TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين يدي عقيلة الهاشميين

بين يدي عقيلة الهاشميين

نشر في: 7 يوليو, 2013: 10:01 م

 أي نسب أشرف من نسبها؟ فجدها رسول الله، أمها الزهراء فاطمة، وأبوها الإمام علي، ولعله يكفيها فخراً، أن الرسول الكريم هو من سماها زينب، بمعنى أصل الشجرة الطيبة، لكن الكثيرين لقبوها عقيلة بني هاشم، لأنها كريمة قومها وعزيزة بيتها، تزوجت ابن عمها جعفر الطيار، الموعود بجناحين يحلق بهما في الجنة، بدل ذراعيه اللتين فقدهما قبل استشهاده، وهو يحتضن راية الرسول في معركة مؤتة، ورغم عنايتها ببيت الزوجية، فإن حسّ الانتماء دفعها للعناية ببيت الإمام علي، وبيت سيدي شباب أهل الجنة، فانتقلت إلى الكوفة بعد انتقال مركز الخلافة،  لتعيش على مقربة من الإمام، بصفتها الابنة الكبرى، بعد وفاة أمها، فحق فيها القول:
فلولا أُمّها الزهراء سادت
نساء العالمين بلا جــدالِ
لم تعش الصدّيقة الصغرى بحكم مركزها حياة عادية، تشبه حياة باقي النساء، فقد تتابعت عليها المصائب من مأساة فقد الجد النبي القدوة، ومن بعده أمها الزهراء، ووقوفها شاهدة على مصرع والدها الإمام، لكنها وهي المؤمنة بتحمل مسئولية القضية، التي ضحّى من أجلها الإمام الحسين عليه السلام، في نشر نهضته الجبارة في وجه الباطل، باعتبار ذلك امتداداً لرسالة جدها عليه السلام، لم تقف متفرجةً، ولهذا وصفها السيّد محسن الأمين بقوله " إنها من فضليات النساء، وفضلها أشهر من أن يُذكر، وأبين من أن يسطر"، ، ووصفها السيّد الخوئي " بأنّها شريكة أخيها الحسين في الذب عن الإسلام، والجهاد في سبيل الله، لا تخضع عند الجبابرة، ولا تخشى غير الله سبحانه، تقول حقّاً وصدقاً، لا تحرّكها العواصف، ولا تزيلها القواصف"، ويكفي في جلالة قدرها، ونبل شأنها، ما ورد من أنّها دخلت على أخيها الحسين، وكان يقرأ القرآن، فوضع القرآن جانباً، وقام إجلالاً لها، وهو الذي يستحق أن تقوم الدنيا إجلالاً له.
يلفت النظر أنّ الحوراء، ورغم أنها كانت متزوّجة، اختارت صحبة أخيها وإمامها على البقاء عند زوجها، وهو راضٍ بذلك، وقد أمر ولداه بلزوم خالهما، والجهاد بين يديه، وللسيدة زينب، كدليل على تعلق المسلمين بحبها أكثر من مقام، فالمصريون يعتبرونها حصتهم، وعندهم لها مقام، وأنت حين تسمع في مصر كلمة السيدة، فإن المقصود بها زينب على الدوام، وأهل الشام بنوا لها مقاماً، تنافسوا على زيارته منذ أكثر من 1400 عام،  واعتبروها أيقونتهم التي تحمل طيب رائحة النبي، ومن ذكراها العطرة يستمدون القدرة على مواجهة الصعاب والنوائب، وليس هناك شك في أن كل مجتمع إسلامي يتمنى لو ضم ثراه رفاة السيدة زينب.
اليوم، وعلى هامش معارك سوريا، التي تحولت إلى طائفية بامتياز، تلاحق المعاناة حفيدة الرسول، السيدة، الوديعة، الحوراء، المسبية، الزاهدة، العابدة، الفاضلة، العاقلة، الكاملة، الصابرة، في مرقدها، حيث من المؤكد أن مؤمناً واحداً بالرسالة النبوية، لا يفكر للحظة بإيذاء مرقدها الشريف، وإن تباينت الاجتهادات حول تعظيم القبور، والمشكلة برمتها، أن مرقد السيدة زينب يقع على طريق مطار دمشق، الذي يسعى الطرفان للسيطرة عليه، غير أن مثيري الفتن الطائفية، وجدوها فرصة للتمسح بالاسم الكريم، وتحت ذرائع الدفاع عن المرقد، رفعت رايات لبيك يا زينب، ويقيناً أنها لو كانت بيننا اليوم، لرفضت استغلال اسمها لإذكاء فتنة الطائفية، ولوقفت كما فعلت من قبل مع المظلومين، والمهضومة حقوقهم، ولسمعنا منها ما لا يرضي من يزعم الدفاع عن مثواها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram