TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراق وغزوة أبو غريب

العراق وغزوة أبو غريب

نشر في: 24 يوليو, 2013: 10:01 م

في غفلة من أجهزة وزارات الداخلية والدفاع والعدل مجتمعةً، حتّى لانقول تغافلاً، تمكّنت مجموعة إرهابيين، من اختراق حصون السجن الأكبر في العراق، وهرّبت منه حوالي ألف معتقل مدان بعمليات إرهابية، كانت نُفّذت وحصدت أرواح العشرات من العراقيين، كُل ذنبهم أنهم يعيشون في دولة، تعجز عن صرف موازنتها السنوية، وعن إنشاء جهاز استخبارات فاعل، لايتم التعيين فيه بحسب الطائفة، وتعجز حتّى عن منع مجموعة تدعي انتسابها إلى العشائر، من فرض قوانينها بالقوّة في أحياء العاصمة، البعيدة عن المنطقة الخضراء.
لايمكن لأي مسؤول عراقي الزعم بأنّ العملية مفاجئةً، إذ سبق لزعيم دولة العراق الإسلامية أبو بكر البغدادي، أن توعّد قبل عام بعملية "تحطيم الأسوار"، لكن كل المسؤولين ناموا على حرير وهمهم بالسيطرة على الأمور، ما داموا هم آمنين، في حين تبرّعت وزارة العدل، لتكون محل السخرية والاستهزاء، بإعلانها إحباط محاولة اقتحام السجنين، وأنه تم احتواء الموقف، والسيطرة على السجنين وإحباط الهجومين،وكأنّ المهاجمين كانوا بصدد احتلال أبو غريب والتاجي، فمنعهم الحُراس من تنفيذ مخططهم، لكنهم سمحوا لهم باصطحاب ألف إرهابي معهم.
لم يصغ أي مسؤول عراقي، للتحذيرات الإقليمية والدولية من دخول البلاد في حرب أهلية، واستمر سياسيو آخر زمن في تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الأعمال الإرهابية، في حين بلغ عدد القتلى الذين سقطوا في الأشهر الثلاثة الماضية 2500 قتيل، قضوا على مذبح الإهمال، ورغم أنّ حكومة المالكي، وهي في موقف لا تحسد عليه، واصلت التعهد بملاحقة مرتكبي أحداث العنف، فإنّ مؤازريه يروجون أنها ناجمة عن الانفلات على الحدود مع سوريا والعراق، ويحاولون الإيحاء بأن التصعيد الأمني، يستهدف هيبة الدولة والعملية السياسية بشكل مباشر.
يُنكر المسؤولون، أن سبب هذه الموجة من أعمال العُنف، هو الفساد السياسي، الذي ينسحب على القيادات الأمنية التي بلغ عدد تابعيهم فيها أكثر من مليون مقاتل، ويصرفون من ميزانية مرتفعة، ويُنكرون أنّ عدم التوافق والتفرد، الذي تمارسه حكومة المحاصصة يشكل غطاءً لعمليات فساد ممنهجة، ويرفضون الاعتراف بفشلهم، بحديث ممجوج عن المؤامرات الدولية والإقليمية، ويُروجون أن قوىً خارجيةً تدعم وتمول أعمال العنف الأخيرة، التي تفوق قدرة وإمكانيات تنظيم القاعدة، وكأنّ علينا التصديق أن القاعدة مُنيت بالهزيمة على يد قوات المالكي، وأنّ الإرهاب الذي يُروّع الجميع، من صنع أيد خفية مرتبطة بالخارج، هل من يتذكر أسطورة أبو طبر؟.
أمام كل هذا الانفلات، الناجم عن التقصير، لابُدّ من إعادة النظر في كل القيادات الأمنية، وأن تتمثل كل المكونات السياسية في الوزارات المرتبطة بأمن المواطن وهيبة الدولة، إذ ليس منطقياً أن يقود المالكي كل المناصب الأمنية، ولا بد أن يُقر البرلمان قانون انتخابات يعكس توجهات العراقيين، ويقيناً أنه لو شهد أي بلد في العالم، ما شهده سجنا ابو غريب والتاجي، لما استمرّ المسؤول في موقعه لحظة واحدة، وهو في الحالة العراقية، رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي بات لزاماً تنحيه، أو ترك الأمر للتحالف الوطني الشيعي، لاختيار بديل فوري له.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram