TOP

جريدة المدى > سينما > الربيع العربي وربيع الفضائيات

الربيع العربي وربيع الفضائيات

نشر في: 10 يوليو, 2013: 10:01 م

2-4الملاحظ أن دور الفضائيات في مرحلة الربيع العربي وثوراته غير الناضجة حتى الآن هو دور يعود في تثويره على العقل الإعلامي والإعلاني لاستنهاض الدافع الفني والإبداعي الذي تتوافر فيه الصنعة و الاحترافية و الجمال لأن عناصر التشويق و الإثارة لا تكتمل بوجود

2-4
الملاحظ أن دور الفضائيات في مرحلة الربيع العربي وثوراته غير الناضجة حتى الآن هو دور يعود في تثويره على العقل الإعلامي والإعلاني لاستنهاض الدافع الفني والإبداعي الذي تتوافر فيه الصنعة و الاحترافية و الجمال لأن عناصر التشويق و الإثارة لا تكتمل بوجود الخبر عن طريق توثيقه صوريا ً و لكن ديناميكية اللقطة و تواتر الإيقاع الفني . . و معرفة استخدام المؤثر المنسجم مع الخطاب الإعلامي في توازنات الفعل في قوته . . هيجانه وهدوئه أو تصاعده وانكفائه جميعها شكلت وتشكل منظومات لقيم جمالية على مستوى الصنعة الفنية ومنظومات إنسانية عاطفية تثير مشاعر المتلقي وتجعله متعاطفا متقمصا شاعرا أنه هو الحدث الحزين والمؤلم وهو العلم المرفوع أو الملفوف على جسم المتظاهرين.. وذاك هو الطفل الذي قتل برصاصة طائشة من جندي مذعور لا يعرف إلا الخوف من سيده الذي أمره بإطلاق النار على كل حركة مثيرة للشغب كما يدعي الآخر !! .وهذا ما جعل المتلقي متقمصا لدور الضحية التي تمثلت بطفل أو شاب أو امرأة طاعنة في السن تصرخ أمام جثة حفيدتها التي تنزف من رأسها أثر ضربة على الرأس وهي مخضبة بدمائها التي غطت حجابها الأبيض. وقصدها في ذلك هو تحقيق فعل الإثارة الإنسانية والعاطفية على الرأي العام الذي يشاهد الصورة .
لقد كرس الإعلام التلفزيوني وهو الأكثر مشاهدة على الأغلب ومن خلال تنافس الفضائيات العربية وبعض الفضائيات الإخبارية العالمية على نقل ربيع الدم بطريقتي الإثارة والتشويق واللتان هما الأكثر فاعلية في خطاب التلفزيون المستفز وأصبحت منظومة القيم الفنية في حركة الكاميرا وتناغم اللقطات وتوقعات حالات الرعب المنقولة حيا , مع انتقالات الكاميرات في مختلف الساحات ومن مختلف الزوايا , إضافة لعمليات المونتاج وإدخال الموسيقى مع استخدام المؤثر البشري والآلي تمثل تحدي المتظاهرين بالهتافات والاشتباكات مع  سقوط الضحايا ومطاردة الجيش والشرطة والعسكر للناس العزل في الشوارع والحارات , يضاف لذلك حركة الدبابات وناقلات الجنود وهراواتهم وأسلحتهم  تشير إلى  أن الدراما الحقيقية والتسجيلية كانت حاضرة في مشاهد ربيع الثورات العربية :وهذا ما حصل في معركة الجمل المصرية المعاصرة وفي ميدان التحرير في 25 يناير عام 2011. وقبلها في تونس , وتحرك ثورات الربيع العربي في اليمن و البحرين  وليبيا وسوريا. ولطالما أن التلفزيون من خلال فضائياته عزز المشهدية الدرامية وبأحداث دراماتيكية قادت إلى كوارث ذهب و يذهب ضحيتها بشر , لذلك يرى الباحث أن يسلط الضوء على ما يقصده بارتباط الكارثة بالدراما وما نتج عنها من تراجيديات معاصرة كان للفضائيات دور مهم في عرضها وتسليط الأضواء عليها بل جعل المتلقي مشدودا لمتابعتها .
إن  ( الدراما ) وهي مفردة يونانية الأصل تعني ( الفعل ) , أو الحدث الذي هو السبب الرئيس في طريقة محاكاة الأشياء التي بتوالي أحداثها تقوم على صراع الأحداث المجسدة من قبل الشخصيات الفاعلة في طبيعة الحدث أو الفعل الذي يعتبره أرسطو هو أس الدراما , ولذلك فإن الدراما هي الحدث. والحدث يقوم على قصة حيث لا يمكن أن تبنى الحوادث بسياقات درامية إلا بوجود قصة. ولأن الحدث والقصة تحاكي الفعل البشري بأفكاره وعواطفه وما يلاقيه من معوقات في صراعه مع الغير حيث ينتهي به المطاف أما للانتصار أو الانكسار من خلال تطور أحداث القصة التي تقود إلى حالة الحزن والألم التراجيدي أي المأساوي. من هنا كتب أرسطو تعريفه لنظرية الدراما في التراجيديا مشيرا إلى أن: " التراجيديا ليست محاكاة للأشخاص بل للأعمال والحياة, وللسعادة والشقاء, والسعادة والشقاء هما في العمل"  .
من هنا جاء خطاب الفضائيات محاولا أن يبني قصصا للأحداث والأفعال التي تعرضها الفضائيات و تصوغ لها سيناريوهات درامية لطبيعة الأحداث المؤلمة والتي في أغلبها سريعة  الإيقاع من خلال الصراعات المتتالية من حوادث القتل والدماء والمواجهات التي كان قد نفذ أفعالها المشاركون في الثورة والقامعون لها . لذا أصبح المتلقي مشدودا منجذبا متابعا لما يحدث وما سيحدث وكأنه أمام فيلم أو مسلسل درامي قصته حقيقية ومنفذوه ليسوا ممثلين وإنما الشعب الحقيقي الذي يلعب دوره في تراجيديا الواقع.  كما عمدت الفضائيات العربية والعالمية أن تستخدم و باستمرار " Dramatic Actions "  الأحداث الدرامية  و " Dramatic moments " اللحظات الدراماتيكية و تعني( الأحداث المثيرة ) وهذا هو الهدف الأعلى في تحقيق الإثارة والمتابعة المرجوة لاستقطاب المتلقي وجعله متمسكا بمتابعة الفضائية (س) عن الفضائية( ص) من دون أن يتنقل بالريموت لغيرها. وتلك هي ثورة معلوماتية تعمل بمهنية لتحقق المعادلة المرجوة من وسائل الإعلام و ما يريده المتلقي خصوصا في موضوعة بحثنا التي تتعلق بربيع التغيير وتعبئة المتلقي لاتخاذ موقف علني لتأييد الثورات.
كما أن الفعل المقدم من الفضائيات هو نشاط يمتاز بقدرة فنية وتقنيات عالية يتحقق فيها طبيعة الانتشار الواسع في أنواع التغطيات وبمفاهيم العولمة التي تنتهجها الفضائيات العالمية في عصر الأقمار الصناعية والتطور التكنولوجي السريع الذي ساعد على توفير مناخات للمبدعين العاملين في خلق حالة التنافس المثيرة والمستفزة  في الخطاب الإعلامي .  من هنا نستطيع القول أن الفضائيات العربية دخلت في مرحلة التنافس فيما بينها حيث اعتمدت على مبدأ : مزيدا من صور الدم يحقق مزيدا من المشاهدة.. مزيدا من الصدمة يحقق مزيدا من الدهشة و يحقق مزيدا من المشاهدة.ولو أن تكرار النقل المباشر لأحداث دموية فيها من القسوة والبشاعة في عرضها قد حمل الفضائيات انتقادات نذكر منها: " لقد تعرضت هذه الفضائيات للنقد من الصحافة المكتوبة التي اعتبرت ان كاميرات التلفزيونات ركزت على صور الجرحى وأشلاء القتلى من دون أن تأخذ في الاعتبار احترام الشخصية والكرامة الإنسانية والصور المؤذية لعين المتلقي"  .
يعتقد الباحث أن وراء هذا التنافس في نقل صور الصدمات في ربيع الثورات العربية له ستراتيجيات سياسية تخضع لمالك الفضائية ولدولته أولا, و هنا تبدو العملية محصورة بين النكاية والثأر لاختلاف الستراتيجيات السياسية بين دولة وأخرى .
الفيلم التسجيلي التلفزيوني :
لم يترك الإعلام حقلا من حقول الاتصال الجماهيري إلا واستغله منطلقا من توفير المادة الإعلامية التي حملت للمتلقي رسالة تعتمد الإحاطة بجميع مجريات الحدث الذي تميزت أحداثها الجديدة  في حياة الشعوب العربية عن كل أحداث الأمة وبصورة التشويق والإثارة لطبيعة ما يجري في ساحات التغيير وما تساهم به الفضائيات في نقله بطرق مختلفة وذات فائدة عامة للمتلقي وخاصة للفضائية نفسها :
" ومن هنا فإن قوة التغطية الإخبارية تكمن في التوقيت والتسجيل السريع واهتمامات الناس والقرب في المكان والزمان"   .
هذه التغطية التي أخذت أشكالا متعددة ليس في زمن إذاعة الخبر وتحرير قصته ومواعيد  بثه بل لأن مساحة الحدث دراماتيكيا أكبر من أن يغطى كخبر ,لذا تجد أن الفضائيات حققت فائدة إنتاجية كبيرة حينما جعلت مراسليها مرابطين في مكان الحدث لتسجيل مختلف الأفعال التي  كان فيها الحدث دراماتيكيا أكبر من أن يغطى كخبر ,لذا تجد أن الفضائيات حققت فائدة إنتاجية كبيرة حينما جعلت مراسليها مرابطين في مكان الحدث لتسجيل مختلف الأفعال التي ترافق فكرة الحدث وتحيط بكامل محيطه وتعد القصص وتكتب السيناريوهات وتوفر أحدث الكاميرات لتسجل وقائع الحياة في داخل الساحات الساخنة  وخارجها لكي تنتج فيلما تلفزيونيا حقائقيا يضاف لمكتبتهم الفيلمية كوثيقة تاريخية تسجيلية أولا , وللاستفادة من بثه بعد تفكيك ما يحتاجه المعد الذي يستخدمه في برامج معينة ثانيا , وبعد دخوله في عمليات المونتاج واكتساب صلاحية بثه يمكن للفضائية أن تبيعه للكثير من المؤسسات ووكالات الأنباء أو التلفزيونات المحلية أو العالمية كوثيقة فيلمية تسجيلية أدت دورها في عرضها أثناء سخونة وعاجل الأخبار .
 بحث القي في مؤتمر علمي لجامعة ذي قار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram