3-4 لقد لعبت الفضائيات دورا رياديا بامتياز في نقل البيئة الحقيقية لأحداث ربيع الثورات العربية من خلال خلق حالة التوتر عند المتلقي (( Tension)) من   أساليب وطرز العرض الفنية وفاعليتها .كما أن عنصر التوتر مهم وحساس لأنه سلاح ذو حدين لذا

3-4
 لقد لعبت الفضائيات دورا رياديا بامتياز في نقل البيئة الحقيقية لأحداث ربيع الثورات العربية من خلال خلق حالة التوتر عند المتلقي (( Tension)) من   أساليب وطرز العرض الفنية وفاعليتها .كما أن عنصر التوتر مهم وحساس لأنه سلاح ذو حدين لذا كتب الدكتور كرم شلبي محذرا لاستخدامه قائلا  : "ولعله من الضروري أن ننبه في هذا الصدد إلى أن خلق الإحساس بالتوتر لا يعني أن نبالغ أو نهول فيما نعرض.. فالخط الفاصل بين التوتر Tension والمبالغات غير المقبولة و غير المقنعة دقيق جدا وصغير جدا . أما أثره في المشاهد فهو كبير إلى أبعد الحدود"  .  
إن التوتر هنا هو المصطلح الفني الحاضر في الخطاب الإعلامي و الذي يبلور دقائق الانتماء للصورة التلفزيونية والتي تتضمن تسجيل الحدث.. اختيارات اللقطة وطبيعتها.. قياس زمنها ومكانها.. تطابق وملائمة الكلمة معها.. استخدام الموسيقى الخاصة التي تترك انسجامها مع الصورة لخلق الإثارة مع مؤثرات الشارع بما فيه من أصوات المتظاهرين.. جرح .. إصابة.. قتل.. رصاص.. سيارات إسعاف, جميعها لتخلق حالة التوتر التي نتحدث عنها وتقديمها للمتلقي كرسالة إعلامية تميزت بها فضائيات الربيع العربي.
 من الجدير بالذكر أن أداء بعض الفضائيات العربية وغير العربية التي ساهمت بالريادية في تغطية ربيع الثورات العربية والتي كانت حاضرة في كل مكان لنقل حقائقية الأحداث في ساحة الحدث نفسه ثم ما قدمته من حوارات وورش عمل إخبارية وبرامج ثقافية تدور حول موضوعة الربيع العربي الذي مادته الإنسان. ولعل التغطيات التي قدمتها كل من الجزيرة و العربية وقناة الـ  BBCالعربية وCNN وغيرها من القنوات الفضائية المتنافسة على ما عرضته وتعرضه من مواد برامجية حضت بكثافة كبيرة للجمهور المشاهد الذي ظل على تماس مع شاشاتها في استلام رسائلها الإعلامية. وفي إحصائية أجراها  " مركز حماية وحرية الصحفيين" في الأردن ,(   تشير الى ان التلفزيون يتصدر قائمة المصادر التي يتابع من خلالها الأردنيون الثورات العربية بنسبة 98 في المئة مقابل 29 في المئة للانترنت. وفي مصر، كشف استطلاع لشركة « سينوفت » حول قياس آثار الثورة على المصريين أن 75 في المئة من المشاركين في الدراسة ارتفعت نسبة مشاهدتهم للتلفزيون عما قبل الثورة. كما ارتفع ترتيب القنوات الإخبارية من المركز الرابع الى الصدارة بعد الثورة، من دون ان ننسى ولادة فضائيات كثيرة باسم الثورات العربية، أو تحوّل أخرى عامة الى السياسة لمواكبة التغييرات والوقوف عند مزاج المشاهد)  
لقد قامت الفضائيات بمواكبة الربيع العربي منذ أول خبر عاجل لكسر حاجز الخوف حينما حرق البو عزيزي نفسه مما أرعب وهز أركان النظام التونسي في 14 يناير من عام 2011 , ولم ينتظم البلد تحت بناء دولته الجديدة حتى الآن بالرغم من انتخاب رئيسا للجمهورية واحتفالهم بمرور عام على ربيع ثورتهم . وفي 25 من يناير سقط نظام الرئيس مبارك ولم يتح لأكبر دولة عربية أن تجمع شملها وتؤسس لنظام جديد بعد سقوط نظامها القديم وحتى الآن  بالرغم من مرور سنة  أيضا. وفي الثالث من فبراير من العام الماضي تحرك شباب الربيع العربي في اليمن ومازالت الأزمة قائمة بين مد وجزر ولن تنتهي حتى بمغادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لأمريكا على أساس المعالجة , و في البحرين ومنذ الرابع عشر من فبراير وسكوت الفضائيات يدعوا للتساؤل عن هذا الإهمال في اقتضاب  الخطاب الإعلامي الخجول الذي لا يرتقي لما يعرضه في بلدان الربيع العربي الأخرى, وفي ليبيا ومنذ 17 فبراير وصولا لمقتل القذافي وسقوط النظام الليبي بمساعدة عسكرية من الخارج ولم تهدأ نفوس الثوار لتحقيق نتائج إيجابية لربيع ثورتهم  حيث اللهاث وراء تقسيم كعكة السلطة مازال يأكل  الثوار. كما تصاعدت الاحتجاجات السورية منذ الخامس عشر من مارس وحتى الآن تحصد الخيبة وضبابية ربيع الأمل المفقود وتفاقم سقوط الضحايا والقتل العشوائي والمنظم بفوضوية. والكل ينتظر من الربيع أن يتمخض بنظام جديد لم يولد حتى الآن .
إن اختيارنا لعامل التوتر لم يأت اعتباطا في تقييمنا للخطاب الإعلامي  وإنما يشكل معنى على دلالة الموقف الساخن للرأي العام والذي لم تفصح مخرجاته حتى الآن عن نتائج إيجابية لتطابق مفردة الربيع بالمعنى السيميلوجي في مختلف ساحات  الثورات ولذلك سنفصل تلك الافتراضية ونسقطها على حقائق الواقع الذي يبرهن صحة إفتراضيتنا الواقعية هذه. فلو أجرينا مسحا لنتائج ما وصلت إليه الثورات العربية حتى الآن لنجد أنها مازالت تعطي الدماء والشهداء ويرزح شبابها في السجون أو مازالوا قيد التحقيق والاستجواب مع الغرابة في أن الجميع ينادي بحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير . كما أن التقرير الأخير الصادر من الأمم المتحدة يشير إلى أن واقع الأمة العربية بحاجة إلى الحكم الرشيد في تعزيز الديمقراطية وتوفير فرص العمل للشباب والقضاء على البطالة والفقر والمرض وممارسة الدور الفاعل للمرأة العربية وهذه كلها ومن أجلها ثار الشباب العربي لتحقيق ربيعهم المنشود والذي تؤشر أحداثه أن لا جديد تحت ربيع التغيير قد تحقق على واقع هش يخلو حتى الآن من ستراتيجية صادقة لبناء نظام ربيعي جديد. و تلك هي ردود الفعل الجماهيري المستمرة في التعبير عن الرأي العام اليومي الذي يتأثر بالحوادث الجارية كل يوم والتي تنقلها الفضائيات كل يوم مادامت الأزمة قائمة. حتى أننا نرى أن بعض الدول الأوروبية بدأت تخطط في ستراتيجيتها السياسية وتقرأ واقع ونتائج المتغيرات التي ستطرأ على دول ربيع الثورات وترسم خارطة طريق جديدة تعد استباقية للتعامل مع صناديق الانتخابات المصرية  على سبيل المثال من خلال ما كتبه الصحفي خالد شمت من برلين :
" اعتبر مشاركون في اللقاء السنوي لجمعية العلاقات العربية الألمانية أن ثورات الشعوب العربية وضعت الغرب أمام تحديات جديدة، هي التعايش مع الإسلام والتخلي عن تعميم الأحكام النمطية المسبقة تجاهه، وتطوير آليات جديدة للتعاون مع الحركات الإسلامية القادمة للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية في عدد من دول الربيع العربي ."   .
هنا لابد من وقفة متأنية في قراءة الخطاب الإعلامي الجديد والذي يعطي المتلقي حقيقتين هما: أن القراءة الألمانية تحلل النتائج التي ترد من الخطاب الإعلامي العربي في ظل الربيع العربي وتعتمده لبناء أبواب لابد من فتحها على جماعة الإخوان المسلمين والتي حصلت على 40%  من مقاعد مجلس الشعب في مرحلتين انتخابيتين وأصبحت تصريحات قادتها تنص على إقامة دولة خلافة إسلامية رشيدة , حيث نقلت تلك التصريحات قناة الـ  CNNالعربية بتاريخ 5/1/2011 :
"  -- أدت الرسالة الأسبوعية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، إلى إثارة نوع من الجدل في الأوساط السياسية بمصر،  لما أبداه من اقتراب الجماعة من تحقيق خلافة إسلامية، و التي كان يهدف إليها مؤسسها الإمام حسن البنا ، ما زاد المخاوف حيال البرنامج السياسي للقوى الإسلامية التي يتوقع أن تحصد معظم مقاعد البرلمان".