TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل فقدنا المستقبل حقا ؟؟سجال المصير بين أرنستو ساباتو وأدغار موران

هل فقدنا المستقبل حقا ؟؟سجال المصير بين أرنستو ساباتو وأدغار موران

نشر في: 20 يوليو, 2013: 10:01 م

القسم الأول
1
يمثل المفكر الفرنسي أدغار موران والروائي الأرجنتيني أرنستو ساباتو قطبي تفكير متناقضين في منطلقاتهما ، لكنهما يلتقيان  في نقطة تمس الوضع البشري ومآل  الإنسانية في عصرنا ،يتساءل كل منهما عن المصير والمستقبل لإحداث رؤية مختلفة للعالم تؤشر مصير الهوية الإنسانية في مواجهة الأزمة  الكوكبية .
لنتفحص بداية رؤية ساباتو.
يغادر أرنستو ساباتو الروائي والفيزيائي والمفكر موقع الروائي في كتابه ( الممانعة) مقترِحا نصوصا وأفكارا ترمي إلى  ايقاظ البعد الانساني فينا ويخبرنا  بوضوح أن شرط  تلك اليقظة لا يتم الا اذا كنا نرغب  حقا في حياة اخرى ممكنة ولدينا المحفزات الكافية لتغيير المسار وسط هذه الارض اليباب التي تحاصرنا سواء في بيوتنا او مدننا او مواقع عملنا او في مؤسسات الحكم التي تحاصرنا وتتحكم بالمصائر ،يقول ساباتو :
( فلنمنح انفسنا بعض الوقت، لنحلم بالرفعة  التي يمكن أن نصبو اليها  مرة أخرى إن نحن تجرأنا على النظر الى الحياة بطريقة مختلفة عن المألوف ) ، ما يدعونا اليه  ساباتو هو المجازفة  بأشياء كثيرة من أجل ان  نعيد  الينا البعد الانساني  الحقيقي الذي افتقدناه  وينعى علينا  في عصر الهيمنة  الكوكبية ،  هذا  التواصل  التجريدي الذي يبعدنا عن جوهر الأمور معتقدا ان تواصلنا المجرد  يدعنا  نغوص في لامبالاة  ميتافيزيقية  جائحة، بينما  هناك كيانات خاصة مشخصنة غير مرئية  تحتكر السلطة وتنفينا  عن واقعنا فيتساءل:  هل يمضي الانسان في طريقه  التراجيدي إلى خسران امكانية الحوار مع الآخر ؟؟جوابنا سيكون نعم ، ففي العالم الافتراضي  تتوالد ملايين الأقنعة والأكاذيب والتوهمات  والأخيلة الكاذبة والخداع،    تفضي في معظمها  إلى  تقليص فرص التعرف الحق على عالمنا المحيط  بنا  فبين  المسافات الحقيقية والسير في الطرقات  وبين أحضان العالم الواقعي تحدث  اللقاءات المباشرة  ويتمكن الانسان من تأسيس رؤية عقلانية لواقعه  ويمتلك امكانية عقد  علاقات المحبة عبر الحوارات الدافئة المباشرة بين البشر ، وقد يظن المولعون بالفضاء الالكتروني انهم كائنات متصلة مع العالم كله  بينما هم في الحقيقة معزولون عن انسانيتهم والجماعة البشرية ، يعقب ساباتو (  ان الجلوس  امام  شاشة التلفاز بانتظام يؤدي إلى  تخدير الحساسية ويثبط  الهمة العقلية ويحط ٌّمن  قدر الروح  الانسانية ) .
2
لا يمكن حسب  ساباتو ان ينحني الانسان  احتراما لمن يختلسون أموال الشعب المخصصة للتعليم والخدمات ويسرق آخرون صناديق مؤسسات المجتمع المدني ، لكن المشكلة تكمن  كما يرى في الإعلام العولمي ، فالفضائيات تقدم  اللصوص  باحترام وتقدير وكأنهم أناس شرفاء يحتفي بهم مقدمو البرامج أمام انظار الملايين بخاصة الاطفال والمراهقين ممن تبهرهم الشهرة والشخصيات المتأنقة على الشاشة السحرية ، يرى  ساباتو ان  تقديم هؤلاء  في الإعلام واعتبارهم شخصيات مهمة بمستوى الاقتداء والانبهار بدل معاقبتهم (   لمن اكبر الاعمال  الاخلاقية المنحطة التي تسهم في جرح مشاعر الناس )  .
ويعزي ساباتو  الى امثال هذا الأداء الاعلامي  المزيف  للحقائق  مدى  الإحباط  الذي يصيب المجتمعات وهي تقف عاجزة  وكأنها تتواطأ  مع  الانظمة التي تبيح  سرقة حيوات البشر وأحلامهم  فتجنح الى الخنوع والرضوخ  أمام  هؤلاء  الذين يحتقرون  القيم  الانسانية  ولا  يعاقبون على جرائمهم وكنتيجة  للصمت  الموجع لابد ان يقود  احساس  المجتمعات   بالإحباط والعجز الى  تبني سلوك الكراهية والنقمة و العنف غالبا  للرد على  الموجة الجائحة المتمثلة بهيمنة اللصوص وسرقتهم مخصصات التعليم  والعلاج و الإعمار  والتنمية وتسببهم  في  الانحطاط  الشامل للقيم  في بلدانهم.
يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram