اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > السكن حق كفلته القوانين وأهملته الحكومات عن عمد

السكن حق كفلته القوانين وأهملته الحكومات عن عمد

نشر في: 22 يوليو, 2013: 10:01 م

"من لا سكن له لا وطن له" مقولة تمثل جانبا كبيرا من الحقيقة والصواب فالمرء الذي لا سكن له يكون ارتباطه بوطنه ضعيفا والأسباب التي تشده إليه واهية ولا وازع يمنعه من مفارقته أنّى يشاء . والسكن من أولويات حقوق الإنسان فقد نصت المادة 25 الفقرة 1 من الإعلان

"من لا سكن له لا وطن له" مقولة تمثل جانبا كبيرا من الحقيقة والصواب فالمرء الذي لا سكن له يكون ارتباطه بوطنه ضعيفا والأسباب التي تشده إليه واهية ولا وازع يمنعه من مفارقته أنّى يشاء . والسكن من أولويات حقوق الإنسان فقد نصت المادة 25 الفقرة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي ( لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والسكن ..) وهذا ما يقره الدستور العراقي ايضا .ولكن ما زالت أزمة السكن في بلدنا متفاقمة بل تزداد تعقيدا لعدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بحلها ، وعدم جدية الحكومة الحالية بالتفكير في وضع الخطط ، وتنفيذ مشاريع كبيرة تسهم في حلها . وفي هذا التحقيق نسلط الضوء على المشكلة ونتعرف على آراء بعض المواطنين والاطلاع على معاناتهم جرائها.

البدء بمشاريع الإسكان
قيس عبد الجبار60 سنة معلم : قطاع البناء ومشاريع الإسكان تمثل محور اقتصاد البلد عموما فهي تشغل 80 قطاعا مختلفا ويرتبط بها نجاح العملية السياسية والاقتصادية والأمنية . وتحقيق النجاح في قطاع الإسكان يؤدي الى الاستقرار والسلام ورفاهية المجتمع وهذا الجانب الحيوي للأسف لم يلق الاهتمام اللازم منذ عقود. بعد أحداث 2003 تفاءلنا خيرا حين خرج علينا مسؤول في الحكومة وصرح إن العراق بحاجة الى خمسة ملايين ونصف المليون من الوحدات السكنية اذا ما أخذنا بالحسبان الزيادة السكانية مستقبلا وان الحكومة ستشرع ببناء ثلاثة ملايين ونصف وحدة سكنية ولكن للأسف لم تنفذ الحكومة وعودها إذ لم نشهد أي مشاريع سكنية كبيرة تغير الواقع المزري لازمة السكن .مضيفا انا لي في خدمة التعليم 35 سنة ولم احصل على قطعة ارض من الدولة ولا سكنا ومازلت اسكن بالإيجار وادفع 500 ألف دينار شهريا يستنزف راتبي ويضيق على لقمة أبنائي وأسرتي ولا أظن أن هناك ضوءا في آخر النفق مادامت الحكومة منشغلة بمعاركها وصراعاتها السياسية ولا تلتفت الى القضايا الجوهرية التي تخدم المجتمع وتتقدم به خطوات على طريق التقدم والازدهار .
القطاع الخاص
سعدون كريم مساح أراض: القطاع الخاص بإمكانياته المحدودة لا يمكن له أن يضع حلولا للازمة والصعوبات والمعوقات في الدوائر الحكومية تحول دون قدوم شركات إسكان دولية متخصصة لمساعدة القطاع الخاص العراقي والدخول في شراكة معه لتوفير الإمكانات اللازمة التي من شأنها توفير العوامل الأساسية للنهوض بقطاع الإسكان . فبشراكة حقيقية تتألف من خبرات ورؤوس أموال عراقية وأجنبية وبأرض عراقية نستطيع البدء بالنهوض بواقع الإسكان المتردي ولكن هناك شركات استثمارية كثيرة قدمت للعراق لتنفيذ مشاريع إسكان لكنها فشلت بسبب صعوبة الحصول على الأرض للروتين الذي تتعامل به الوزارات والجهات الحكومية والذي حال دون تسهيل المهمة وقد كانت هناك جهود حثيثة من مجلس الوزراء لتذليل العقبات إلا إن الحماسة تراجعت بسبب وجود موظفين اتخذوا من القوانين والتعليمات والسياقات التي  يعمل بها حاليا وكان معمولا بها سابقا ذريعة للحيلولة دون تنفيذ مشاريع استثمارية كثيرة .لذا علينا أن نسن قوانين وأنظمة ولوائح جديدة تتناسب مع توجهاتنا نحو البناء والإعمار.

البيوت والأراضي من نصيب المسؤولين
همام عثمان دلال أراض : اليوم معظم الأراضي التي تمنحها الحكومة للمواطن بائسة ولا تساوي مماطلاتها وتسويفها والجهد الذي يبذله المواطن للحصول عليها فغالبا ما تكون في الأطراف البعيدة .أما البيوت الراقية والأراضي المرتفعة الثمن فقد استولى عليها مسؤولون معروفون لدى الشارع العراقي كما إنهم قاموا بشراء بيوت وممتلكات النظام السابق بأثمان رمزية بينما هي تعد من الأملاك العامة للدولة فهناك فئات من المسؤولين المتنفذين استولوا على مناطق مهمة من بغداد برمتها وجيروها لأنفسهم دون سند قانوني .في الوقت الذي يعاني المواطن العراقي من أزمة سكن خانقة تكاد تطيح بصبره .
عدم كفاءة الحكومة
سوسن فاضل 37 سنة باحثة اجتماعية :السبب وراء استمرار أزمة السكن بل تفاقمها بعد السقوط هو عدم كفاءة اغلب القيادات العراقية التي جاءت بها المحاصصة القومية والطائفية والتي تسلمت إدارة مؤسسات الدولة ومنها قطاع الإسكان حيث إنها لا تمتلك الخبرة والمقدرة على الدراسة والتشخيص والتخطيط ووضع المشاريع الكبيرة التي تنهض بواقع الإسكان والبناء والإعمار وأستبعدُ أن تتمكن الحكومة من الإتيان بشيء جديد في هذا المجال على مدى عقود قادمة لعدم جديتها في المعالجة واعتقد إن الأزمة ستظل ، في الوقت الذي تشكل مشكلة توفير السكن من أولى مشاكل المواطن العراقي فهناك الملايين الذين يسكنون بالإيجار وببيوت الطين والصفيح وفي العراء ،أجل ستستمر طالما إن المسؤولين عن هذا القطاع ذوو عقول عاجزة غير خلاقة تتعامل بأساليب قديمة ولا تقدم على خطوات جريئة في توزيع الأراضي وبناء المجمعات القليلة الكلفة وتقديم التسهيلات لبناء المساكن عن طريق بناء مصانع تنتج مواد إنشائية متواضعة الكلفة ومنح سلف العقار . وسنظل نستمع الى الوعود الكاذبة . وأظن أن تسلم الطاقات الهندسية الكفوءة لإدارة مسؤولية وزارة الإسكان ومؤسساتها ومنشآتها ومؤازرة المؤسسات ذات العلاقة في الوزارات الأخرى من أولويات تغيير نمط العمل الجاد في هذا السبيل حيث تتمكن هذه الكوادر من التخطيط وإقامة مشاريع عملاقة تقود الى القضاء على الأزمة تدريجيا .
وعود كاذبة
حسين جاسم 41 سنة كاسب : أعيش مع والدي ووالدتي وخمسة أخوة وأخوات ببيت مساحته 50 مترا واعمل على (بسطيه ) ودخلي لا يكاد يسد تكاليف لقمة العيش وأفكر مثل خلق الله بالزواج والإنجاب والعيش برفاهية ولكنني رغم دخولي العقد الخامس لا أجرؤ على الزواج ولا ادري لم لا تتخذ الحكومة الخطوات الكافية لحل أزمة السكن وأين تذهب مليارات النفط والى متى ستدوم هذه المشكلة فمما نراه ونسمعه وعود في وعود ،كل يوم يخرج علينا مسؤول ويصرح بأننا سنبني مجمعا سكنيا حتى يتخيل المواطن إن المشكلة قاربت على الانتهاء وان ملايين الوحدات السكنية بنيت وستبنى ويا فرحتنا بمسؤولينا وإنجازاتهم الوهمية ولا شيء يتغير مما يتبين إن لا حلول تلوح بالأفق.
عجز صندوق الإسكان
عبد الله محمد 50 سنة موظف : بعد خدمة دامت 23 سنة تمكنت من شراء قطعة ارض مساحتها 150 مترا في منطقة نائية وحلمت وأسرتي المؤلفة من أربعة افراد ببنائها والسكن فيها والتخلص من دفع الإيجار والسكن في طابق أعلى يضيق بي وبأسرتي ولجأت الى صندوق الإسكان، رغم إجراءاته المعقدة ودفعه مبلغ القرض على شكل دفعات صغيرة وبفترات متباعدة بين دفعة وأخرى ولكن طال انتظاري رغم مراجعاتي الكثيرة وأخيرا تلقيت المفاجأة الموجعة التي سددت ضربة قاضية لحلمي فقد جاءت الموازنة لعام 2013 التي أقرها البرلمان خالية من تخصيصات ثابتة لصندوق الإسكان الحكومي الذي يمنح من يشرع ببناء دار في العاصمة بغداد سلفة قدرها 30 مليون دينار و25 مليون دينار لسكنة المحافظات بدون فوائد وتسدد على شكل أقساط وربطت الموازنة تخصيصات الصندوق بوفرة عائدات النفط بدلا من ربطها بالأبواب الثابتة ولا شك إن في حال تحقيق الوفرة ستجد أموالها تتسرب الى وجهة ما . وما يثير استغرابي هو اذا كانت ميزانية العراق تجاوزت المئة مليار دولار والحكومة عاجزة عن حلحلت واقع الإسكان وحل ولو جزء من الأزمة فكيف تكون الحال اذا ما هبطت الميزانية الى النصف أو الربع .!! ولا استطيع القول سوى إننا واقعون ضحية مؤامرة كبيرة وخدعة لا يعلم حجمها إلا الله .
بناء عشوائي
نادر إسماعيل خبير اقتصادي :نحن بحاجة الى مليوني وحدة سكنية بشكل عاجل لسد النقص ومواكبة النمو السكاني وإلحاقها فيما بعد بمليون وحدة سكنية أخرى فعدد السكان في العراق يزداد بمعدل مليون في السنة وهؤلاء بحاجة الى 180 الف وحدة اذا ما حسبنا عدد أفراد الأسرة بمعدل خمسة أفراد وان بناء 250 الف وحدة سنويا ستمكن من حل الأزمة بعد عشرين عاما .وان توزيع الأراضي والقروض لم تكن بالمستوى المطلوب  فقد تسببت بشيوع البناء العشوائي مما شوه  تخطيط المدينة العمراني .لذا على جميع مؤسسات الدولة التنسيق فيما بينها والاستعانة بخبرات الشركات الأجنبية العملاقة والاستفادة من الكفاءات الهندسية العراقية والتوجه نحو البناء العمودي مشيرا الى إن حل مشكلة السكن يحل مشكلة البطالة ويؤدي الى تنمية القطاع الصناعي والزراعي ومن ثم الى حركة الاقتصاد عموما.
مشتملات
سلام خيري مقاول : نتيجة أزمة السكن وحاجة كثير من الأسر الى مورد مالي إضافي قام الكثير منها باستغلال حديقة المنزل وأنشأ عليها (مشتملا) كما قام البعض بتحويل بيته الى نصفين وتأجير احدهما، والبعض الآخر حور في بناء بيته وجعل من الطابق الأعلى لمنزله (مشتملا ) وقام بتأجيره وكل هذه الظواهر شوهت تصميم المدينة وجعلت الأسر تعيش في ضنك فوق بعضها البعض وولدت زيادة في الضغط على الخدمات المقدمة لهذه البيوت وعلى المدارس والخدمات الصحية وغيرها، وهذا ما لا نجده في كثير من دول العالم التي تعاني أزمة سكن لذا تحتم على الحكومة الالتفات الى هذه الظاهرة وتقديم الحلول الناجعة البديلة لمعالجتها والحد منها .كما على الحكومة إعادة النظر بقانون الإيجار والتخفيف عن المستأجر مع إنصاف المؤجر فليس من المعقول أن يصل إيجار ابسط دار الى 750 الف دينار وهناك منازل إيجارها مليونان أو ثلاثة ملايين .كما يتحتم عليها معالجة ارتفاع أسعار العقارات بتوزيع الأراضي فارتفاعها يفاقم أزمة السكن أكثر مما هي عليه
حلول غير صحيحة
في تصريح للنائب في لجنة الاقتصاد والاستثمار محما خليل يقول فيه :الحلول الموضوعة لازمة السكن غير صحيحة والبرنامج الحكومي غير جيد مبينا إن المشاكل السياسية والروتين القاتل في مؤسسات الدولة اضافة الى الميزانية الاستثمارية غير الكافية لن تلبي متطلبات حل هذه الأزمة وعلى الحكومة استثمار اكبر عدد ممكن من شركات بناء السكن واعتبر بناء الوحدات واطئة الكلفة علاجات ترقيعية ستكون في المستقبل عديمة الجدوى داعيا الحكومة الى الاستفادة من تجربة كردستان الذي قطع شوطا مهما في هذا المجال .
الحكومة وحل الأزمة
أكد رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي على أهمية حل أزمة السكن فيما أعلنت هيئة الاستثمار خلال مؤتمر لها في البصرة عن قرب تعاقدها مع شركات كورية جنوبية لبناء مدينة البصرة الجديدة التي تتألف من 100 الف وحدة سكنية بتمويل من مصرفين سعودي وإماراتي وبدعم جزئي من مجلس الحافظة .وقال المالكي في كلمة له خلال مؤتمر كرس لعرض تصاميم (مدينة البصرة الجديدة) إن الأزمة في طريقها الى الحل من خلال مشاريع ضخمة منها مشروع بسماية في بغداد الذي يتألف من 100 الف وحدة سكنية ومشروع البصرة الجديدة المؤلف من 100 الف وحدة وفي كربلاء 40 الف وحدة وبالتالي ستكون لنا مدن عصرية .ولفت المالكي الى أن على الدولة دعم مشاريع لبناء مساكن للفقراء الذين بنوا بيوتهم من القصب والطين مضيفا" إن الحكومة خصصت ضمن مسودة قانون البنى التحتية خمسة مليارات دولار لقطاع الإسكان إلا إن القانون لم يمرر .!! واعتقد انه لن يكون خلال الدورة الحالية لمجلس النواب بسبب المناكدات السياسية .!!! ووعد بتوزيع منازل للفقراء والمحتاجين إليها .من جانبه قال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سامي الاعرجي إن مشروع مدينة البصرة الجديدة جزء من مشروع وطني يقضي ببناء مليون وحدة سكنية في جميع المحافظات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram