لم تتركنا أحزابنا الموقرة نضرب أخماساً في أسداس، ونسأل عن الموقف الذي ستتخذه من الأحداث التي جرت في مصر.. وهل ستضع نصب أعينها ما جرى مع الرئيس "المؤمن" محمد مرسي "وإخوانه" وتدرك أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة "السلاطين".. فقد اختارت هذه الأحزاب أن تنحاز لقناعاتها الشخصية ضاربة بعرض الحائط كل حديث عن الديمقراطية والحريات واحترام إرادة الناس. ففي اليوم الذي خرج فيه مرشد الإخوان المسلمين " في مصر محمد بديع "يهتف" نموت.. نموت ويحيا مرسي "..، خرجت مليشيات أحزابنا الدينية لتصول صولة رجل واحد على النوادي الاجتماعية.. وهي تهتف " نموت نموت وتحيا قندهار "
وقبل أن يتهمنا البعض بأننا نشجع على الرذيلة.. أقول إن الموضوع لايتعلق بالنوادي.. ولكن بالطريقة التي يتم فيها إرهاب الناس تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية.. ففي خبر مثير للعجب والأسى نشر موقع المدى برس:" بأن مسلحين يستقلون سيارات حديثة رباعية الدفع اقتحموا عدداً من النوادي الاجتماعية وسط العاصمة بغداد وطلبوا من روادها الخروج بسرعة وإلا تعرضوا للضرب"
لقد تصور العراقيون أن السياسيين سيحسبون ألف حساب لما جرى في مصر.. والأهم أنهم سوف يدركون جيداً معنى معاناة الناس، لكن المصيبة أن أصحاب "الجاه والسلطان" يتعاملون معنا على أننا شعب من الغزاة، أعدوا العدة لدحره ورده على أعقابه.
مرة أخرى الموضوع لا يتعلق بفتح النوادي إم إغلاقها.. لكنه يتعلق بطريقة التربية التي تريد أن تفرضها جماعات "بديع العراقي" بالقسرعلى المجتمع العراقي.. بالتأكيد إن ما جرى ويجري يثبت أنّ ساستنا في واد والمواطن في واد آخر، فالمواطن مهموم بنقص الخدمات وتوفير حياة كريمة لأسرته، وأحزابنا " الموقرة " مهمومة بإنشاء "إمارة القرون الوسطى".
في معظم الوقائع والأحداث التي تتعلق بالحريات نجد الحكومة صامتة، لأنها تعتقد أن ما تنشره وسائل الإعلام مجرد مبالغات تسيء إلى سمعة البلاد. ولم تعد الوقائع والشواهد التي يقدمها الإعلام تثير اهتمامهما، ففي الوقت الذي تصول وتجول فيه مليشيات " الدفع الرباعي" تؤكد الحكومة أن لا تضييق على الحريات.. ولأن بيانات الحكومة لا تخرج عن كونها كوميديا من النوع الرخيص، فقد كنت أتمنى على السادة مسؤولي الأمن في بغداد أن يجيبوني على سؤال مهم: ترى من سمح لهذه المليشيات أن تتجول بحرية في العاصمة؟ وأين هي السيطرات التي مهمتها تدقيق وتفتيش السيارات؟، وهل ارتدى أصحاب هذه السيارات طاقية الاختفاء ودخلوا النوادي وخرجوا منها دون أن يشعر بهم احد؟
ما جرى أمس ويجري في العديد من المحافظات في قضية الحريات الشخصية والعامة، يؤكد أن الأمور تجري بلا قانون يرسم العلاقة بين الفرد والسلطة، فببساطة يمكن لأي رجل أمن أن يستمتع بتوقيف شباب يرتدون ملابس لا تأتي على هواه، برغم أن هذا ليس من حقه، ولا من حق أي شخص ما داموا لم يعتدوا على حرية أو أمان المجتمع. لكن رجل الأمن " المغوار" يرى أنه وحده، يملك حق تنفيذ قوانين من صنع أفراد لا ينتمون إلى هذا العصر، بهذا المنطق نفسه تطارد فتاة لأنها ارتدت ملابس تبرز جمالها، فنرى حماة الأخلاق يمارسون عليها رقابة أخلاقية مريضة تضعها في خانة "الإثارة" ولهذا فمن حقهم أن يتحرشوا بها ويضايقوها كنوع من ممارسة سلطة تريد أن تمنع النساء من ممارسة فضيلة الحرية والأمان، وبهذا المنطق أيضاً فإن نسوة وفتيات العراق مطالبات بأن يقدمن الشكر لحماة الفضيلة في أحزابنا الحكومية التي تسعى في كل مرة إلى إنقاذهن من الفتنة والغواية، وتفتح أمامهن نوافذ المستقبل الوردي الذي سينتظرهن لو التزمن بتعليمات دراويش الحكومة.
في الأيام الماضية قدم العديد من ساستنا فصولا مضحكة ومسلّية بالحديث عن الحريات واحترامها.. ووجدنا البعض منهم يتهم الرئيس المصري، بأنه لم يحترم الحريات ومارس تضييقا على الشعب المصري.. فيما هم انفسهم يهللون ويكبرون لصولات خنق الحريات في مدن العراق..
للأسف إننا نعيش اليوم في ظل ساسة ومسؤولين يمارسون في السر ألعاباً مبتذَلة في الجنس والسرقة والتزوير.. من الزواج بالقاصرات إلى انتشار شبكات بيع المخدرات.. إلى ازدهار تجارة الغش والتزوير، وكل هذا تحت ستائر ثقيلة من الالتزام بالدين.. وترديد أحاديث دينية قبل كل ممارسة أي فعل مخالف للدين الحنيف نفسه....
لا نعرف نحن "المساكين" لماذا يهتم نواب وسياسيون بمنع النوادي الاجتماعية.. ولا ينشغلون بالفشل الأمني الذي يروح ضحيته العشرات يوميا ً.. ولا بسرقة ثروات البلاد؟
والاهم لماذا لايخرج علينا "بديع" العراقي الى العلن ليعلن بصوت واضح: هذه امارتي وانا حر فيها.
مرشد " المليشيات " العراقية
[post-views]
نشر في: 6 يوليو, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 3
متاضل العراقي
عراقي يحتسي الخمر لا سارق ولا فاسد ولا قاتل ولاعميل ولا كاذب يتاجر بعقول الناس البسطاءانه نقي مسالم لا يعتدي على الناس لا يهتك أعراض الناس لا يقبل بالرذيلة ولا يستعمل الدين وسيلة فمن يحاسبه على خطيئته هو الله لا هولاء انهم يوهمون أنفسهم في الفضيلة والفضي
الشمري فاروق
يا سيدي ان هنالك الكثير من المدراء العامين من المتدينين واصحاب اللحى يمارسون ويعرضون على ومع موظفاتهم زواج المتعه في دوائر الدوله وبشكل خاص في مديريات تربية بغداد
بو فهد البحراني
رائع أستاذنا الكريم، أنا من المتابعين البحرانيين بانتظام لقراءة عمودكم اليومي، أجد في أسلوب كتابتكم، رشاقة، متعة، معلومة جديدة ونظيفة، ولكني أخاف عليك مرتين؛ مرة لجرأتك الكتابيةومرة أخرى لأنك في العراق حيث يكثر كاتم الصوت والسبابات الجاهلة التي تضغط الزنا