كنت، الى حد قريب، أتصور ان مصطلح "الدم البارد" يخص القتل، ومن ذلك يقال عن الضحية "قُتِلَ بدم بارد". فهمي لمعنى المصطلح، ولا أدري إن كنت مصيبا أم لا، أنه يخص "دم" القاتل وليس القتيل. فصاحب الدم البارد يوحي لي بأنه عديم الإحساس متبلد الضمير.
الآن، وبعد أن قرأت تصريحا لمسؤول أمني عراقي يوم الخميس الفائت، أيقنت بأن هناك من يصرّح بدم بارد. لا بل وهناك من يسرق ويكذب ويزوّر وينتحل ألقاباً وصفات ويشتم ويحكم بلدا ويدمره بدم بارد أيضا. صرّح المسؤول، بعد ثلاثة انفجارات متتالية استهدفت احد البارات ببعشيقة، أن "هذه الانفجارات بمثابة رسالة تهديد لأصحاب البارات ومتاجر بيع المشروبات الكحولية". الغريب انه يتحدث عنها، بدم بارد، وكأنها لا تهمه أو أنها خارج حدود مسؤولياته. لا يا روح امك، إنها رسالة لك ولحكومتك. أتعرف أيها "المغوار" ان الإرهابي اذا وجه رسائل لمن يشاء ومتى أراد فهذا يعني انه "مستفلك" الحكومة لا بل وحتى الدولة، إن وجدت. هل أنت متأكد يا هذا بانك تعرف تقرأ الرسائل جيدا؟ والله اشك انك أنت من لفظ كلمة "بمثابة" إذ اشعر انها من عنديات محرر الخبر وليست منك.
عندما يستطيع الارهابي، مهما كان دينه او مذهبه، وفي اي بلد مهما كان شكله او لونه، ان يختار الضحية والوقت المناسب لتنفيذ جرائمه على هواه، فان الحكومة، وأقولها بكل صراحة جبانة.
الحكومة، خاصة إن جاءت عن طريق الانتخابات، عليها ان تعامل كل ابناء الوطن على أنهم أبناؤها. شيعة كانوا أم سنة، عربا أو أكرادا أو تركمانا أو غجرا، مسلمين او مسيحيين أو صابئة أو شبكا أو ايزيديين. ولا تتبرأ من مسؤولية حمايتهم ان كانوا يصلون أو لا يصلون، يسكرون او لا يسكرون، يغنون او يتعبدون، يرقصون أو يلطمون. فقط تتبرأ من القاتل والسارق والفاسد والذي لا يصلح للعمل الشريف والصادق.
أليس جبانا من يُقتل أبناؤه أمامه وينام ليلته هانئا؟ أو ليس جبانا، أيضا، من يترك رقاب أولاده تحت رحمة يد قتلة يحددون بأنفسهم، وحسب توقيتهم، ساعة وطريقة ذبحهم وهو لا يعترف حتى بعجزه؟
كم من الايزيديين لوحدهم استشهدوا في زيونة والكرادة وفي عموم العراق؟ فلو كان هؤلاء حقا ابناء الدولة "الجديدة" او سموها الحكومة، فهل سيلوذ أصحاب الدولة والسعادة والمعالي بالسكوت؟
أقولها واتحمل مسؤولية قولي: إن من لا يحمي البارات، يكذب لو ادعى القدرة على حماية الجوامع والكنائس والحسينيات.
ان ما حدث في بعشيقة، ومن قبلها في زيونة والكرادة من جرائم بحق الايزيديين وغيرهم، ليس رسالة من الإرهاب لأصحاب البارات، بل للحكومة تقول:
احنا النلعب شلّم بلّم .. إحنا المامش ردّاد النه.
الإرهاب: إحنا النلعب شلّم بلّم
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2013: 10:01 م