اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > وزارة الصحة تصادر 55 طنا من الأدوية المغشوشة والمهربة

وزارة الصحة تصادر 55 طنا من الأدوية المغشوشة والمهربة

نشر في: 1 يوليو, 2013: 10:01 م

كلنا يعرف إن مهنة الصيدلة لها علاقة وثيقة بمهنة الطب، فالصيدلية والدواء ترجمة لما يشخصه الطبيب من مرض ويعينه من علاج ، فلا فائدة لجهود الطبيب إن لم تكن هناك صيدلية يتوفر فيها الدواء ، والصيدليات في بلدنا كانت تتمتع بدرجة من الاستقرار، فالعاملون فيها

كلنا يعرف إن مهنة الصيدلة لها علاقة وثيقة بمهنة الطب، فالصيدلية والدواء ترجمة لما يشخصه الطبيب من مرض ويعينه من علاج ، فلا فائدة لجهود الطبيب إن لم تكن هناك صيدلية يتوفر فيها الدواء ، والصيدليات في بلدنا كانت تتمتع بدرجة من الاستقرار، فالعاملون فيها من ذوي الاختصاص الذين يحملون شهادة الصيدلة ولهم الخبرة الكافية لإدارتها وعملها ، والصيدلي يمتاز بالنزاهة ،والأدوية كانت متوفرة ومن مناشئ جيدة وأسعارها مناسبة لدخل الفرد وثابتة في جميع الصيدليات . والسبب الذي يقف وراء هذا النظام الدقيق هو إشراف الدولة ودعمها وفاعلية وزارة الصحة ولجان التفتيش التابعة لها . أما الآن فقطاع الدواء ومشهد الخدمة الدوائية يتسم بفوضى عارمة هي امتداد للفوضى التي يشهدها بلدنا في جميع مجالات حياتنا، السياسية منها والاقتصادية والثقافية والتربوية والمعاملات السائدة كافة .وللتعرف على هذا الواقع المتردي للخدمات الدوائية ، وفي سبيل البحث عن الحلول المناسبة كان لنا هذا التحقيق .
دواء أصلي وآخر مقلد
فيما مضى كانت وصفة الطبيب نادرا ما تخيب أمل المريض في اكتسابه الشفاء وكان الدواء متوفرا او متشابها في جميع الصيدليات وفيه فاعلية مؤكدة، وكانت ثقة المريض راسخة وأكيدة في الصيدلي فهو على يقين بأنه صادق بعمله وتعامله من ناحية جودة الدواء وسعره الذي يكون مناسبا لدخل الفرد ، أما الآن فالمريض يقصد الصيدلية وهو مرتاب من إن يقع ضحية جشع الصيدلي وعدم فائدة الدواء الذي يشتريه ،المواطن محمد رفعت يقول : حين تقصد صيدلية بوصفة أول ما يبادرك الصيدلي بالجملة التالية "تريد الدواء الأصلي " والسؤال الذي يقفز الى ذهنك وهل هناك دواء غير أصلي ، ولا شك انه غير فعال ولا ينفع . وإذا كان لا يفي بالغرض لماذا يستورد؟ وأين الرقابة التي تمنع استيراده؟ والدواء "الأصلي"  يكون غالي الثمن يرهق ميزانية المواطن وأحيانا لا يأتي بالشفاء ويضرب مثلا على ذلك إذ يقول : ذهبت لطبيب وكتب لي نوعا من الهرمون يتوجب علي استعماله لمدة ستة أشهر ،اشتريت الدواء وكان ثمن العلبة 35 ألف دينار واستعملته لستة أشهر ولم استفد منه شيئا ،راجعت الطبيب ووضعت أمامه غلاف الدواء وأخبرته بأنني لم استفد من العلاج نظر الطبيب الى العلبة مليا وقال هذا الدواء دخل إلينا من إحدى دول الجوار وان وزارة الصحة لم تبت بأمر إجازته ،ترى كيف تسرب الى صيدلياتنا وراحت تبيعه للمواطنين دون إجازته من قبل وزارة الصحة ؟ ،وهذا مثال بسيط على فوضى الأدوية في صيدلياتنا وفوضى استيرادها وما نسأله أين رقابة الوزارة وسيطرتها على منافذ الاستيراد وتحديدها ما يجب أن يستورد ومنع ما لا يفيد؟ .
المهنة والتخصص
الصيدلة مهنة تحتاج الى الدراسة والتخصص والدورات والممارسة بعد التخرج لسنوات في المستشفيات قبل أن يتمكن المرء من مزاولتها لأنها سلاح ذو حدين تجر الى الكوارث في حال افتقار ممارسها الى الدراسة والشهادة وامتلاكه الخبرة في تفاصيلها وحيثياتها ،خاصة بالنسبة للدواء الذي يحتاج الى تركيبه داخل الصيدلية. وللأسف ما نشهده بالوقت الحاضر إن كثيرا من الذين يزاولون هذه المهنة لا يمتلكون الشهادة بل إن خبرتهم اكتسبوها من معرفتهم أصناف الدواء وأسمائه فحسب، وبعضهم من ذوي المهن الصحية ،وقد باتت مهنة الصيدلة لدى البعض تجارة كأية تجارة أخرى يستثمر أمواله فيها ، وقد سمعنا عن ذلك الذي يفتح أكثر من صيدلية ويأتي بمن ليس لديه الخبرة الكافية والاختصاص للعمل فيها وإذا ما خرجت لجان التفتيش فهناك من الوزارة ، من يخبره بأمر خروج هذه اللجان فيقوم بغلق صيدليته الى حين انتهاء التفتيش ، المواطن ماجد عبد الحميد يقول: اعرف صيدلياً بعدما أصابته الشيخوخة ترك صيدليته لابنه وابنته يديرانها وهذان لا يمتلكان التخصص والممارسة ولكنهما عرفا العمل بها من مصاحبتهما لوالديهما ،وهذا لا يجوز فللدواء خصوصيته وان الفرق بحرف واحد يقود الى الدواء الخطأ أو بقراءة خاطئة لمركب يؤدي الى دواء ربما يتسبب بحالة مأساوية.
أدوية مسروقة
ظاهرة سرقة الأدوية من المستشفيات والعيادات التخصصية الحكومية باتت منتشرة وخاصة غالية الثمن منها ، مثل أدوية علاج السرطانات ، فبعضها يصل سعره الى250 ألف دينار يسرق من المستشفيات ويباع في الصيدليات الأهلية بسعر أدنى، في حين ما يسرق هو من حصة المواطن ويتوجب حصوله عليه مجانا .
حسن إبراهيم يحدثنا قائلا : كنت راقدا في احدى المستشفيات الحكومية ولاحظت احد الممرضين يسلم كيسا لمريض خرج للتو وحينما سألت المريض عما في  الكيس قال هذه أدوية للحروق طلب مني الممرض أن أسلمها لصاحب المطعم المجاور للمستشفى ،فأدركت إن هذه الأدوية سرقت وسربت الى الخارج ، كما إن هناك صيادلة يعملون في المستشفيات يعطون المراجع المقدار الذي يكتبه الطبيب ناقصا. وبالنسبة لمرضى الأمراض المزمنة ، بعض الصيادلة العاملين في صيدلية المستشفى يسرقون حصة المريض الشهرية التي لا يتسلمها لذلك الشهر ويسربونها الى الصيدليات الأهلية وبعضهم يدعي إنها انتهت من الصيدلية .
فوضى ومتاجرة
هناك صيدليات للأسف فقدت تخصصها بالدواء وأصبحت تبيع أشياء لا علاقة لها بها، فما أن تدخل إليها حتى ترى أصنافا من المكياج النسائي كأحمر الشفاه والماكس فاكتر والريميل والماسكارا والرموش الاصطناعية والعدسات اللاصقة غير الطبية والعطور وأنواع من الحلوى ،بدعوى إنها لالتهاب الحنجرة وهي ليس كذلك وغيرها من المواد والحاجات التي لا تمت بصلة للأدوية مثل الليف والصابون والأغرب من هذا إن هناك من علق إعلانا عن بيعه كارتات الموبايلات حتى أصبحت الصيدلية تضم هجينا من مواد العطارة والأدوية، وهذا الخلط يدلل على عدم اعتزاز الصيدلي بمهنته وانه يرمي الى المتاجرة والربح الأكثر، بعيدا عن قدسية المهنة .
صيدليات الأرياف
العيادات التي يديرها خريجو المعهد الطبي أو من يعمل في المستشفيات تحت يد أطباء ، باتت منتشرة بشكل ملحوظ في الأحياء الشعبية وفي الأرياف ، فهؤلاء يفتحون دكانا أو غرفة من منزلهم ، وفي الريف يبنون صريفة ويقومون باستقبال الناس البسطاء من المرضى ويطلق الأهالي البسطاء على صاحبها لقب دكتور حيث يفحص المريض ويشخص مرضه ويكتب له الدواء ويبيعه إياه من صيدليته التي أقامها داخل ما تسمى عيادته ، حتى بات الإقبال على هذه العيادات ملفتا للنظر خاصة في الفترات الانتقالية للموسم وما تأتي به من أمراض كالرشح والزكام والتهابات الصدر وغيرها في موسم الشتاء والإسهال التيفوئيد والديزانتري في موسم الصيف ،عدا زرق الإبر والتضميد وربما تمادى البعض الى معالجة أمراض معقدة ، ولا ندري أين هي رقابة وزارة الصحة من كل هذا ؟.
باعة الأرصفة
تراهم في أماكن عدة من العاصمة والمدن ،يقفون وراء بسطياتهم التي افترشوا عليها أدويتهم المختلفة ، مراهم ، كبسول ، حبوب ، زجاجات شراب وأجهزة طبية من ماركات غير مألوفة ومعظمها غير متوفر بالصيدليات ، إنهم يمارسون تجارتهم بكل حرية ودون خوف من رقابة صحية أو حكومية ،يصطادون المغفلين ولا يقدر عليهم إلا المحنك ذو الخبرة ، فصنف من الدواء يعرضونه بمئة ألف دينار وبعد المساومات يستقر على سعر عشرين ألفا أو خمسة عشر ألفا . المواطن حيدر سلمان يقول: المشكلة في هذه الأدوية انك لا تعرف مصدرها ومن الذي يقوم باستيرادها وهل هي فاسدة ؟، كما يقال إن بعضها يصنع  ويعبأ بأيدي هؤلاء الباعة أو غيرهم ومن مواد غير معلومة بعبوات وكبسولات وبزجاجات فارغة لا تدري حقيقة فائدتها أو ضررها ولا الى أين تودي بالمرء والأعجب في أمر هؤلاء الصمت المطبق حيالهم من قبل الجهات الحكومية ووزارة الصحة مما يوحي إن هناك من يلتزمهم ويساعدهم على ترويج بضاعتهم ، ويضيف الأخ حيدر انه ذات مرة اشترى مرهما جلديا من امرأة تجلس في احد الأسواق الشعبية في بغداد الجديدة وتبيع أصنافا من الأدوية ،ولما استعمله سبب له حساسية شديدة وعندما تحرى عن حقيقة مادته تبين انه زيت تشحيم السيارات فأدرك انه وقع فريسة الاحتيال .

علاج مخدر
غياب الرقابة سمحت لبعض الصيدليات وباعة الأرصفة بتداول بعض الأدوية التي تستخدم كمخدر دون وصفة مثل دواء (الريفوتريل ) الذي يستخدم كعلاج للصرع و(السوما دريل )المستخدم في علاج المفاصل وغيرها من الأدوية التي تباع (للكبسلة) وتحقق مبيعات وأرباحا كبيرة لأصحاب هذه الصيدليات . أما تجارة المخدرات فقد باتت تدق ناقوس الخطر بعدما زاد عدد مدمنيها ففي الفترة الأخيرة ألقت الجهات الأمنية القبض على عدد من مروجي تجارة المخدرات في الباب الشرقي والبتاوين والكرادة ومنطقة السعدون وباب المعظم ومدينة الحرية ، وتأتي هذه المخدرات من قبل عصابات تهريب من دول الجوار مما يستدعي تكاتف جهود أكثر من الجهات الحكومية لمحاربة هذا البلاء الذي بات مستشريا بين الشباب خاصة طلبة الجامعات .وفي هذا الصدد يقول المقدم ( م. ط) مدير مكتب العلاقات والإعلام في مديرية شرطة محافظة بغداد:  قبل فترة تم افتتاح مكتب مكافحة المخدرات التابع الى مديرية شرطة بغداد، وبعد حدوث الانفلات الأمني وانعدام الرقابة على الحدود وفتحها إمام المتسللين كثرت عمليات دخول المواد المخدرة بأنواع وأصناف جديدة وخطيرة ونشأت عصابات لترويجها داخل البلاد، لهذا كان من الضروري العمل المشترك بين الجهات الأمنية كافة، وقد نظمت وزارة الداخلية حملات مداهمة في مناطق عدة ومنها (البتاوين) في الباب الشرقي ،حيث أظهرت حقيقة غاية في الغرابة هي كثرة وجود عدد المتاجرين بالمواد المخدرة وإعداد كبيرة من متناوليها وما زالت الأجهزة المعنية تلاحق عصابات المروجين والمتاجرين وتقدمهم الى القضاء كي ينالوا العقاب الذي يستحقون، وأشار " كما داهمت قوات الأمن العراقية أوكار عدد كبير من مروجي حبوب الهلوسة بعد ورود معلومات استخباراتية تؤكد وجودهم." وشدد على ضرورة التعاون المشترك بين المواطن والأجهزة بالإبلاغ عن هؤلاء المجرمين الذين يستغلون مناطق معينة لترويج بضائعهم القاتلة مثل البتاوين وشارع السعدون،  وغيرها من المناطق.
الدور الرقابي
في تصريح لمسؤول في وزارة الصحة إن: الوزارة  تقوم  بإغلاق الصيدليات التي يعمل فيها أشخاص لا يمتلكون تخويلاً من نقابة الصيادلة ، وقال مفتش عام وزارة الصحة  إن" مكتب المفتش العام يقوم بإنذار أولي ، لكل الصيادلة الذين يوظفون أشخاصا غير مخولين بالقطاع الصحي وان "إجازات فتح الصيدليات تمنح مرة واحدة للصيدلي الذي حصل على الترتيب الطبي المناسب ".وفي تصريح سابق كشف عن قيام مفارز للعام  2012بإغلاق أكثر من 300 محل لبيع الأدوية غير المرخصة في جميع محافظات البلد، فيما صادرت(55) طنا من الأدوية المهربة والمغشوشة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram