TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كذب.. في رمضان

كذب.. في رمضان

نشر في: 15 يوليو, 2013: 10:01 م

للطقوس في كل شيء لذة كبرى فمن يشاهد مباراة لكرة القدم مع عائلة تهوى الرياضة اومع رفاق في مقهى شعبي يتلذذ بالتشجيع صراخا، ومن يمارس لعبة (المحيبس) الرمضانية بعد الافطار في مقهى محلته الشعبية يتلذذ يتناول البقلاوة والزلابية المرصوفة في صوانٍ اعدت للفائزين والمشاركين على السواء..في رمضان هذا العام بدأت حكاية الطقوس الرمضانية بالتضاؤل تدريجيا فمن حصة تموينية تشمل كل المواد الاساسية التي تحتاجها العائلة العراقية الى حصة تضم التمن العادي والبسمتي والزيت فقط بانتظار اكتمالها مع اكتمال القمر في منتصف الشهر بوصول العدس والسكر وحليب الاطفال واذن فلاضير من تأجيل عمل (الكاستر) و(المحلبي) حتى النصف الثاني من الشهر الكريم طالما ان كرم الحكومة لم يتزامن مع بداية الشهر..ومن انتظار صوت الطبل الذي يدق عليه (المسحراتي) لايقاظ الناس وقت السحورالى توقيت الساعات المنبهة بعد ان تعرض مسحراتي منطقة العامرية الى القتل على ايدي مسلحين واختفى المسحراتية مع طبولهم من بعض الاحياء خوفا من نفس المصير، ومن التجمع بعد الافطار اما في الجوامع للصلاة وتلاوة القرآن او في المقاهي الشعبية والكازينوهات لممارسة لعبة (المحيبس) او الالعاب الشعبية الاخرى الى تناثر جثث ضحايا المحيبس بعد انفجار يستهدفهم في احد مقاهي محافظة كركوك او متابعة مسلسلات لاأول لها ولاآخر على مختلف القنوات الفضائية او الجلوس امام عوالم الفيس بوك حتى موعد السحور...
في ايام رمضان، كان الناس يتسابقون لفعل الخير ومساعدة المحتاج وتبادل الاطباق قبل الافطار والتزاور واليوم يتظاهرون احتجاجا على غياب الكهرباء في بلد النفط والوقود ويغرقون في عرقهم وهم يجلسون لساعات طوال في مركبات النقل الخاص التي تحولت الى اقفاص بشرية في انتظار الخلاص من الازدحامات والحواجز الكونكريتية ويواظب اصحاب الدخل المتوسط منهم على شراء افخاذ الدجاج المجمد الذي يطلق عليه تندرا (المفخخ) لعجزهم عن دفع ثمن لحم الغنم او الدجاج الحي يوميا، اما اصحاب الدخول المحدودة او الغاطسون تحت خط الفقر فيكفيهم رغيف او طبق رز يملأ معدتهم رغم ان عيونهم تشتهي كل معروضات السوق كعادة الصائمين في كل زمان ومكان او يزورهم الحظ بحصولهم على سلة رمضانية من جمعية الهلال الاحمر او منظمات المجتمع المدني، اطباق ماقبل الافطار تضاءل تبادلها هي الاخرى بعد ان تبدل اغلب الجيران بفعل التهجير واحداث العنف ولم يعد الجار يثق الا بجاره الذي عرفه منذ سنوات طوال اما الجار الجديد او الطارئ فهو موضع شك حتى تثبت براءته...
طقوسنا الرمضانية انتهت منذ ان استبدلنا مسلسلات (تحت موس الحلاق) و(المقهى البغدادي) و(على هامش السيرة) العائلية والدينية بمسلسلات ترافق بعضها عبارة (يمنع الصغار من مشاهدتها لاحتوائها على مشاهد لاتليق بهم) فهي متخمة بالمخدرات والرقص والعنف والدم والضحك على الذقون ومن يخاطب فيها العائلة العراقية يسخر من الحكومة بطريقة (اكبر كذاب) او (ابو لسان) او يستفز آلامها بمصارحة رجل سياسة في سحور سياسي او حوار رمضاني لاكتشاف كم آخر من الفساد والكذب... رمضاننا بات فرصة لاستعراض عضلات (مدعي الخير) والناقمين على الوضع المائل ومخربي الطقوس البريئة..اما المواطن البسيط - الصائم او العاجزعن الصيام لعمله تحت سياط الحر اللاذعة فهو اول من يحرم من الامان وممارسة الطقوس الجميلة وآخر من يتلقى الخير في شهر البركات..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram