TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما نعرف .. وما لا نعرف

ما نعرف .. وما لا نعرف

نشر في: 14 يوليو, 2013: 10:01 م

غير معقول أبداً أن يتواصل هدر دم العراقييين واتلاف أملاكهم، على مدار الايام وساعاتها بكل هذه الخفة وهذا الاستهتار، فيما تبدو الحكومة وأجهزتها الأمنية، ومعها البرلمان، مستسلمة لإرادة الارهابيين، غير مكترثة بما يجري وغير معنية بمصائر مواطنيها.
أحصت وكالة فرانس برس أمس سقوط أكثر من 330 قتيلاً خلال أقل من اسبوعين منذ أول الشهر، ويعني هذا ان عدد القتلى خلال الشهر الحالي يمكن أن يتجاوز الرقم 750، وهو ما يماثل عدد ضحايا الشهر الماضي من القتلى وحدهم (761)، ويحافظ على معدل القتلى خلال الاشهر الاخيرة (2500 قتيل في ثلاثة أشهر بحسب بيانات الامم المتحدة، وليس بيانات حكومتنا التي تمتنع عن تقديم احصائيات حقيقية عن أعداد القتلى والمصابين وقيمة الأملاك والأموال المدمرة، في علامة قوية أخرى على عدم مبالاة الحكومة بمحنة مواطنيها على هذا الصعيد).
منذ العام الماضي عاد الارهاب لينفلت من العقال ويصبح خارج السيطرة برغم التصريحات المتكررة لرئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وتهديده ووعيده بمحاسبة الضباط المسؤولين عن القواطع التي تقع فيها الأعمال الإرهابية، وبرغم الجولات المصورة لأغراض الدعاية للوكيل الأقدم لوزارة الداخلية.
نحن نعرف لماذا يتواصل الإرهاب ويتفاقم.. نعرف هذا من نظام المحاصصة الذي تتمسك به النخبة السياسية النافذة في السلطة، وأولها حزب الدعوة الاسلامية الحاكم وقياداته .. نعرف هذا من الفساد المالي والاداري المتفشي في أجهزة الدولة جميعا بدراية ورعاية من هذه النخبة وعلى رأسها حزب الدعوة الحاكم وقياداته .. نعرف هذا من تخاذل مجلس النواب عن القيام بواجبه في المراقبة والمحاسبة .. نعرف هذا من تقصير السلطة القضائية والهيئات المستقلة (النزاهة وحقوق الانسان بخاصة) في تطبيق مبادئها التي يفترض أن تحكم عملها، بخضوعها لارادة الحكومة وسكوتها عما وُجدت لتفضحه.
لكننا لا نعرف: ماذا تفعل قواتنا المسلحة، الجيش والشرطة وأجهزة الأمن الأخرى، مادامت لا تحفظ الأمن؟
ولا نعرف أيضاً: لماذا تُنفق المليارات على الجيش والشرطة وتسليحهما ولماذا تُعقد الصفقات بالمليارات لشراء الاسلحة والمعدات العسكرية بينما نعاني، الى جانب الانفلات الأمني، من تردي الخدمات العامة كلها من كهرباء وماء ونظافة وسكن ونقل وصحة وتعليم وسواها؟
ولا نعرف كذلك: ماذا حققت "المصالحة الوطنية" والأموال الهائلة المنفقة عليها؟
ولا نعرف أيضاً وأيضاً: لماذا يتكبر علينا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وكبار مساعديه والمسؤولين في وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني فلا يخبروننا بحقيقة ما يجري ويدور وأسبابه ودواعيه؟  
ولا نعرف أخيراً وليس آخراً: ماذا يفعل مجلس النواب بشأن دوره في المراقبة والمحاسبة؟ وما مبرر وجوده، بالرواتب والمخصصات الضخمة التي يتقاضاها أعضاؤه حتى بعد انقضاء خدمتهم (هل يقومون بخدمة ما؟)، اذا كان لا يراقب ولا يحاسب؟ .. لماذا يعجز عن كسر شوكة القائد العام للقوات المسلحة والمسؤولين الأمنيين وجلبهم الى قبة البرلمان ليخضعوا للمساءلة والمحاسبة، كما يجري في كل البلدان التي توجد فيها برلمانات وحكومات تحترم نفسها؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. علي رحماني

    سيدي اجيبك بأختصار الجيش بيد المالكي وسنبقى نردد خارج السرب ونموت من حزننا على وطن ابتلعه رئيسنا باسلوب القمرجية ولعب كل السياسين النص ردن ويا ...تحياتي لك ايها الكاتب الجميل واكرر اعجابي بكتاباتك...

  2. سمير طبلة

    عار عليهم، فلن يفلتوا من العقاب. فكل قطرة دم عراقي برقبتهم. وسيأتي يوم حسابهم. فليحترموا انفسهم، ويعلنوا فشلهم، ويستقيلوا. أما ما قاله رئيس وزرائه البائس هو يكدر واحد ياخذها حتى ننطيها فثمنها عليه سيكون غالياً.

  3. ابو علي الزيدي

    لماذاتتسائل يا سيدي وانت ونحن نعرف الجواب هولاء جاءو لاليبنوابل جاءو ليدمرواالعراق نفسيا واجتماعيا واقتصادبا انهم جاءوا ليكملوا المؤامرة على الشعب العراقي التي أبتدئة في 1979 من القرن الماضي لا عليك بالوطنية ولا الاسلام انهم ينفذون ما يأتمرون به ولهم حق س

  4. نصيف جاسم حسين

    أحسنت أستاذ عدنان، لا يتفق سياسيونا على شيء قدر اتفاقهم على الفشل وفساد وكلهم مسؤولون عن ما يجري في البلاد من دمار وقتل وخراب بدرجات مختلفة، فمنهم من يريد استمرار حالة اللا دولة ومنهم من يريد تكوين دويلته الخاصة ليكون أميرا عليها ومنهم من يريد ارضاء اسياد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram