TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الجواب عند الحكومة

الجواب عند الحكومة

نشر في: 30 يونيو, 2013: 10:01 م

لا جديد في التقرير الأخير لمنظمة الشفافية العالمية، باستثناء انه يعيد مواجهتنا بصورة لا ننساها أبداً، هي صورة دولتنا الفاسدة حتى النخاع. فكل ما جاء في التقرير، كما التقارير السابقة، نعرفه ونعيشه على مدار الساعة، لكنه يُلفت هذه المرة على نحو أوضح الى حقيقة العلاقة بين الفساد المالي والإداري وأعمال العنف والإرهاب.
التقرير وجد مجدداً أن العراق لم يزل في رأس قائمة الدول الأكثر فساداً، ولاحظ أن "عمليات الاختلاس الضخمة وأساليب الخداع وغسيل الأموال وتهريب النفط وحالات الرشاوى والبيروقراطية المنتشرة قد رمت بالبلاد" في هذا الحضيض، وأوضح انه كانت تجري على مدار سنوات متتالية "عمليات تهريب كبرى للنفط" استخدمت أموالها في "تمويل كبار المجاميع السياسية والدينية وشخصيات ومجاميع إجرامية مسلحة ومليشيات".
وعدّ التقرير "وزارتي الداخلية والدفاع من أكثر مؤسسات القطاع العام تأثراً بحالات الفساد، وغالباً ما تُوسم صفقات السمسرة والعقود العسكرية بفضائح فساد"، واشار الى أنه بالرغم من "مبادرات البلاد في مكافحة الفساد وتوسع أطر العمل في هذا المجال منذ عام 2005 لم يستطع المسؤولون لحد الآن ايجاد منظومة نزاهة قوية وشاملة في البلاد"، مبيناً أن "التدخل السياسي في عمل هيئات مكافحة الفساد وتسييس قضايا الفساد وضعف منظمات المجتمع المدني والافتقار إلى الأمان والموارد ونواقص الشروط القانونية قد حجّمت بشكل كبير من القدرة على كبح ظاهرة الفساد المستشرية".
وخلص التقرير الى ان هذا كله أدى إلى "إذكاء" العنف السياسي وتعويق عملية "بناء دولة فعالة" والى "نقص" في الخدمات العامة، إذ ما يزال العراق "فاشلاً" في تقديم الخدمات الأساس بشكل كافٍ، وأن 23% من أبنائه "يعيشون بفقر مدقع".
هذه الاشارة الى العلاقة بين الفساد المالي والإداري وانفلات الأمن وتفاقم العنف مهمة للغاية، ومن المفترض أن تلتفت إليها الحكومة وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية. فالعنف والإرهاب لا يُكافحان بالقوة المسلحة وحدها. هذه المكافحة تتطلب تجفيف منابع التمويل والتسليح للمنظمات الإرهابية والعصابات الإجرامية، ذلك ان أعمال الارهاب والاجرام تجري تغذيتها وإدامتها باموال الفساد التي غالباً ما تُهرّب الى الخارج لتستقر في مستوطنات آمنة، وتكون تحت الطلب.
منذ اسبوعين نُشر في العاصمة الأردنية عمّان تقرير لدائرة الاراضي والمساحة الأردنية أظهر ان العراقيين تصدّروا قائمة الجنسيات الأجنبية الأكثر استثماراً في سوق العقار الأردني خلال الاشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، سواء لجهة عدد المعاملات أو قيمة الاستثمارات، حيث بلغ عدد المبيعات خلال هذه الفترة 773 معاملة لمستثمر عراقي من أصل معاملات الاجانب البالغة 2160 معاملة، فيما جاءت الجنسية السعودية بالدرجة الثانية بعدد 401 معاملة والكويتية بالمرتبة الثالثة بمجموع 232 معاملة.
وأشار التقرير إلى ان قيمة استثمارات العراقيين بلغت زهاء 129 مليون دولار، مشكلة ما نسبته 53 % من حجم القيمة السوقية لبيوعات الجنسيات الأجنبية.
الأردن ليست السوق الوحيدة لهذا النشاط ولا هي الأكبر، فبموازاتها توجد أسواق مماثلة في الامارات ولبنان وبريطانيا وفرنسا وحتى الولايات المتحدة تتدفق عليها مليارات الدولارات العراقية المُهرّبة.
 كيف تخرج هذه الدولارات؟ ومن يملكها؟ وماذا يفعل بها مهربوها؟
الجواب عند الحكومة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram