تباينت قراءة العراقيين للأحداث التي جرت في مصر خلال الأيام الماضية..، فريق نظر إلى " نصف الكأس الفارغ " منها، حين اعتبر ما جرى هو انقضاض على الشرعية التي يمثلها محمد مرسي، وآخر اكتفى بالنظر للقضية من وجهة نظر " طائفية " من خلال التأكيد على أن مرسي كان سببا في مقتل مواطنين مصريين شيعة.. فيما اعتبر فريق آخر أن ما جرى مع الإخوان المسلمين شكل خطرا على الأحزاب الإسلامية التي تبين أنها المستفيد الأكبر حتى الآن من ثورات الربيع العربي.. ولهذا الفريق الأخير يمكن أن نضع البيان الذي أصدره المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، الذي هاجم، حزب الإخوان المسلمين، لأنه: " تنكر لشركائه ونكث عهوده ولم يبذل الجهد الكافي لإصلاح أحوال الشعب وحلّ مشاكله بل زادها تأزّماً لعدم أهليته"، مشيرا إلى أن "حزب مرسي انشغل بالاستبداد والاستئثار بالأمور وقاد عملية واسعة للسيطرة على مفاصل الدولة،وطالب اليعقوبي الشعب المصري بـ"الاستفادة من أهل الخبرة من الوطنيين المخلصين في كل المجالات ليضعوا لهم برنامجاً يؤسس لدولة متحضرة تُحترم فيها إرادة الإنسان وكرامته وتوفّر له أسباب الحياة السعيدة التي يستحقها شعب مصر العريق الطيب المنجب"، مؤكدا أن "الإسلاميين اعتبروا حزبهم هو الجنس الأرقى وينظرون إلى الآخرين باستعلاء وازدراء، وغذّوا العنف والكراهية.
عندما يقول رجل دين ينتمي لتيار سياسي مشارك وفاعل في العملية السياسية في العراق إن الإسلاميين في مصر اعتبروا انفسهم الجنس الأرقى.. فأغلب الظن اننا ننتظر من سماحته ان يطبق توصيفه الصحيح هذا على المشهد العراقي، ونتوقع منه ان لا يتصور ان الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق تنظر إلى العراقيين باعتبارهم شركاء في قيادة البلاد،، وعندما يعتقد البعض أن الأحزاب الحاكمة في العراق انشغلت ببناء الدولة وإقامة نظام العدالة الاجتماعية وأرست أسس القانون.. ولم تكن مهتمة بمطاردة السافرات، وغلق النوادي، وإقصاء الكفاءات، وتحويل مؤسسات الدولة إلى ملكيات خاصة.. فعلينا جميعا ان نشعر بالخوف على مستقبل البلاد، لأن من يعتقد ان القوى السياسية الحاكمة في العراق وفرت أسباب السعادة للعراقيين جميعا، فلربما غداً يطلب منا نحن المساكين أن نخرج هاتفين بحياة قادتنا الأشاوس.
اننا نتوقع ان يعالج الشيخ اليعقوبي اوضاعنا بنفس المعيار الذي قاس به مجريات الاحداث في مصر وعلينا أن ننبه إلى أن الناس تعيش وسط حكام يزورون ويغدرون ويفتكون وينافقون، حيث يتحكم الفاسدون والمرتشون في مصير البلاد، وقد أصبحت المنافع والمكاسب ميزان الحكم، فيما ازداد الفقراء فقراً، واكتظت جيوب الساسة والانتهازيين.
الشيخ اليعقوبي اظهر في اكثر من مناسبة انه متابع للوضع في البلاد، ولهذا نحن لا نريد أن نذكره أن حكامنا يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة، لكن أكثرهم لا يؤمنون بما يقولون، سياسيون تعددت صورهم وأشكالهم، لبس البعض منهم عباءة الفضيلة ليداري رذائله، روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة، يتحدثون عن العدالة والحق، وهم يمارسون الظلم والجبروت، يكذبون باسم الدين ويسرقون باسم الدين، يصدعون رؤوسنا ليل نهار بخطب عن الحرية والقانون في عبارات فقدت معناها من سوء استخدامها وجرأة تزييفها.. يتحدثون في الإسلام لكي يخدشوا نصاعة وجهه وروعة مبادئه وقيمه، ويجردوه من أهم ما جاء به من معاني الرحمة واحترام الحياة، يدافعون عن الفساد والمفسدين والمرتشين، ويؤلبون فئة على أخرى، ويقيمون الدنيا ويقعدونها من اجل الحفاظ على كراسيهم، يبكون على الدين نفاقاً ويسعون إلى جنته رياء.
من باب التأكيد والتقدير نضع خطوطاً حمراء تحت حقائق نرى ان يولي الشيخ اليعقوبي اهتماماً بها، وفي مقدمتها ان العديد من ملفات الفساد في معظم الوزارات، يقف وراءها مسؤولون ينتمون إلى أحزاب دينية، وبسبب هذا لم تفتح هذه الملفات ولم يتم الاقتراب منها،. ولا أريد ان اذكر بان هناك وزراء فاشلون لم يقترب احد منهم لأنهم يحتمون بمظلة الأحزاب الإسلامية.
توقع العراقيون أن تهزم الأحزاب الإسلامية في العراق خصومها، أولاً باحتضان الخصوم، وبإقامة المصالحة، وبجعل العراق دولة للجميع وليست لحزب واحد أو رجل واحد.. وإذا بالسيد نوري المالكي وحزبه ومن معهم يحاولون أن يبينوا للناس، أنهم الأقوى وأصحاب القرارات الصعبة. وإذا العراق يتحول بفضل أحزابنا الإسلامية إلى طوائف وقبائل.
الشيخ اليعقوبي يعرف من موقعه ان الشعب اقترع للمسؤول لكفاءته ونزاهته.. وتفضيله مصلح الوطن على مصالحه الشخصية.. ولم ينتخبه لتقواه وأدائه الشعائر الدينية.. الناس تريد مسؤولاً، يعلي صوت العدالة.. الناس تريد دولة المواطن.. لا دولة المسؤول الفقيه!
.. وماذا عن أحزابنا الدينية؟
[post-views]
نشر في: 5 يوليو, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 3
عساكم بخير
استاذنا الفاظل نعم انا اتفق معك ان شعور العراقيين قد انقسم واغلب الانقسام هو ماحدث للشهيد حسن شحاذة ولكن هناك من السياسيين اللذين يتوافدون على الفضائيات الدينية وكاننا اليوم نعيش الربيع العراقي والنموذج الذي يجب على الجميع ان يقتدي به يوم امس احد السياسيي
@@@
ربي أقلبها كما قلبتها في مصر..
احمد
لا يهمني ان نشرت تعليقاتي ام لم تنشرها. المهم ان تقرأها! سؤال: نوري المالكي الإسلامي سيذهب في الإنتخابات القادمة. هل سيأتي نوري مالكي آخر ليبرالي-علماني الهوى كما تأملون وترجون، أم سيأتي نوري مالكي إسلامي شيعي طائفي ليحل محله؟ اعتقد انكم تفضلون نوري مالكي