TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يوغا الكتابة!

يوغا الكتابة!

نشر في: 10 يوليو, 2013: 10:01 م

في معاهد ومنتديات تعليم وممارسة فن اليوغا – التي غدت ظاهرة لافتة للانتباه في كثير من الدول الأوروبية، بعد أن ترسخت جذورها في دول الشرق، كالصين والهند واليابان وماليزيا – يذيقونك طعم الصبر المحلى! يعلمونك كيف تجلس لساعة او بعض ساعة على خشبة عارية، يطلقون عليها: زافو. او التربع على أية مثابة ثابتة، ساقاك متصالبتان، ظهرك منتصب باستقامة، كفاك على ركبتيك، وجهك باتجاه حائط صقيل مصبوغ بالأبيض شديد البياض، الصمت يحيط بك من كل الجهات، بعض المدارس تحبذ إشاعة موسيقى هادئة خافتة،
في رياضة اليوغا، لا يطالبونك بتمارين حركية، كل الذي عليك إنجازه، الجلوس باسترخاء تام، ونسيان _ ولو مؤقتا – كل مشاكلك الآنية وتداعياتها المستقبلية، ومراقبة عملية التنفس _ اللاإرادية، متابعة شهيقك وزفيرك، والإصغاء لمسرى الدم ونسغ الدم في الأوردة والشرايين،، قواعد اللعبة (الرياضة)تحتم عليك الاستغراق في عملية التحديق والتأمل والتمعن في ماهية الأبيض،، ألا تتململ او تنوء بوطأة الصمت أو الاستسلام للسأم، أو ما يعتريك من طارئ المشاعر، وأنت على ما أنت في محراب تأملك، خل عنك كل ما ينتاب الكائن الحي من سخط او رضى، جشع او طمع، كراهية او محبة، فوز محتمل او خسارة متحققة، ما عليك إلا الجلوس باسترخاء ومحاولة الإصغاء لصوت الحياة المتدفق عبر النبض الدافق في الشرايين والأوردة. ساعة للعلاج النفسي والعقلي والجسدي، والنتائج مضمونة. ومعتمدة.
هل تشبه ساعة الجلوس للكتابة ساعة ممارسة اليوغا؟؟
الجواب: نعم، ولا....
نعم:: إذ تحدق في لوحة البياض التي غادرها الصفاء. إذ تخلع عنك غلالاتك السبع، وقناعك، وزيف ابتسامتك، فترى الأبيض قد انشطر وتشظت وساحت الوان الطيف الشمسي فيه، وغدا كتلة رمادية داكنة، لا تشي بخلاص، ولا توحي بشفاء.
لا:: إذ تجلس ساكنا دون حراك، ومن صلب مهماتك الحركة، وتغرق في الصمت وكل ما حولك يموج بالصخب والضجيج.
اليوغا.. صنعة المأزومين والمترفين في الدول المستقرة. أما جمهور الملتاعين في العراق، المسلوبي الإرادة، الشحيحي الرزق، فليس أمامهم سوى الجلوس على أرصفة الخوازيق المتأرجحة: يمنة يسرة، يسرة يمنة، وليس لهم من خيار آخر سوى الانتظار المر، والتحديق في غياهب الظلمات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram