يتذكّر العراقيون، الأشباح التي كانت تترصدهم على مدار النهار والليل، من شاشة قناة الجزيرة، وهي تحمل السكاكين وتذبح المواطنين وتتوعد، وهي تعرض مشاهد الاستباحات، حيث تتناثر جثث الأطفال والشيوخ، النساء والرجال، في الأسواق والمساجد وفي المجمّعات السكنية المكتظة، ويرافق تلك المشاهد التسبيح باسم الله ونبيّه والأولياء.
لا يمكن لعراقيٍّ يحمل ضمير إنسان، أن ينسى تلك المشاهد المروِّعة التي كانت تبثها قناة الجزيرة القطرية، والسموم التي تبثها باسم الدين الحنيف، والتحريض على مواصلة العنف والحيلولة دون وقف نزيف الدم، تحت واجهة "مقاومة" الاحتلال الأميركي، مع أن التفخيخات والتفجيرات الانتحارية الملعونة، لم تكن تستهدف سوى المواطنين الأبرياء الآمنين، ورغم أن مراسلي الجزيرة وموفديها كانوا يدخلون الأراضي العراقية، تحت بصر وعلم القوات الأميركية التي كانت تتولى حراسة المنافذ الحدودية العراقية.
وفي مواكبة لهذا الدور الحامل للجريمة الذي كانت تقوم به قناة الجزيرة، تولت المشيخة المشتبه بمرجعيتها الإقليمية والدولية، تمويل المجاميع الإرهابية بالأموال وخطوط المواصلات، وتأمين حاضنة آمنة لها، في جوار أقوى معسكر أميركي "عدة ومقدرة" خارج الولايات المتحدة الأميركية.
كما لم توفر مشيخة قطر المأزومة بحالة الشعور بالدونية، من صِغر جزيرتها، جهداً خلال مراحل تطور العملية السياسية في العراق، لتخريبها وتصديع الوحدة الوطنية العراقية، عبر ممارسة الضغوط على بعض القوى وإذكاء روح الانتقام الطائفي في صفوفها، والحيلولة دون إطفاء حرائق الإرهاب والتكفير والإرهابيين.
يومها، وقفت نخبٌ وأوساط سياسية في سائر البلدان العربية، بلا استدراكٍ أو تمحيص، بما في ذلك في مصر الشقيقة، إلى جانب المشيخة القطرية وقناتها "الجزيرة" واعتبرت ان ما يقومان به، إنما هو دور "قومي" يُحسَبُ لها، لا عليها. ولم تتردد بعضها عن اتهام العراقيين شعباً وقوى مشهودا لها بالوطنية، بتهم ما انزل الله بها من سلطان، لم تستثن فيها الاتهام بالعمالة للمحتل والكفر والإلحاد، ونزعت عنهم وطنيتهم وعروبتهم..!
اليوم، وفي أعقاب المأثرة الوطنية المبهرة للشعب المصري العظيم، تكشّف المستور عن دور المشيخة وقناتها، بوصفهما إطاراً إعلامياً تحريضياً بامتياز على قتل المصريين والتشجيع على الفتنة والحرب الأهلية، القناة بالانحياز الفاضح للإخوان المسلمين وهم يهددون بإشعال الحرائق واستباحة دم الأبرياء، والمشيخة بتمكين هؤلاء بالدعم وتعبئة الرأي العام العربي والإقليمي والعالمي ضد انتفاضة المصريين واستعادة ثورتهم ودفاعهم ضد الدولة المصرية التي حاول الإخوان المسلمون تدمير أسسها واستباحتها.
ولا تكتمل عناصر الدور المريب لقطر، دون الإشارة لبيان "إمامها" القرضاوي الذي ساوى بين الدفاع عن الفاشل محمد مرسي والدين الحنيف، حتى انه بما انحدر إليه من تشويه جوهر الإسلام والتطاول على قيمه، استفز وطنية ابنه، فرد عليه برسالة تكاد ترقى إلى مستوى الوثيقة والنموذج، في البر بالوالد، ولكن الإخلاص للمبادئ والقيم، التي تقتضي الخروج على طاعة المتجني على الدين والقيم الإنسانية، حتى وان تجسد في شخص احد الوالدين.
ويتبادر الى الذهن، في مواجهة هذا المشهد الذي تؤطره الجزيرة القطرية، بقناتها ومشيختها، تساؤل حول المسؤولية القانونية والجنائية التي لابد ان تطالهما معاً، وهما متلبسان بالتحريض العلني على الإرهاب والفتنة والحرب الأهلية، والتمكين بالمال وخلافه.
ويظل بعد ذلك كله، التساؤل المحير عن الأسرار الدفينة حول التطابق في الموقف من إرادة الشعب المصري الحرة، بين تناول قناة الجزيرة المنحاز بلا تحفظ للإخوان المسلمين، ومواقف كلٍ من الإدارة الأميركية والأمن الوطني الإسرائيلي..!
"قناة" بمواصفات قاتل، و"جزيرة" بدور مموّل ومحرّض..
[post-views]
نشر في: 8 يوليو, 2013: 10:01 م