TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عرفات.. مطلوب حيّاً وميتاً

عرفات.. مطلوب حيّاً وميتاً

نشر في: 23 يوليو, 2013: 10:01 م

لم يكن مستغرباً أن تستهدف إسرائيل، وبكل أسلحتها، الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إبّان حياته، وهي لم تُقصّر في هذه المهمة غير النبيلة، حتى أنّ الشكوك حول ضلوعها بتسميمه، تكاد تصل إلى مرحلة اليقين، لكن مواصلة ملاحقته ميتاً، تبدو عملية لاأخلاقية، وإن كانت على صعيد فردي، فقد وصل محققون إسرائيليون مؤخراً إلى جزيرة مالطا، في محاولة بائسة للحصول على عنوان زوجة عرفات، بُغية إبلاغها بدعوى قضائية ضد الرئيس الراحل، ومطالبتها بمبلغ 52 مليون شيقل من تركة زوجها، كتعويض تطلبه شركة الحافلات الإسرائيلية إيجد.
الدعوى على عرفات كانت رفعت عام 2002 ، بعد تعرّض بعض الحافلات الاسرائيلية إلى أضرار، بسبب العمليات العسكرية خلال الإنتفاضة الثانية، التي كان يقع بعضها داخل الحافلات، وتزعم الشركة أن إيراداتها انخفضت نتيجة العمليات انخفاضاً حاداً، بسبب خوف الركاب الإسرائيليين من استعمال الحافلات، وحمّلت السلطة الفلسطينية المسؤولية عن ذلك، فرفعت الدعوى ضد رئيس السلطة، مطالبةً بالتعويض عن خسائرها المزعومة، وحكمت المحكمة على عرفات، قبل أن يُقتل بوقت قصير، ودون وجود كتاب دفاع، بأن يدفع إلى شركة إيجد مبلغ 52 مليون شيقل، غير أنّ استشهاده منعها من استيفاء المبلغ، فقرّرت اليوم مطاردته ميتاً، بطلب المال من أرملته.
لم تكن هذه الدعوى يتيمة، فقد رفعت إيجد دعوى ثانية ضدّ السلطة الفلسطينية، دفعت منها إسرائيل، بواسطة ضريبة الأملاك، نصف مبلغ الضرر الذي زعمت الشركة خسارته، فيما طلبت الشركة النصف الثاني ويبلغ 70 مليون شيقل من السلطة، ولتأكيد مطالبتها، استدعت رجال أمن للشهادة، في محاولة لتأكيد العلاقة بين العمليات، ومسؤولية السلطة الفلسطينية، ومنهم رئيس الشاباك السابق، والوزير السابق داني نفيه، ورئيس شبكة آمان، لكنّ المحامي المسؤول عن الشؤون المدنية في النيابة العامة، أشار الى أنّ مسألة العلاقة بين السلطة والعمليات، التي يُطلب من الأشخاص الشهادة عليها، هي مسألة مُعقّدة ومُركبة، وذات جوانب مختلفة، وهي ذات معنىً عام، يتجاوز الصراع المتحدث عنه، وينبغي أن يُؤخذ في الحُسبان، الآثار السياسية والعامة الواسعة، التي تنبع من الإدلاء بالشهادة المطلوبة.
تشير الاحصائيات، إلى وجود أكثر من 150 دعوى قضائية، رُفعت ضدّ السلطة الفلسطينية، وتصل إلى مليارات الشواقل، بزعم مسؤوليتها عن عمليات عسكرية، ووصل الأمر حدّ استئناف واحدة منها، تُطالب بوصم السلطة بإلارهاب، وبحظر دخول قادتها إلى دول الاتحاد الأوروبي، وذلك رداً على منع قادة أجهزة الأمن وبعض الوزراء الإسرائيليين، من الوصول إلى لندن أو بروكسل، يأتي ذلك بعد حصول السلطة، على منزلة دولة مراقبة في الأمم المتحدة، ما يمهد الطريق لمقاضاتهم في المحكمة الدولية في لاهاي، لكن هؤلاء ينسون أن تلك المنزلة، تمنح الحق للسلطة في مقاضاة الدولة العبرية في لاهاي، بالكثير من الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني.
نتفهّم قيام إسرائيل برفع دعاوى، ضد بنوك تزعم أنها سيّلت أموالاً لصالح تنظيمات إرهابية، وتجاوزاً نُحاول أن نتفهّم رفعها لدعاوى ضد السلطة، باعتبارها مسؤولةً عن تصرفات الشعب الفلسطيني، لكنه يبدو عصياً على الفهم، الخطوة غير الأخلاقية، بمطاردة عرفات ميتاً، بعد أن أعيتها مُطاردته حياً، فتآمرت بخسّة لاغتياله، في عملية تأنف الدول من اللجوء إليها، لكنها تبدو طبيعيةً جداً عند أفراد العصابات، حتّى لو كانوا مسؤولين في دولهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram