يقفز زكي بني رشيد، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ببهلوانية المحترف، عن كل الحقائق الدامغة، بخصوص الثورة الشعبية، التي أطاحت حكم المرشد العام لجماعته في مصر، ولم يجد حرجاً في توجيه الاتهام للأردن، بأنه كان شريكاً في المؤامرة على مصر، حتّى أنّه اعتبر سقوط مرسي، موازياً لسقوط الدولة المصرية العريقة، وهو حين يكتشف أنّ عرش الاخوان المصريين اهتز، لم يجد حرجاً في سحب ذلك على "أصحاب العروش المهتزة"، ليحذّرهم من تجاهل إرادة الشعوب، بشأن تراجع جماعته عن مطالبهم، جرّاء قلقهم نتيجة فشل أول تجربة للجماعة في الحكم، بعد ما يقارب التسعين عاما من "النضال" لتسلم السلطة.
لاندري الصفة التي يحملها الرجل، ليُعلن عدم اعترافه بسقوط حكم المرشد، لكننا نؤكد أنه يسعى لإحراج الأردن الرسمي، وخلق شرخ بين الدولتين، وتلك مهمة محكومة بالفشل الذريع المؤكد، فالمصريون وقواهم السياسية في المقدمة، يُدركون جيداً أن الأردن يقف في صفهم ومع خياراتهم، في كل الظروف، وليس تبنياً لأجندات خارجية، كما يزعم بني رشيد، وهو يحاول التقليل من شأن الدولة الأردنية، وتصويرها مجرد تابع، لارأي لها فيما يحدث في الإقليم، ولعلّ تبعيته وإخوانه، لمرشدهم العام في المقطم، توهمه أنّ الجميع مثله مجرّد تابعين، لمن أدّوا له قسم الطاعة والخضوع.
يُناور "رجل الأزمات"، في محاولة بائسة لتجاوز الهزيمة المؤكدة، التي لحقت بجماعته في مسقط رأسها، وتحويلها إلى نصر مستحيل، فيعلن عدم خشيته من تداعيات ما حصل في مصر، على فروع الجماعة، معتبراً أن ذلك زاد من رصيدها، ويُصعّد حين يُعلن إنه لايحتمل تأجيل مطالبه، ويُهدّد بأن عدم تنفيذها سيكون هروباً من إلإصلاح، مع أنه يعرف، ويعرف جيداً، حجم تأثير تنظيمه، قبل وبعد الزلزال المصري، وهو إذ يحاول ربط الموقف الأردني بتطورات الاوضاع في مصر وسوريا، فانّ ذلك ليس أكثر من اعتراف بالدونية والتبعية.
لم تتأخر قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي، ذراع الإخوان السياسي، عن النقر على نفس الدف، فأصدرت بياناً اتهمت فيه "متآمرين بتنفيذ انقلاب"، واتهمت ثلاثين مليون مصري، تظاهروا ضد مرسي بقبض ثمن ذلك، من أطراف عربية رفضت نتائج الانتخابات المصرية، وشملت الاتهامات نظام مبارك والسفارة الأمريكية، وإيماناً منها بأهمية دورها في السياسة المصرية أعلنت قيادة الحزب "الأردني" إدانتها للإنقلاب، وحمّلت كل المشاركين فيه المسؤولية.
تعامت عيون وعقول الإخوان وحزبهم، عن تمرّد آلاف الشباب من إخوان مصر، على قيادة البديع وسلطته، وإدانتهم أعمال العنف التي ارتكبها مؤيدوه، وهو تمرد يمثل في حقيقة الأمر، التهديد الأخطر على مستقبل الجماعة، إذ يكسر قاعدة "نفذ ثم اعترض"، وحلقة الانضباط الحديدي، الذي يسحق أي معارضة أو وجهة نظر تختلف مع القيادة، التي حملوها مسؤولية كل أحداث العنف، وكانت بوادر هذا الإنشقاق، ظهرت بعد تولي مرسي مهام الرئاسة، وتهميشه العلمانيين الذين أسقطوا مبارك، ويتجاهل "إخواننا" وجهة نظر "شباب بلا عنف"، القائلة إن الإخوان تغيّروا، ونسوا الإسلام والتسامح والدعوة، وأصبح همهم السلطة والسياسة..
وبعد، فإن أخطر ما يمثله الإسلام السياسي، بضفتيه المذهبيتين، هو أنه تحزّب عابر للأوطان، مستعد للتضحية بالمصلحة الوطنية، لصالح التنظيم الأممي، والأمثلة شديدة الوضوح، عند حزب الله اللبناني، المستعد لتدمير لبنان لصالح سياسات الولي الفقيه، وعند كل فروع الإخوان المسلمين حيثما كانت، في طاعة مطلقة لمرشدهم البديع.
ضدّ الإسلام السياسي
[post-views]
نشر في: 19 يوليو, 2013: 10:01 م