السوري سافر وموثق، ومن واجب الرئيس ومن مهمات موقعه القيام بما قام به في هذا الخصوص، على الأقل هذا مايقوله مؤيدوه، ومعهم كل من يرفض تدخل حزب الله في معارك سوريا، على أسس طائفية، وهو تدخل استثار مشاعر طائفية دفينة عند كل اللبنانيين، كانت بانتظار الفرصة لتتفلّت من عقالها.
حالة الفلتان الأمني انتقلت إلى صيدا، على وقع الاشتباك بين أنصار الشيخ الأسير والجيش اللبناني، وهذا التصعيد يأتي استكمالاً لأحداث طرابلس، واستهداف مقر رئيس الجمهورية، لكنه مع كل ذلك يظل محدوداً والأمل أن لايتطور، على خلفية تسريبات متعمدة عن خطط عسكرية جاهزة لحزب الله للتعامل مع هكذا تطور، وهي خطط تلحظ أن الحزب هو القوة الوحيدة، القادرة على إخراس الآخرين جميعاً بدون استثناء، وبدون أي حساب للدولة اللبنانية، وبديهي أن كل هذه الأحداث ترتبط بشكل وثيق بما يجري في سوريا، وأن ما بنته دمشق في وطن الأرز طوال عقود من هيمنة الجيش السوري على لبنان، لم ينهار بالكامل بعد انسحابه، وأن هناك الكثير من بؤر التأييد للنظام السوري، تماماً كما هناك الكثير من المعادين والرافضين لأي نفوذ سوري في لبنان.
تقف الدولة اللبنانية اليوم بين خيارين أحلاهما مر، سيادة القانون واحترام الدستور، أو الحفاظ على الأمن الهش، والمؤكد أن الحال الراهن لايسمح بالجمع بينهما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسني البورظان

    كلامك يا استاذ هو عين الصواب ...فقط عندما نراه يقدم شكوى ضد الاعتداءات و الخروقات الاسرائيلية المتكررة...الخيانة و العمالة ليست وجهة نظر

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram