منذ أول يوم وصلت فيه الى لندن أخيراً أدركت سبباً آخر لعدم تصديقي، كما سائر العراقيين، النكتة الرديئة والبليدة التي أطلقها نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة باننا سنتمكن من تصدير الطاقة الكهربائية بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي منها مع انتهاء العام الحالي.
هذا السبب وجدته في حديقة بيتي. فعندما حلّ الليل يوم وصولي لاحظت شيئاً مضيئاً بين شجيرات الحديقة. اقتربت منه فاذا به مصباح صغير الحجم، لكنني لاحظت انه غير موصول بما يربطه بمصدر الطاقة الكهربائية في البيت، ورغبت في اكتشاف السر. ابنتي أخبرتني بانه يعمل على الطاقة الشمسية :"شنو؟" .. ضحكت ابنتي وقالت: اشتريناه بجنيه إسترليني واحد (دولار ونصف الدولار)!
لليال عدة لاحقة رحتُ أتأمل هذا المصباح الذي كان يضيء حيزاً صغيراً حوله كلما حلّ الظلام. في النهار يشحن نفسه من ضياء الشمس حتى في الأيام الغائمة، وفي الليل يظلّ منيراً حتى الفجر.. فكّرت لو انني أنشر مئة منه في أرجاء الحديقة لأضاءها بالكامل.
بعد أيام اكتشفت أن بعض سكان المنطقة حيث يوجد بيتي قد بدأوا بنصب أجهزة الطاقة الشمسية على أسطح بيوتهم. أعرف منذ عشرين سنة أو أكثر أن استخدام الطاقة الشمسية قد بدأ في بريطانيا وسواها من الدول المتقدمة، لكنه كان محصوراً في بعض المؤسسات والمشاريع الكبيرة، وهذه أول مرة أجد ان هذا الاستخدام أصبح شعبياً الى درجة انه دخل إلى بيتي.
الآن أتوقع ان يتسع في غضون 5 - 10 سنوات نطاق الاعتماد على الطاقة الشمسية في البيوت والمحال الى درجة تصبح فيه الأجهزة المنتجة لها رخيصة الثمن كأجهزة الترانسستر والكومبيوتر، فيُقبل عليها الناس زرافات كإقبالهم اليوم على أجهزة التلفون المحمول، ويومها تُصبح غير ذات فائدة كل محطات توليد الطاقة الكهربائية التي أنفق السيد حسين الشهرستاني على انشائها عشرات مليارات الدولارات، نصفها "لهفه" الفاسدون والمفسدون، بعد مسيرة عذاب للعراقيين مُهلكة ومُدمرة ، فالاستخدام الواسع لأجهزة الطاقة الشمسية يجعل هذه المحطات لا لزوم لها بسبب تكاليف تشغيلها العالية، وبالتالي تسقط خطة الشهرستاني النكتة بتصدير كهربائنا، لأننا لن نجد يومها من يرغب في شراء الكهرباء، بل إننا سنجد من نعرض عليهم تقديم كهربائنا الفائضة اليهم مجاناً يضحكون منا كما يضحك منا أهل الخليج وسواهم الآن كلما حدثناهم عن ان التيار الكهربائي لا يصل إلى بيوت العراقيين 15 أو 16 ساعة في اليوم.
الليلة قبل الماضية تظاهر بعض أهل البصرة احتجاجاً على التصريحات الكاذبة لمسؤولي المحافظة بان تجهيز الكهرباء في المحافظة يصل إلى 12 ساعة في اليوم. واعلن المتظاهرون انهم سيواصلون تظاهراتهم ويُمكن أن ينقلوها إلى مواقع ضخ النفط للضغط على المسؤولين.
وعلى هؤلاء المتظاهرين أقترح أن يطالبوا في تظاهراتهم اللاحقة بتوفير أجهزة الطاقة الشمسية، فربما كانت أيسر من الحصول على الكهرباء من محطات قد لا يبدأ انتاجها الا بعد أن ينتقل العالم كله الى الطاقة الشمسية.
في ذكرى نكتة الشهرستاني البليدة
[post-views]
نشر في: 16 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
احمد
والله وانت ايضا نكته لان للان لاتوجد طاقة بديلة للنفط والنووي من تشغيل المكيفات
د. سمير حنا
عزيزي الصديق عدنان تحية طيبة للمعلومات ان أكبر منتج لألواح الطاقة الشمسية هي الصنين وتصدر هذه الألواح الى كل أوروبا وهي أرخص من مثيلاتها المنتجة في أوروبا ب ٤ الى ٥ أضعاف ، وان المصانع التي تنتج هذه الألواح مصدرها ألمانيا اي ان الصين تشتري أجهزة إنتاج ألو
نصيف جاسم حسين
أذكرك استاذ عدنان بنكبة اقدم من هذه فقد ذكر الشهرستاني قبل أكثر من ست سنوات وعندما كان وزيرا للنفط في معرض رده على سوال عن سبب عدم اهتمام وزارته إنشاء مصافي للنفط واستمرار استيراد المشتقات النفطية بكميات كبيرة أن مجرد وضع المخططات أهكذا مصافي يتطلب مدة