من بين أحلامي التي كنت أرى بها العراق بعد سقوط صدام، أن تقبر معه تلك الشعارات المرعبة التي علت بزمانه مثل " إن صدام هو العراق والعراق هو صدام". وأن كان الذين أتوا بعده لهم الفضل بقبر تلك الأحلام وزودونا بدلا عنها بكوابيس من وزن "ما ننطيها" وأثقل، فاني ما كنت احسب ان ذلك الشعار المخيف سيبقى. فلم يتغير فيه غير رفع اسم "القائد الضرورة" ليحل محله اسم "مختار العصر". وبالمناسبة أنا أعرف جيدا من هو "المختار"،و لكني لا أعرف بالضبط معنى "العصر" إذ وجدت له بالقواميس معاني متعددة إضافة إلى أني ما زلت أحب أغنية "بين العصر والمغرب" جدا.
غريب حقا ان تنتقل عدوى هذا الشعار من بسطاء الناس لتصيب قلة من المثقفين والإعلاميين وكماً هائلا من المحسوبين على الثقافة والإعلام. حقا ما كنت أحسب ان يصل الأمر بهذا البعض، إلى اعتبار أن من ينتقد المالكي خائن للوطن والدين والمذهب.
لا يحتاج أي من هؤلاء، في زمن الطائفية الأغبر الذي نمر به، إلى غير أن يقنع نفسه بانه يجب على كل من ينتقد سياسة المالكي "الشيعي"، ان يوزع نقده بالتساوي على ساسة سنة وكرد، وإلا سيعلقون جثته هامدة على صفحاتهم الخاصة ويهدّون عليها زنابير الطائفية، وما أكثرها، لتنهشها.
أيضحك هؤلاء على البسطاء أم يبكون على أنفسهم؟ أمن المنطق يا سادة ان تفرضوا علينا حين نتهم المالكي انه حمى نفسه بالخضراء وأمّنها وترك الشعب أعزل وعرضة للقتل بيد الإرهابيين في كل لحظة يجب ان نتهم بارزاني مثلا ! أيابا والله صح، ان مسعود بارزاني مثل المالكي قد حمى نفسه وأمّنها خير تأمين لكنه في الوقت نفسه حمى شعبه وجعله يعيش بأمن وأمان يحسده عليهما كل عراقي يعيش في الحمراء. فشلون بالله هو نقد لو "هريسة" لازم نوزعها على الجميع حتى نكسب الثواب كاملا ونرضي المصابين بسادية الطائفية والعنصرية؟
في مصر كرّم كاتباً لأنه كان على مدى عشر سنوات متتالية يكتب عمودا يوميا فقط على مبارك ولم يذكر اسما غيره مطلقا. وصل ما كتبه ثلاثة آلاف عمود كلها ضد حسني وتذكر اسمه حتى بالعنوان لذا استحق الجائزة. وباسم يوسف يوم وجهوا له تهمة ان اغلب برنامجه ضد مرسي فقط، رد عليهم انهم يكذبون لأن كل حلقات برنامجه موجهة ضد مرسي.
أنا شخصيا كنت أكتب وأظهر بالفضائيات على مدى عشرين عاما تقريبا لا أنتقد غير صدام! شو محد قلي ليش ما تكتب ضد طارق عزيز أو الصحاف أو مزبان خضر هادي ومجلّب بس بصدام؟ ليش من وصلت للمالكي لا؟
متى يعرف هؤلاء أن صفحات التاريخ تحتفظ بعشرات الأسماء لأفراد، وهذا في أقل التقديرات، كان كل منها وحده سببا في تدمير بلدانهم. وبالمقابل هناك أسماء كانت سببا في بناء أوطانها بناء حضاريا وإنسانيا لا يظلم بها مواطن مهما كان لون بشرته أو دينه أو عرقه أو مذهبه . والله اني لأستحي ان أذكر الأسماء التي دمرت أمما وأخرى بنتها. أشعر بأني لو فعلتها سأصبح وكأني معلم لمحو الأمية. وهذا مالا أرتضيه لنفسي ولا لهم.
جميع التعليقات 1
اكرم حبيب
غرد وامتعنا ياعقابي احس وانا اتابع كلماتك اشاركك ذات الكاس تحياتي