أكتب بينما خبر إضافة مسحة من الجمال الى الحكومة المصرية الجديدة، من خلال تعيين خمس وزيرات، وهو الأمر الذي أثار موجة من السعادة والارتياح في الشارع المصري.
الخبر يؤكد أنه: لا بديل عن دخول المرأة بقوة في معترك الخدمة العامة.. ولا مكان لسلطة تغييبها ومنعها من ممارسة دورها باسم الحفاظ على الأخلاق وقيم المجتمع.
في الأيام الماضية قدم لنا المصريون نموذجاً للساسة المتحضرين، فلم نشاهد أو نسمع أن رئيس قائمة قرر أن ينزل بكل ثقله كي يحصل على منصب له أو لأحد أقاربه، ولم نسمع أن الدولة عجزت عن أن تجد مثقفاً لتضعه على رأس وزارة الثقافة فاستعانت بوزير دفاع سابق، ففي لفتة جميلة ومؤثرة اختار القائمون على حكم مصر أن تكون عازفة الفلوت الشهيرة ومديرة دار الاوبرا الدكتورة إيناس عبد الدايـم أول امرأة تجلس على كرسي طه حسين وثروة عكاشة وفتحي رضوان.. فيما وقع الاختيار على صاحبة البرنامج التلفازي الشهير نادي السينما الدكتورة درية شرف الدين لتكون على راس وزارة الاعلام.. فيما وقع الاختيار على الدكتورة داليا السعدني لتتولى وزارة البحث العلمي..وفي سيرتها الذاتية نقرأ إنها حازت على ثلاث جوائز في مجالات العمارة والتصميم واحتلت المركز 72 بين افضل مئة معماري في العالم.. طبعا لا أريد ان أذكر أصحاب القرار في حكومة المحاصصة الطائفية ان العراقية " زها حديد " حصدت المركز الأول عالمياً كأفضل معمارية.. وأنا اقرأ أسماء الوزراء الذين اختارهم الببلاوي لم اسمع ان أحداً من جماعة "تمرد" الذين لهم الفضل في التغيير طالبوا بمناصب وزارية، ولم يتقدم شقيق " خالد سعيد " الشاب الذي أشعل فتيل الثورة في مصر أو أحد أقاربه للحصول على منصب في الحكومة الجديدة، بل إن الحكومة ضمت عناصر من التكنوقراط، ولم يتجرأ احد أن يعين " إمام جامع " في منصب وزاري، ولم يبتدع احد وزارات وهمية تحت عنوان وزارات دولة يعادل عددها عدد وزارات الولايات المتحدة الأميركية مجتمعة، وان يستخدم نظاماً جديداً في تشكيل الحكومات يطلق عليه اسم حكومة " المحاصصة الوطنية "، فما دام كل شيء وطنياً وطائفياً فليذهب الشعب إلى الجحيم.
أهدانا أهل مصر خلال الأيام الماضية أول ثورة شعبية عربية ناجحة قامت لأسباب اجتماعية واقتصادية. فقد كانت العادة من قبل أن الجوع والقهر والتخلف عندنا لا يغير الحكومات، وكأننا نرضى من حكامنا فقط بأن يكفّوا عن قتلنا، فإن أخذوا رزقنا فهنيئا لهم فنحن أضعف من أن نثور. وكأننا تعودنا الجلوس في المقاهي بلا عمل، وكأننا تعودنا أن يحولنا الفقر إلى شحاذين ومقهورين ثم لا نغضب، ونحمد الله على أننا لم نمت ولم نعذب ولم نوضع في قبو أو قبر.
علمنا شباب مصر الغضب الحلال، وأن تواقيع المواطنين سبب كاف ليرحل رئيس الجمهورية وأهله وعشيرته وحلفاؤه وأصدقاؤه..علمتنا مصر أن كلمة الشعب غالية ولا يمكن أن تتحول إلى نغمة نشاز بأصوات سياسيين يمضغونها مثل العلكة المستوردة!
في مصر أصر المسؤولون على اختيار نساء لأنهن كفوءات، ولهن برنامج محدد للنهوض بالوزارة ومؤسساتها، أما في دولة " عالية نصيف وحنان الفتلاوي ومريم الريس وعتاب الدوري صاحبة مشروع انتخبوا ابو حاتم، وابتهال كاصد وزيرة المرأة التي اخبرتنا انها لا تخرج إلى الوزارة كل يوم إلا بعد أن: " تستأذن زوجها فالرجال قوامون على النساء فكيف لنا أن نطالب بالمساواة؟"
للأسف إن البعض من ساستنا كأنهم لم يقرأوا بعد أحداث مصر، أو أنهم يعتبرون أننا نعيش في جزيرة معزولة لا علاقة لها بما يجري، ومن ثم لا يجوز مقارنتها بمصر أو غيرها من بلدان العالم الآخر، ففي الوقت الذي تحاول فيه دول إقرار قوانين وتشريعات تساعد النساء، يخرج منظرو السياسة عندنا بقوانين وقرارات تثقل كاهل المرأة العراقية
فعلها الببلاوي فاختار عازفة موسيقى وزيرة للثقافة.. وقبلها فعلها المالكي حين نهض مستعيذا بالرحمن لان فرقة الفنون الشعبية قدمت عرضاً راقصاً في افتتاح أيام بغداد للثقافة..
اليوم تقدم مصر علامة فى تاريخ الدفاع عن الفن ضد كارهيه من أعداء الثقافة والتعبير الحر.. وستبقى لنا تلك اللحظة التاريخية عندما خطا حازم الببلاوي ليصافح سيدات مصر.
الشعب المصري القادر على التغيير استطاع ان يهرب من نفق التخلف ومتاهة الإخوان المسلمين... ويعى أنها لحظة تاريخية، إما أن تنتقل مصر إلى دولة ديمقراطية أو تذهب مثلنا نحن المساكين إلى مصير الصومال وجمهورية قندهار الديمقراطية!!
تغيير على "فلوت" إيناس.. وظلام في "قوامة" ابتهال
[post-views]
نشر في: 16 يوليو, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
ابو سعد
الشعب المصري اعطى درسا حقيقيا في الديمقراطيه التي لاتكتمل فقط في الصوت الانتخابي اللذي يوضع في الصندوق بل في الحوار ثم الحوار ثم الحوار مع الخصم اسياسي من اجل الاهداف الحقيقيه لبناء دولة المواطنه لما فشل الحوار في مصر خرج الشعب ليقول كلمته بانه صاحب الشرع