TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معالي صاحب الكرش

معالي صاحب الكرش

نشر في: 19 يوليو, 2013: 10:01 م

المنطقة العربية ربما تكون الوحيدة في العالم ، التي تتميز بضخامة وكبر كروش  المسؤولين والسياسيين ، وحينما تستعرض الذاكرة الأسماء يحتاج المرء إلى عشرات الأطنان لتقدير الأوزان وهي كالعادة ليست بقدر الأفعال ، على الرغم مما يقال دائما بان صاحب معالي الكرش مشغول برسم الخطط المستقبلية ، لتطوير وزارته  وتنفيذ برنامجها قبل انتهاء الدورة الحالية من عمر الحكومة.      
قضية كرش المسؤول ، كانت واحدة من الأمور التي تصدى لها النظام السابق بإجراءات وأوامر القيام بالترشيق ، والخضوع لبرامج قاسية لإذابة الشحوم والتخلص من الوزن الزائد ،  للاحتفاظ بالمنصب ، ووقتذاك  انشغل الجميع بالتخلص من الكروش للحصول على الانسجام التام بنسبة الوزن مع الطول ، وشمل ذلك المسؤولوين بدءا من الوزراء فضلا عن  وكلائهم والقادة العسكريين والحزبيين على اختلاف درجاتهم ، والمديرين العامين وحتى رؤساء تحرير الصحف ، وكل هؤلاء في زمن فرض العقوبات الاقتصادية على العراق  لم يعتمدوا على مفردات البطاقة التموينية في تناول طعامهم ،  لتمتعهم بامتيازات الحصول على اللحوم الحمراء والبيضاء ، فيما يتناول  بقية العراقيين الباذنجان المعروف لديهم باسم" وحش الطاوة " كسرا للحصار الجائر،  وتعبيرا عن رفضهم المخططات  الإمبريالية .
أوامر الترشيق أعقبها توجيه  بالمشاركة في التدريب العسكري ، وإجادة الفنون القتالية  ليكون المسؤول صاحب الكرش على استعداد دائم لمواجهة المعتدين ، ويده على الزناد وفوهة بندقيته موجهة على الدوام نحو الجبهة الشرقية والشمالية ، ثم الجنوبية بعد غزو الكويت ، وبفضل الترشيق اصبح الشعب  فيالق مسلحة ، حتى تحول الزي العسكري الى دشاديش وبجامات للنوم ، بعد غياب قماش البازة وخام الشام نتيجة فرض العقوبات الاقتصادية بقرارات مجلس الأمن.  
عراق اليوم،  قياسا ومقارنة بسنوات سابقة وبلدان مجاورة لم يجعل أصحاب الكروش في الواجهة الرسمية ، لان الحكومة اعتمدت الترشيق في السنة الاولى من عمرها  في اطار التخلص من الترهل والشحوم الزائدة ، فألغت وزارات  واستحدثت هيئات  مستقلة ،   وطال الترشيق الحكومي الجسور والطرق في العاصمة بغداد ، ومن مظاهر الترشيق الجديد ، منح  كبار المسؤولين امتيازات لا توجد في كل دول العالم من رواتب ضخمة وسيارات مدرعة لهم ولأبناء أسرهم والاقرباء حتى الدرجة الرابعة ، لان المسؤول الجديد اختلف عن السابق  بتطابق نسبة وزنه مع طوله ، بمعنى انه  ليس صاحب كرش كبير ، يثير اعتراض الحاسدين ، وبفضل سياسته  أصاب  الهزال العراقيين  واصبحوا عبارة عن جلد وعظم ، لان أوضاعهم الأمنية لاتساعدهم على تناول طعامهم بشكل طبيعي ،  فهم  في حالة قلق دائم ، واتصالاتهم الهاتفية لاتنقطع لحظة، عندما تنهال على رؤوسهم الأخبار العاجلة عن انفجار  مفخخات في وقت متزامن، فيما المسؤول داخل صالة الساونا والرياضة الشاقة للتخلص من الشحوم ، وبانتظاره الصبايا ينتظرن إشارة إجراء التدليك ، ثم التعطير ، والعب بيها يابو سميرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram