TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شيوخ ومقاهٍ

شيوخ ومقاهٍ

نشر في: 19 يوليو, 2013: 10:01 م

لا اعرف إلى الآن دقّة الأخبار التي تتحدث عن علاقة محافظ بغداد بعملية إغلاق بعض المقاهي في منطقة الكرّادة، واعتقد بأن هذه الأخبار غير دقيقة، أولاً: لأنني التقيت بالرجل أكثر من مرّة قبل تسلمه إدارة المحافظة، ولذلك أحسب أنه بعيد عن القرارات الارتجالية. وثانياً: لأن سلطة محافظة بغداد تتوقف حيث تبدأ سلطة أمانة بغداد، بمعنى أن دور المحافظة يقتصر على ضواحي بغداد، "هناك" حيث المناطق التي تنقصها الكثير من الخدمات وتنتشر فيها الكثير من الأمراض، أقصد المناطق التي تتوافد على بغداد نساؤها وفتياتها وصبيانها، إما للتسول أو للتفتيش في الأزبال عن لقمة العيش.
وبالمناسبة هذه واحدة من المفارقات التي يتسبب بها الالتباس القانوني الذي يحدد سلطات كل من محافظة بغداد وأمانتها، فبغداد هي المحافظة الوحيدة التي تنتخب مجلس محافظة لا تربطها به علاقة مباشرة! إذ أن خدمات بغداد من مسؤوليات الأمانة، وهذا الالتباس هو الذي دفع المحافظين الذين توالوا على إدارة محافظة بغداد، إلى ترك مسؤولياتهم عن الضواحي والانهماك بمزاحمة أمانة العاصمة على مسؤولياتها، إذ العمل في الضواحي لا يشد الأنظار والناخبين كالعمل في العاصمة.
السبب الثالث الذي يجعلني استبعد أن يكون للسيد المحافظ يد في موضوع إغلاق المقاهي، هو مخالفة القانون، إذ لا يعقل أن يترك أي مسؤول سلطة القانون التي يمتلكها ويلجأ إلى أساليب هو في غنى عنها، كأسلوب جمع تواقيع من وصفوا بأنهم شيوخ عشائر ووجهاء الكرّادة. باعتبار أن اتّباع الأساليب المخالفة للقانون ستفتح علينا أبواباً لا يمكن أغلاقها أبداً، ولو كان الموضوع موضوع تواقيع لكانت الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب قد ألغيت منذ أشهر. ولو كان الموضوع يتعلق بتطبيق رغبات الأهالي، لكان مرقد سامراء الآن تحت إدارة السامرائيين "السنة" من أهالي المنطقة التي يقع المرقد فيها، وقد عبَّروا عن رغبتهم في الاستمرار بإدارة المرقد ورعايته، كما فعلوا منذ مئات السنين. ولو كانت الديمقراطية تختصر برغبات الناس فلماذا نتجاهل مطالب الآلاف المؤلفة من متظاهري الأنبار؟!
يا سادتي الأفاضل، القانون ثم القانون ثم القانون. لا تكونوا في تعاملكم مع الديمقراطية أشبه بطفل أهديت إليه لعبة رجل آلي وهو لم يتعامل طوال حياته مع غير الدمى المصنوعة من الطين. من خلال القانون يمكنكم إغلاق بدل المقهى الواحد ألف مقهى، ولن يعاتبكم أحد، لأن القانون هو الفيصل في ما يجوز ولا يجوز، أما سلوك غير السبل القانونية فسيُدْخل البلد في هرج ومرج.
الآن ماذا سنفعل لو تحرك مجموعة من شيوخ العشائر المحيطة بالمنطقة الخضراء وطالبوا بإعادة توزيعها على أهالي الكرّادة حصراً، بعد طرد ساكنيها "من السياسيين الجدد" ممن توافدوا إليها من مناطق ريفية أو شبه ريفية الأمر الذي أدى إلى ترييف المنطقة ومسخ طبيعتها البغدادية الحضارية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Mohammed

    كلامم منطقي لكن المشكلة لايوجد منطق في هذا البلد

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram