كنا نتوقع رد فعل من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن على ما يجري في مصر من تطورات، لكننا لم نتوقع أن يأتي ذلك الرد نزقاً ومتهوراً وعدوانياً، إذ تبارى المراقب العام مع نائبه وبقية المسؤولين، في إطلاق تصريحات غير متزنة ولا مسؤولة، من قبيل دعوة زكي بني ارشيد ضباط الجيش المصري إلى التمرد على قياداتهم، وتشكيل الجيش المصري الحر، المنحاز الى الثورة الشعبية، التي تقودها التيارات السياسية المؤيدة لإرادة الشعب، على غرار ما هو قائم في سوريا الآن ، في حين اتسمت تصريحات المراقب العام الأخيرة بالتعجل والنرفزة وسوء تقدير العواقب، حين حثّ المصريين في الأردن، على التظاهر أمام سفارة بلادهم دعماً لمرسي، وكأنه يعمل على نقل تداعيات الفوضى السائدة اليوم في مصر إلى شوارع المدن الأردنية، فقط ليؤكد ولاء جماعته للمرشد البديع، ويجدد له البيعة.
بالتأكيد لايمثل موقف القيادة رأي غالبية قواعد الجماعة، التي اعتبر بعضها أن الحديث عن جيش مصري حر، كلام متهافت ومضحك، ولا ينمّ إلا عن خلط وعدم تفريق، بين الاستعراض الإعلامي والفعل السياسي، وهو يدلل بشكل كبير على سيكولوجية و منهجيّة في التفكير، تنظر إلى النماذج المحيطة بعين الناقل المستنسخ، لا المنتقي المتحفّظ، ولفت إخواني شاب إلى أن خطاب المظلوميّة المأخوذ به اليوم، لا يبني حضارة، إنما يؤسس لانتقامية تاريخية واسعة عبر تهييج العواطف، وهي سلعة المفلسين، وحذّر من النتائج الوخيمة لتلك الدعوة ، قائلاً إن الجماعة ستدفع ثمن هذا الكلام غالياً، و قريباً جدّاً، علماً بأن الكثير من العقلاء في صفوف الجماعة، دعوا لعدم الانجرار إلى ردود فعل، تؤكد التبعية لإخوان مصر، بدل البحث عن مخارج عقلانية، لما تشهده الساحة السياسية الأردنية.
لم يكن عملاً وطنياً تحشد بعض إخوان الاردن أمام السفارة المصرية في عمان، ليؤكدوا عدم "اعترافهم" بالتطورات السياسية الأخيرة في مصر، والمطالبة بعودة مندوب المرشد إلى موقع الرئاسة، باعتباره الرئيس الشرعي، ولم يكن موفقاً الزعم بأن هذه الوقفة الاحتجاجية، هي رسالة للعالم أجمع، بأن الشارع الأردني غير راض عن ما يصفونه بالانقلاب على الربيع العربي، والتأكيد بأنهم سيبقون دائما بجانب إخوان مصر، إلى أن يسترد مرسي شرعيته، وهم بذلك يسطون على موقف هذا الشارع، ويتحدثون باسمه دون أي تفويض، كما أنهم يتصرفون كأنهم هم الدولة، أو على الأقل دولة داخل الدولة.
جماعة الإخوان في الأردن وهي تتخبط متمسكةً بنفس نهجها، متجاهلةً أي تطور في المجتمع الأردني، تنقل ساحات الجهاد اليوم من سوريا إلى مصر، بعد أن فرغت من الجهاد في فلسطين، وهذا موقف عزف عنه حتى إخوان مصر، مع أن الذي يعد العصي ليس كمن يتلقى لسعاتها، وهي دعوة تستهدف المؤسسة الوطنية الوحيدة، التي حافظت على تماسكها ووحدتها، خلال الأزمة التي يعيشها المصريون، وستكون لموقفهم المتشنج ارتدادات سلبية على الجماعة، وفكرها المحصور في الهيمنة على السلطة بأية وسيلة، بدل الإلتزام بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وبدل استغلال مشاعر المؤمنين لتنفيذ المشروع الإخواني الأممي العابر للأوطان، دون أي التفات لحسابات الواقع القائم، وبدل التمسك بفكر المغالبة لإسقاط الأنظمة، دون امتلاك أية برامج فعلية، لبناء الدولة وإدارتها.
بين إخوان الأردن ومصر
[post-views]
نشر في: 12 يوليو, 2013: 10:01 م