المصائب كثيرة في العراق، وتحدث بشكل سريع ومفاجئ، ولذلك تفوتني الكتابة عن الكثير من تلك المصائب التي أجد أن الكتابة عنها ضرورة ملحَّة، لأنني وكلما اخترت مصيبة لمعالجتها، حدثت بعد عملية الاختيار وقبل الكتابة، مصائب أخرى تكون أكثر أهميَّة من وجهة نظري.
ومن المواضيع التي فاتتني الكتابة عنها، نشاط يقوم به أحد المتابعين لجلسات مجلس النواب، حيث ينشر على صفحته بالفيسبوك، وبشكل هادئ ومستمر، أسماء النواب الذين تعدَّت غياباتهم الحد المسموح به قانوناً، والمفاجئ بالموضوع أن الأسماء التي تطرَّقَت إليها منشوراته تخص قادة "كبار". أقصد أن هذه المنشورات تكشف عن أن المتغيبين عن حضور جلسات المجلس هم من علية القوم، ومن المعول عليهم في تطبيق القانون وحماية مصالح الناخبين. فإذا كان عدد غيابات كل من هؤلاء النواب يسلبهم الحق بعضوية البرلمان، كما يؤكد صاحب المنشورات وهو يستند لنصوص قانونية. فإن استمرارهم بالعضوية يصبح غير قانوني، ومن هنا فإن رعايتهم لتطبيق القانون لن تعود ممكنة أبداً، فكيف يرعى النائب تطبيق القانون إذا كانت عضويته غير قانونية؟!
موضوع آخر فاتتني الكتابة عنه، هو اخفاق مجلس النواب في التصويت على قانون النشيد الوطني، فهذا الإخفاق يمثل مهزلة من بين جملة مهازل مجلس نوابنا الموقر، إذ أن سبب الإخفاق يكمن بان نواب المكونات العراقية التي تتكلم غير اللغة العربية يريدون تضمين النشيد جملاً تكون بلغاتهم الخاصَّة، وهو مطلب عقَّد الموضوع وأجل التصويت، والحقيقة ليس لدي تعليق على أصل مطلب هؤلاء الأعضاء، إذ يحق لمكوناتهم أن تجد عبارات في النشيد الوطني بلغاتها الخاصَّة، لكن اللافت هو موقف النواب الكرام، ممن يتركون جميع مصالح مكوناتهم المهمّة ويهرعون لمصالح، لا أقول بأنها غير مهمّة، ولكنها تحتمل التأجيل. والسبب أن هؤلاء النواب الكرام محشورون بزاوية مخجلة. فهم من جهة، لا يستطيعون الاعتراض والقبول إلا وفقاً لأمزجة قادة كتلهم، الأمر الذي يجعل اهتماماتهم انتقائية ولا تعبر عن سلّم أولويات يراعي أهم مصالح ناخبيهم، وهم من جهة أخرى، لا يستطيعون الاهتمام بالمواضيع التي تتقاطع مع مصالحهم، كمراقبة الفساد، أو تشريع القوانين التي تقع في الصميم من مصلحة الناس. لذلك تراهم يبحثون هنا وهناك عن أية فعّالية لا تخدش حياء قادتهم، ولا تتقاطع مع مصالحهم الخاصّة، وتضمن لهم قليلاً من الحضور أمام الناس من خلال وسائل الإعلام.
إذن هل نرجو لحال العراق أن يتحسن وهو ينتظر النعمة من مجلس نواب على هذه الشاكلة، أقصد مجلس يتكون من أعضاء فيهم كثرة ممن يفتقرون إلى النزاهة والجرأة، ويقودهم زعماء، تضع الغيابات، أغلبهم في خانة المخالفين للقانون والافتقار للشرعية؟
عندما يغيب مراقبُ الصف
[post-views]
نشر في: 20 يوليو, 2013: 10:01 م