بلغت العزة بالإثم، عند المُرشد العام لجماعة الإخوان المُسلمين، حد التشبّه بالرسول الكريم، وتشبيه مؤيديه ومتظاهري رابعة العدوية بصحابته، الذين خاضوا تحت قيادته معركة بدر، داعياً إيّاهم لإحياء ذكراها في السابع عشر من رمضان، بخوض معركة سماها بدر الثانية، هدفها الدفاع عن شرعية مندوبة في القصر الرئاسي، ولم يشعر المرشد البديع بأية دوافع دينية أو أخلاقية، تدفعه لحقن دماء المسلمين في هذا الشهر الحرام، فاجتمع مع مجموعة من أركان تنظيمه لبحث الموقف، ووضعوا أكثر من خطة استعداداً لبدر الثانية، وأفتى لأنصاره بالإفطار في رمضان، لأنهم في حالة جهاد، واعتبر أن حكم مغادرة ساحة رابعة العدوية، كحكم من يفر من المعركة والجهاد ضد الكفار، وهو بذلك يكفّر كل المصريين غير المؤيدين لعودة مرسي، مع أنهم يعدون عشرات الملايين.
معروف أن المخطط النهائي للتنظيم الدولي للإخوان، هو تحقيق حكم الخلافة وفق رؤيتهم، وإذ لم يتمكنوا من جعل مصر نقطة انطلاق لمشروعهم، فلا ضير من تدميرها، والدليل على ذلك هو توصيات اجتماع إسطنبول الأخير للقيادات العليا للتنظيم، الداعية إلى المضي في خطوات تدمير مصر، وتوريط شبابها المغرر بهم، في مواجهات مع جيشهم الوطني، المطلوب اليوم شقّ صفوفه، ما يؤكد الإصرار على فرض أجندة الإخوان على المصريين، وتوظيف مصر ومقدراتها، لخدمة أجندات التنظيم العابر للأوطان، في تحقيق طموحات مستحيلة التنفيذ.
يراهن الإخوان اليوم بتعطيلهم للمصالح العامة، وإلهاء الحكومة المؤقتة عن واجباتها، وتحريض الشارع عليها، على الوصول بالناس إلى نقطة انفجار جديد، لتوهمهم أن الذين ثاروا ضد مرسي، قاموا بذلك فقط بسبب وضعهم المعيشي السيئ، وهو اليوم أسوأ مما كان عليه أيام مبارك، ولمعرفتهم أن الحكومة الجديدة، مع كل ما وصلها من مساعدات، تحتاج إلى فترة لترجمة ذلك إلى واقع معيشي أفضل، خصوصاً أننا علمنا أن ما تلقته حكومة مرسي من معونات، لم تمكنها من تجاوز الأزمة الاقتصادية، يتجاوز كثيراً المعونات الموعودة اليوم ومعظمها عيني، وهم بذلك يمارسون لعبةً سياسيةً، بهدف الحصول على مكاسب، أو تقليل حجم الخسائر، لضمان وحدة تنظيمهم، أو الحفاظ على صورته التاريخية الزائفة، وعدم تشويه تجربته "الفاشلة" في الحكم، ما يحكم على مستقبله بالاندثار.
ليس مفهوماً العمى السياسي، الذي يتحكم بسلوك الإخوان ونشاطاتهم، في محيط رابعة العدوية حيث يعتصمون، وبقية المناطق حيث يقطعون الطرقات، ويتحرشون بقوى الأمن ومناهضيهم في آن معاً، وما أن كان هناك من يدرك أنها تزيد كراهية الشعب لهم، وتصب مزيداً من الزيت على نار العداء بينهم وبين مؤسسات الدولة، وتجعل من احتمال عودتهم إلى الحكم بأي وسيلة، ضرباً من المستحيل، حيث يبدو صعباً أن يعود الشعب لاختيار جماعة تحتمي بالدين، وفشلت في تجربة الحكم، الذي تسعى للعودة إليه بالدم والنار، في زمن الديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد.
إزاء كل هذا، لا خيار أمام السلطة المؤقتة، غير الإسراع بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، تمنحها الشرعية التي يتبجح الإخوان بأنها في حوزتهم، وبعدها سيكون لزاماً إنجاز دستور جديد يحكم البلاد والعباد، وعندها سيمكن القول بضمير مرتاح، إن مصر وضعت خطوتها الأولى على الطريق الصحيح، وعندها لن يكون ممكناً للإخوان، الوقوف في وجه الحكومة المنتخبة بخيار شعبي شفاف، تحت أنظار مراقبين دوليين، وليس مهماً بعدها، إن استمروا في تظاهراتهم مدفوعة الثمن، لأن الشعب قال كلمته.
الحزب أهمّ من الوطن
[post-views]
نشر في: 17 يوليو, 2013: 10:01 م