يبدو أن محافظ بغداد الجديد استكثر على نفسه وعلينا أن يمرّ أكثر من شهر كامل على قوله بانه سيعمل على تمدّن مدينة بغداد وليس على أسلمتها، وأن عاصمتنا لن تكون في عهده كقندهار في عهد حركة طاليبان، فها هو ذا السيد علي التميمي ينقلب على قوله ذاك ويستهدف في أول إجراء له بعض المظاهر المدنية للعاصمة تحت الشعار الزائف ذاته الذي سبقه إليه المحافظ المنصرف وزميله رئيس مجلس المحافظة "الآداب العامة والتقاليد والأعراف الاجتماعية..."!
لا نريد أن نربط بين إجراءات المحافظ التعسفية في حق المقاهي والكافتريات التي يرتادها الشباب لتزجية أوقات الفراغ وبين الهجمات الإرهابية التي استهدفت مثل هذه المقاهي والكافتريات على مدى الاشهر الثلاثة الاخيرة في بغداد والمدن الأخرى، لكننا نلفت انتباه المحافظ الى هذا التزامن، والى أن إجراءاته وتلك الهجمات تلتقي في نهاية المطاف عند نتيجة واحدة. الإرهابيون هدفهم منع الشباب من الاقبال على مراكز اللهو البريء ودفعهم للالتحاق بالمنظمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، فما هدفك أنت يا سعادة المحافظ من إجراءات تُفضي إلى النتيجة ذاتها؟
السيد التميمي وحكومته المحلية وضعا خلفهما كل المعضلات التي تئن بغداد تحت وطأتها للسنة الحادية عشرة على التوالي، والمحن التي يعانيها سكانها وتتفاقم السنة بعد الأخرى، ليتفرغا ويكرسا جهودهما لقضية هامشية هي قضية المقاهي والكافتيريات.. يتناسى المحافظ الجديد ومجلس المحافظة في العاصمة أن علة بغداد الكبرى تكمن في الفساد المالي والإداري في المحافظة نفسها وفي أمانة بغداد وفي الوزارات والدوائر الحكومية كافة.. الفساد الذي يبدد المليارات مما كان يُفترض أن ينفق لتوفير فرص العمل ووسائل التثقيف والتسلية للشباب الذي لا يجد ما يُمضي فيه وقت الفراغ غير المقاهي والكافتيريات.
المحافظ الجديد وحكومته المحلية يتغافلان عن أن بغداد تغرق في الشتاء عند أول مطرة، وانها غارقة صيفاً وشتاءً في بحر من الازبال، وان العاصمة تعوزها المستشفيات والمستوصفات والمدارس والادوية .. ينسيان ان بغداد هي المدينة الوحيدة في العالم التي لا توجد فيها مسارح ولا دور للعرض السينمائي ولا مراسم وقاعات موسيقى .. يتغافلان عن ان بغداد هي العاصمة الوحيدة التي لا توجد فيها مكتبات عامة ولا نوادٍ وملاعب رياضية شعبية ولا مدن ألعاب.
يغفل محافظ بغداد وحكومته المحلية عن أن مدينتهم تضم أكبر عدد من الشحاذين، وانها تعاني من العصابات التي تبيع المخدرات والأدوية الفاسدة والمغشوشة علناً، ومن عصابات الخطف والقتل والمتاجرة بالبشر وشبكات الدعارة، وقبل هذا وكله انعدام الأمن تماماً وشح الكهرباء والماء ومواد الحصة التموينية .. وهذه كلها كان أولى بأن يضعها المحافظ الجديد ومجلس المحافظة في اولويات اهتماماتهما وانشغالاتهما، لا أن يلاحقا الشباب في المقاهي والكافتريات بوشايات كاذبة من متملقين وانتهازيين ومدّعي ورع وتديّن يسعون لتوجيه المحافظ الجديد وحكومته المحلية نحو تنكيد حياة الشباب ابعاداً للأنظار عن فساد هؤلاء المتملقين والانتهازيين المتدينين كذباً الذين لا يتورعون عن ارتكاب الموبقات والكبائر التي يتهمون بها الشباب زوراً وبهتاناً.
لا يا حضرة المحافظ!
[post-views]
نشر في: 19 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
رمزي الحيدر
أن هذه القوى( من أصحاب محابس الفضة وطمغة الجبين ) التي تحكم في العراق ، لا يوجد فرق فيما بينها في أهانة المواطن ،توجد ألاف المشاكل في بغداد الملحة والمهمة لحلها من أمن ،فساد،مجاري، مستشفيات ، مدارس، طرق،كهرباء،نقل،بيوت، يتركونها كلها ويركضون على ناس مسالم
خليلو...
ايها العزيز،لقد صدق الراجز حين ارتجز: انك لا تجني من الشوك العنب........
ابو زبيدة
هنا في بغداد مناطق بكاملها تنتظر التبليط منذ سنة وضعوا حدود الرصيف ولم يكملوا المجاري اغلقت وتفيض الأن مياه اسنة في الشوارع الترابية والمنطقة هي مضمار العابد البلديات عبور القناة من زيونة مشاكل السكن لألاف العوائل انقطاعات الماء وخلو عاصمة من اي نقل عام ف