TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ماذا لو كان شحاتة "سُنّيّاً"

ماذا لو كان شحاتة "سُنّيّاً"

نشر في: 1 يوليو, 2013: 10:01 م

هل كان لابد أن يقتل ويسحل المواطن المصري حسن شحاتة لكي يعرف السيد المالكي، أنّ محمد مرسي حاكم مستبد لا يحترم رغبات شعبه.. وأن الإخوان المسلمين الذين كان يحبهم المالكي ويحترمهم ويتعاون معهم.. هم من يغذون الحرب الطائفية؟
أتمنى عليك عزيزي القارئ أن تعيد معي عقارب الساعة إلى يوم 5/2/ 2013، وتأمل معي الصورة المنشورة في معظم الصحف المصرية لذلك اليوم.. ودقق جيدا في اللحظة "التاريخية" التي تشابكت فيها الأيدي وانظر إلى ابتسامة المالكي التي توحي بمدى علاقة الود والمحبة التي تجمعه بمرسي.. تلك الصورة التي مضت عليها خمسة أشهر فقط، دفعت المالكي إلى أن يأمر بوضع أربعة مليارات من أموال العراق في البنوك المصرية لإنقاذ حكومة مرسي من الإفلاس.. وان يصدر فرماناً "حكومياً" بمنح قاهرة "مرسي" أربعة ملايين برميل نفط شهرياً.. منح المالكي والقُبل والأحضان بينه وبين مرسي تخبرنا بوضوح أن ما بين الرجلين من وشائج أكبر وأعمق من خلاف عابر على قضية تافهة اسمها " دماء المواطنين ".
لقد عشنا جميعاً من قبل مع العرض الذي قدمه السياسيون ومعهم الحكومة لمناصرة شعب البحرين، وشاهدنا كيف ترقرقت الدموع في أعين البعض من النواب وهم يرون حادثة الشاب البحريني الذي دهسته سيارة حكومية.. وكيف شمّر البعض عن سواعده وقرر أن يبحر في سفينة تنقذ البحرانيين من بطش حكومتهم، وقبل أن يحاول البعض تفسير الموضوع باتجاهات أخرى فإنني مع الشعب البحريني في دفاعه عن حقه بالحرية والمساواة ومطالبه العادلة في إقامة نظام دستوري، وايضاً كتبت في هذا المكان ضد جريمة قتل مجموعة من المواطنين المصريين "الشيعة"، لكني اتحدث عن المنهج يتبعه الكثير من المسؤولين وقادة الكتل السياسية الذين لا يعترفون بالآخر، ويرون أن الحل في أزمات سوريا والبحرين ومصر هو في تحويل شعوبها إلى قبائل وطوائف، كل منها تبحث عن مظلوميتها.
لقد امتلأت صفحات الفيسبوك وافتتاحيات الصحف بشجب ما حدث للشيخ شحاتة، وذهب الأمر بوزارة التربية أن تغير اسم احدى مدارسها من الأزهر إلى حسن شحاتة.. وخرج علينا رئيس مجلس محافظة الديوانية ليعلن تسمية احد شوارع المحافظة باسم شهيد "الولاية" حسب تعبيره".. فيما صوت مجلس محافظة النجف بكامل أعضائه على تغيير اسم احد الشوارع الرئيسية في المحافظة إكراما للتضحية التي قدمها الراحل شحاتة حسبما اخبرنا أيضا السيد رئيس مجلس محافظة النجف.
هذا التضامن مع الشيخ حسن شحاتة أمر جيد ومهم، لأننا جميعا ضد انتهاك حرمة الإنسان.. إلا أن الغريب ان رئيس مجلس الوزراء و أصحاب " المعالي " من الوزراء والنواب أصيبوا بداء " البكم والصم " إزاء الحادث المروع الذي تعرض له مدرب عراقي من قبل عناصر في قوات " سوات ".. ولم يصدر حتى هذه اللحظة بيان من مكتب القائد العام للقوات المسلحة المشرف على قوات " السَّحْل والقتل "، ليقول للناس ان هذه القوات أخطأت.. وان ماجرى يعد جريمة بحق الإنسانية، كما وصف المالكي ما جرى لشحاتة..
أليس من حق المواطن العراقي "محمد عباس" ان يخصص السيد المالكي جزءاً من وقته لمعرفة، لماذا حصل له كل هذا، ومن المسؤول عن هذه الجرائم التي ارتكبها أفراد يفترض أنهم حماة القانون والعدالة؟ أليس من حق "الضحية العراقية" أن تلتفت الحكومة لمناقشة الأساليب الوحشية التي اتبعتها القوات الأمنية معه، ومحاسبة من يمارس التعذيب ومن يصدر الأوامر بذلك؟
لقد استمعنا قبل يومين لرئيس مجلس الوزراء وهو يقول إن "العراق تقدم كثيرا في مجال حقوق الإنسان" "، وأسأل ماذا تعني هذه الكلمات لعراقيين يتعرضون يومياً، لهذا الفعل الوحشي، لقد استهلكت القوى السياسية ومعها الحكومة كل طاقاتها في معارك جانبية لا تصب في مصلحة الناس، وشاهدنا كيف وقف عدد من نوابنا الأشاوس يذرفون الدمع على ما يجري من انتهاكات في تركيا.
لقد قدم العراقيون تضحيات كبيرة وغالية من أجل الحرية والانعتاق من جمهورية الخوف والتسلط، للأسف كشفت لنا السنوات الماضية، بوضوح أن هناك من لا يريد للرعب أن يختفي من ذاكرة الناس،، بدليل أن قطار القمع والانتهاكات لا يزال يمضي في طريقه وكأن شيئا لم يتغير، فالحكومة مصرة على إعادة تشغيل ماكنة إهدار كرامة الناس والعبث بحياتهم.
السيد المالكي.. الناس يريدون إجابة على سؤال يؤرقهم وهو لماذا لا نجد صوتاً حكومياً يشجب قتل السوريين بالمئات كل يوم.... ولماذا كل خطوات الحكومة تحركها دوافع طائفية.. والأهم لو كان حسن شحاتة " سُنّيا ً" مثل العديد من المواطنين والناشطين المصريين ممن يقتلون ويسحلون كل يوم؟ هل سيذرف المالكي الدموع حزناً وأسىً؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram