اصبح العراقيون اليوم، دون استثناء امام كارثة محدقة لا محالة. والمصيبة التي تنتظر اي فردٍ منا، ليست من فعل مجهولٍ، كما ُسجِّلت حتى الآن، بما في ذلك كل العمليات الارهابية، والقتل على الهوية، والمفخخات، وشياطين الاحزمة الناسفة، والاغتيال بكواتم الصوت، وصولات الميليشيات شبه الرسمية. المصيبة هذه المرة ستكون من فعل القائد العام للقوات المسلحة واجهزته وطاقمه الامني والعسكري الاستشاري.
والحدث الجلل الذي سُجِّلَ امس، لا يمكن اعتباره، بأي معيارٍ امني او عسكريٍ او سياسيٍ، سوى فضيحة مجلجلة لا يقبل تمريرها كما المصائب الاخرى التي تسببت باستشهاد المئات كل شهر، ويستحيل تبريرها مهما كانت صلافة من يتجرأ على ذلك.
واذا كنا حتى الامس، ننوح تحت وطأة الضيم الذي يغلق علينا باب الامل، من احتمال انفراجٍ يخفف علينا ضيق المعاش، ووحشة الجوع، وغياب الخدمات، وكل ما يجعل شعبنا خارج دائرة الهوان والذل الذي وضعتنا فيه الحكومة وسدنتها، فإن شبح الموت بوسائل كواسر القاعدة، صار قاب قوسين او ادني من بيوتنا، ومدارس بناتنا وابنائنا، واماكن عملنا، وفي الشوارع والميادين والمحلات والاسواق، وفي كل بيوت الله، الجوامع والمساجد والكنائس، ودور العبادة لطوائف الله ومواليه.
و هذه الاشباح لم تتسلل من وراء الحدود، او استغفلت السيطرات المخدرة باجهزة كشف المتفجرات الزائفة، بل تناثرت في كل اتجاه، بعد ان امكنها الهرب من سجنين يُفترض انهما في حراسة لا تطالها حتى شياطين الجن، او هكذا نُمي الينا، كلما تمكنت مجاميع ارهابية من كسر اسوار سجونها واللوذ بالهرب، لارتكاب جرائم مدوّية بحق الامنين الابرياء، من كل الطوائف، باستثناء طائفة المنطقة الخضراء.
لم يعد الحديث والمطالبة يتناول استعادة الامن والاستقرار، ولا معالجة ازمات الكهرباء والماء الصالح والخدمات المتدنية، او التقليل من ضنك البطالة ولا وقف النهب والسرقة والاعتداء على الحريات، بل ولا المطالبة بمكافحة الفساد وانعدام الذمة. لم تعد هذه كلها بعد اليوم تدخل في اهتمام المواطنين المأسورين، والمستباحة ارادتهم وكراماتهم، بل ما سيشغل الناس جميعاً، انتشار مسلسل الهروب الجماعي بدءا بمشاهده التي تبدو كما لو انها صُورت في احدى باحات جهنم، واخرجها عزرائيل. مشاهد تسخر من كل الادعاءات التي يسوقها علينا المرابون السياسيون من الشلة المحيطة بالقائد العام، والتي تتابع باهتمام خروج شباب المقاهي البريئة عن "فروض الدين والتقوى"، وتستنفر كل اجهزتها السرية واحتياطييها من الميليشيات شبه الرسمية المحمية من اي ملاحقة، لكسر شوكة المارقين المنحرفين، تاركين مهام ادارة ملفات الارهاب والسجون والمعتقلات، التي تضم عتاة المجرمين، لمن اصطفتهم لهذه المهمة، وبينهم ومنهم، من لا تفصله عنهم سوى اصطفافه مع الحاكم واعلانه الولاء والطاعة له. ورغم مسلسلات الهروب المتتالية، في اكثر من سجنٍ وموقع، فان الحقائق عنها ظلت طي الكتمان، لم تتكشف امام الرأي العام، الاسباب والمتورطين والمتواطئين، وكأن شانها كشأن ملفات الفساد والجرائم التي يعلن عنها رئيس مجلس الوزراء، ثم تتحول الى صدى ذكريات مريرة لكل مُبتلى.
هذه المرة وبفضيحة مجلجلة، اعاد المسؤول عن كل ملفات الامن، من وزارات واجهزة وقيادة عامة وحكومة، انتاج مجاميع ارهابية من القاعدة، مؤدلجة ومدربة ومُجربة، واطلقها لقصور في التدبير والتحسب، او لاستنهانة باقدار المواطنين وحياتهم وامنهم، لتنوش كل واحدٍ منا، لا على التعيين، ونصبح لقمة مستساغة لمكائدهم الوحشية، بلا حولٍ ولا مهرب..!
لقد تسلق رئيس مجلس الوزراء على كرامة شعبنا ووطننا، متطاولاً، ومتشامخاً، بدعوى صولة شتت فيها جماعات "متطرفة" في البصرة وفي احياء من بغداد، ومع اندثار اثار تلك الصولة المشكوك، في ان القوات الاميركية، لم تكن صاحبتها الشرعية، حوّل المالكي الصولة الى مجد تليدٍ، رأى ان يخلد ذكرى واقعتها، بتنسيبها كمنجزٍ، لتوجٍه يكرس القانون كفيصلٍ في الحكم والمجتمع وبين الفرقاء، فسمى كيانه السياسي ب "دولة القانون"!. ومنذ ذاك لم يسلم العراقيون، شيعة وسنة، كرداً وعرباً، ومن كل فجٍ عميق، من اذى وخرائب هذه الدولة التي تحللت من كل قانونٍ او ضوابط دستورية، وتدهورت كل جوانب الحياة في ظل سلطتها، التي تحولت، خطوة وراء خطوة، الى تسلطٍ وتفردٍ وتغول. وتناومت، بفعل الصولة المنكرة، وخديعة وعودها ارادة الرفض لدى شعبنا، وتخدر وعي القاعدة التي امعن في اثارة هواجسها الطائفية، واصبحت " دولة القانون " التيمة التي بُنيتْ عليها كل إثم طاول شعبنا ووطننا.
فالى متى سنستكين، ومتى يتقد وجدان القادة الذين بيدهم الحل والقرار، من زعماء كتلة التحالف الوطني، فيبادرون لانتشال بلادنا، من هذا المأزق التاريخي والمصاب الذي بات يهدد باخذنا جميعاً على حين غرّة..!
ايها الرجل الذي اتى على افضل ما في وطننا، وساق بلادنا الى مصير لا يمكن ان نُحسد عليه، هل بقيت فيك نطفة من جذوة وطنية، تثير فيك صحوة غافل... فتستقيل، وتحفظ بذلك شيئاً مما كان فيك، قبل ان تشتعل كل هذه الحرائق في تاريخك..!
يا رجل استقل، ولعل الناس بذلك تدعو لك بالرحمة والمغفرة.
ايها الرجل.. آن لك ان تستقيل..!
[post-views]
نشر في: 22 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 7
د.عبدالكاظم ماجود
هذا شبه الرجل تجاوز كل عبارات التوصيف , انه وقح فاقد الحياء , عبد لكرسي الحكم, متفرد ودكتاتور صغير مهزوم , لايهمه الوطن ولا المواطن , انه نيرون العراق , ولابد من خلعه واصدار حكم الاعدام بحقه قبل ان يحرق العراق كما احرق نيرون روما
متاضل العراقي
أدعو عشائر بني مالك (ان تكسر عصاته) حتى لا يأتيها من بعد ملامة العشائر العراقية أن العشيره ازرته على قتل العراقيين وأنهم أكيد أبناء عشائر وتنقلب العشائر عليكم ويمقتوا كل من يحمل لقب المالكي أكسروا عصاته ولا تجعلوه يلقب نفسه بلقب العشيرةالتي لها تأريخ مشرف
هلال
نجح غاندي من خلال العمل السلبي تجاه الانكليز ومع هذه الحالة من الفوضى فى العراق وتقاطع التقاطعات وعدم وضوح اي شي وكثرة الكلام والتفسيرات والفتاوي وتشريع السرقة واستغلال المنصب والقتل المستمر وتشبث رئيس الوزراء واركان حزبه بالسلطة ومع قرب موعد الانتخابات ا
farid
بدل هذا اللغط من المقالات التي لاتغني من أنقاذ الدماء البريئة والجوع ....الأحرى بالقوى الخيرية والكلمةالصادقة المطالبة بقوة بالغاء المنطقة الخضراء التي يتبجحون ويتطاولون من خلالها بالنزول الى الشارع المكافح والمساكنة معهم ليتسنى للشعب معرفة الوطني
حامد اسماعيل حسين
سلام عليكم جميعا ---- العبيد تجيد صناعة الطغاة-- اني ارى ان الخلل لايكمن في الحكام الذين حكموا العراق بعد الملكية بالحاكم وشخوصهم الخلل الاكبر في الشعب العراقي نفسه حيث ان العراقيين يختلفون عن باقي الشعوب قاطبتا شعب نائم في السباة خواف يشترى بالمال شعاره
ياسين عبدالحافظ طه
تهانيةالحارةلكم للرقم الذى قراته فى اعلى العمود لقد تجاوز 2660 وحين اراقب بقيةالكتابات في الصحف الاحظ الفرق وهذا يدل على تطور نوعى وكمى فى مزاج الشارع لعراقى يبشر بخير ونحن فى بداية عام جديد
ابو سجاد
اساءل سؤال ماهو سر بقاء المختار برغم الرفض الشعبي العراقي والرفض العربي له والغرب بين رافض ومعترض لااعتقد انه اقوى من الطاغية في وقته ولو كان هذا الرفض تعرض له الطاغية في حينه لما بقى الا بضعة سنين في اعتقادي لولا امريكا وايران خصوصا والائتلاف اللاوطني