TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > (عَفية) سوات... رحل محمد عباس

(عَفية) سوات... رحل محمد عباس

نشر في: 1 يوليو, 2013: 10:01 م

أحيانا اشعر ببعض العزاء لأني امتهنت الكتابة فهي تمنعني من الانفجار حين انزف بها المي....
رحل محمد عباس مدرب نادي كربلاء، ابن (ولايتنا) وجارنا الطيب وزميل صبانا..رحل الرجل المسالم الى حد البراءة وعاشق بلده الى حد الاستشهاد على أرضه على أيدي قوات سوات.. استفز أصابعي هذا النبأ الذي تلقيته من شقيقي - صديقه الأقرب – مع إطلالة صباح يوم الاحد بعد ان قضينا أياما ندعو له بالشفاء فلجأت الى الكتابة لأنزف المي..
كنا ندرك ونحن ندعو له ونتبادل نزيف الألم والاستنكارعلى صفحات الفيس بوك انه راحل لامحالة فقد كانت ضرباته مميتة وهراوات أبناء سوات (لاتتفاهم)..ثلاثة عشر كسراً في الجمجمة ورضوض وتهشيم عظام ثم آثار(بساطيلهم) على صدره..هل كان إرهابيا؟ صداميا؟ تكفيريا؟..لابد ان أبناء سوات تم تدريبهم بحرص على تأديب او قتل كل من يحمل واحدة من تلك الصفات لكن محمد عباس كان عراقيا مخلصا، عاد من هولندا بعد سنوات مريرة من الغربة ليخدم بلده ويقدم ولاءه لرياضته فعاش غربة اقسى على أرضه..
حين كان يلعب في نادي الصناعة، كنا نقفز فرحا حين نشاهد مبارياته لأن ابننا ربما سيصبح احد لاعبي المنتخب لكنه غادر كربلاء ليحمي نفسه بعد الانتفاضة الشعبانية التي ابتلعت من أبنائها من حمل البندقية ومن لم يحملها وكان محمد آخر من يفكر في حمل بندقية.. لم تدافع عنه مدينته حين غادرها بريئا ولم يحتضن الوطن إخلاصه حين عاد اليه...عاقبته قوات من بلده بارهاب لايتماشى مع صفتها الأمنية فهل صاركل مواطن إرهابيا في نظر سوات حتى لو لم تثبت إدانته..
وصلتنا معلومات ممن كانوا شهودا على الحادث انه كان مستهدفا وان الشجار بين اللاعبين الذي بدأ بتحرش من قوات سوات كان ذريعة لمعاقبته على العودة الى كربلاء و(احتلال) منصب مدرب ناديها....
لم يكن محمد محتلا يوما ما ولوكان يدرك ان هناك من هو اجدر منه بتدريب النادي لترك له مكانه بتواضع لكن من يسلك العنف أسلوباً لنيل مآربه لاينظر الى محمد كانسان بل عقبة في طريق هدف اراد احد المتنفذين تحقيقه..ومن يتدرب على القتل يعتاد على إتمام مهمته بنجاح ليحصل على (عفيه) فالقتل هو إزالة جذرية لأية عقبة وهواية صار يمارسها من يضع عقله في زناد بندقيته..أي مجد حققه المالكي بإرهاب المواطنين بقوات تضم أفرادا جبلوا على العنف..هل ضمن عملا لأكبر عدد من ابناء منطقته (طويريج) التي يطلق عليها اهل كربلاء اسم (العوجة) –على سبيل التهكم – فهو لم يقدم لها اية خدمات تذكر سوى تعيين ابنائها في قواته القذرة لحماية هيبته وضمان انتخابه لولاية ثانية وثالثة والى الأبد اذا سمح الدستور..
رحل محمد عباس تاركا أحلامه وذكريات صباه خلف نافذة زرقاء في منزل اهله العتيق حيث كان يتأمل القمر وهو يستمع الى صوت ام كلثوم وتحت عمود الكهرباء حيث كان يدرس لضيق منزلهم وعلى ارض الملعب الذي طالما تمنى ان يصبح مشهورا فيه كرياضي فاشتهر كقتيل مغدور على أيدي ابناء وطنه!!
لن اقول لك يامحمد انك ستبقى في القلب فالقلب العراقي لم يعد مركزا للمشاعر والعاطفة بل صار عضوا نخشى عليه من الجلطات والتضخم وتصلب الشرايين..ستبقى حيا في الذاكرة فهي الوحيدة التي بقيت لدينا وتعجز هراوات الحكومة و(بساطيلها) عن تهشيمها..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram