اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > كسرة وعطش مخازن بلا مواد ومرتبات بأدنى المستويات

كسرة وعطش مخازن بلا مواد ومرتبات بأدنى المستويات

نشر في: 27 يوليو, 2013: 10:01 م

في طرق وعرة، هجرها التبليط بفعل العوامل الجوية، وسير مركبات الحمل الثقيلة، تحمل الرياح الغبار المتوسد الأرض وتنشر بعضه في الهواء عاملة بمبدأ المحاصصة الذي بات يشمل كل شيء في حياتنا. قادتنا مركبتنا إلى مخازن كسرة وعطش الغذائية، التابعة للشركة العامة ل

في طرق وعرة، هجرها التبليط بفعل العوامل الجوية، وسير مركبات الحمل الثقيلة، تحمل الرياح الغبار المتوسد الأرض وتنشر بعضه في الهواء عاملة بمبدأ المحاصصة الذي بات يشمل كل شيء في حياتنا. قادتنا مركبتنا إلى مخازن كسرة وعطش الغذائية، التابعة للشركة العامة لتجارة المواد الغذائية، وتقع هذه المخازن في أطراف مدينة الصدر شرق بغداد، وهي عبارة عن مبان قديمة اكل عليها الدهر وطواها الإهمال، فكان باستقبالنا رجال الأمن الذين يجلسون تحت (كرفان حديدي) يستظلون به من وهج الشمس، وسألونا من نحن وماذا نريد..؟ فأجبناهم إعلاميون من جريدة المدى، فكنا كمن هبط عليهم من السماء، فسردوا قصة معاناتهم بالتفصيل.
سوء الخدمات وشح الغذاء
حيث قال رجل الأمن أبو سارة "لا توجد خدمات بتاتا، فلا ماء شرب ولا كهرباء، ولا فراش ولا مأوى سوى ما تراه أمامك، نحن نشتري الأسرة والفرش التي ننام عليها، وحتى (المولدة السحب) نحن ندفع ثمنها من رواتبنا، فقلنا لهم وما السبب في ذلك..؟ ألا توجد نثرية توفر لكم هذه البنى التحتية؟، فقال لا اعلم أين تذهب، فالإهمال والنسيان لهذه المنطقة هما السائدان منذ سنين طويلة وبالأخص  هذه المخازن".
دخلنا إلى المخازن ليستقبلنا الموظف أبو فاطمة الذي قال بدوره" الخدمات سيئة من جميع نواحيها، فلا دورات مياه ولا ماء ولا كهرباء، إلا أن المنتسبين من الشرطة قاموا ببناء دورة مياه لأنفسهم وعلى حسابهم الخاص، والمدير الوحيد الذي وفر لنا الماء والكهرباء دون المدراء السابقين هو المدير الحالي أبو طيبة كريم جبر، الذي استغل معارفه وعلاقاته لغرض توفير الماء والكهرباء للدائرة.
تعامل الناقلين اللاحضاري
يضيف أبو فاطمة بان هناك تدنيا في سلم الرواتب وسوء تعامل الناقلين معنا بالرغم من قلة ما يصل إلينا من مواد ،فنحن في السابق كنا نستقبل (350) شاحنة نقل يوميا ومن مختلف المواد أما الآن فمن النادر مشاهدة شاحنة محملة بالمواد الغذائية، وهؤلاء الناقلين ولأنهم مرتبطون بجهات عليا، تعاملهم معنا غير حضاري بتاتا،  وهذا يؤثر بعلاقتنا مع الموظفين وهذه الكراسي التي نجلس عليها نحن من اشتراها وعلى حسابنا الخاص وحتى الورق والقرطاسية نحن نجهز أنفسنا بها لا توجد مخصصات بذلك، وتصوروا ان ليس في الدائرة حاسوب أو أي آلة استنساخ..!! ونحن محاسبون عن كل شيء، فنضطر إلى استنساخ الأوراق على حسابنا الخاص، ولا يتوفر لدينا سوى المولدات الكهربائية العاطلة عن العمل وحتى دورات المياه التي صرف عليها (17) مليون دينار غير صالحة للاستخدام و متروكة منذ أمد بعيد ،ورواتبنا لا تكفينا و حتى دوامنا أيام العطل، نتقاضى عليها خمسة آلاف دينار فقط عن كل يوم عطلة، لا أعلم هل هذه الخمسة آلاف تكفي طعاما أو أجرة نقل أم ماذا..؟ كما يقول أبو فاطمة .

مخازن خاوية تملأها الأفاعي
سرنا في طرق غير معبدة وأشعة الشمس اللاهبة تحرق الطريق حرقا، ورأينا الإهمال الكبير حيث الحشائش تنمو بصورة غريبة خلف البناء، وفيها أشكال وأصناف من الحيوانات والحشرات، وقيل لنا أن احد افرد الشرطة قام باصطياد أفعى كبيرة جدا، ودخلنا إلى المخازن المتهالكة الفارغة، وكان في بابها أمين المخزن الذي يجلس على كرسي مصنوع من اللدائن، يستظل من الشمس بفيء المخزن، وأول ما جلب انتباهنا، سواد جدرانها وكأنها محترقة بلا طلاء ولا تبييض، ومهملة بدرجة كبيرة حتى إنها ذكرتنا بالدوائر المحترقة يوم حرق الدوائر والمنشآت الحكومية في الوقت السابق، وغرفة أمين المخزن فارغة مظلمة، ليس فيها تأسيسات كهربائية البتة، المخزن خاو على عروشه إلا من بعض الموازين العاطلة عن العمل، والمنتشرة في أركانه،  والتي قامت الصيانة بإصلاح ميزانين فقط قبل مدة من الزمن، وباقي الموازين مهشمة أجزاؤها متفرقة هنا وهناك، خاطبنا أمين المخزن عن هذا الحال ليحدثنا فقال مترددا، كما ترى ليس لدينا ماء أو كهرباء، والمخزن فارغ ما فيه مواد غذائية، منذ مدة طويلة، وهذا حال المخازن هنا، سألناه لماذا تقبلون بوضع مثل هذا الحال، فقال ليس لدينا موارد، نبني بها، ولا توجد تخصيصات مالية لهذا الشأن لأن نحن نعتمد نظام التمويل الذاتي ولا اعلم من أين يأتي الموظف بالمال ليصرفه على دائرته..؟.

غرفة مخزن وقود
قادتنا خطواتنا إلى منظر الموظفين الذين يهربون من حر المباني إلى خارجها يتفيأون تحت ظلها من حرارة الشمس بالرغم من هجير الحر، أمام كل المباني يفترشون الأرض، منظر محزن حقا، ووجدنا جمع من الموظفين رحبوا بنا، وأدخلونا إلى غرفة مفروشة بحصير لا تتعدى الـ (3) أمتار، مكتوب على بابها( مخزن وقود)وعرفناهم بأنفسنا فتهللوا فرحين مستبشرين، سألناهم عن معاناتهم فقال أحدهم وأسمه أبو يوسف " مشكلتنا الرواتب فنحن نتقاضى أدنى رواتب في العراق، ولسنا كبقية الدوائر الحكومية الاخرى كوزارة التعليم او رئاسة الوزراء، هناك بون شاسع بين ما نتقاضاه كموظفين وبين ما يتقاضونه من رواتب.

سنوات خدمة في مهب الريح
 يقول أبو يوسف أنا موظف ولدي خدمة (11) سنة، وراتبي الذي أتقاضاه (300) ألف دينار وأنا صاحب أسرة كبيرة واسكن في التجاوز(الحواسم) لأني لا استطيع تأجير دار بمثل هذا الراتب.
يقول أبو مها وهو احد الموظفين ان خدمتي (31) سنة وراتبي (325) ألف دينار، فيما يبلغ مرتب أبو حمزة الذي خدمته 13سنة (255) ألف دينار ،ومرتب أبو فاطمة خريج إلاعدادية ولديه خدمة (11) سنة وراتبه(364) الف دينار، أما أبو علاء فقط كان صامتا لا يتكلم سأله أبو فاطمة كم راتبك فقال وهو مطرق إلى الأرض (545) سألناه كم خدمتك يا عم فقال(32) سنة وقال أبو حسين أنا خريج معهد إدارة خدمتي (11)سنة وراتبي هو(540) .

أيام العطل دوام بخمسة آلاف
استفسرنا عن سبب هذا التدني بمستوى رواتبهم فقال أبو حمزة :"لا خطورة، لا بدل طعام، لا بدل نقل، وحتى الدوام أيام العطل يخصصون لنا خمسة آلاف دينار لا غير عن كل يوم عطلة بينما هناك (80) ألف دينار لموظف الأمانة يتقاضاه عن كل يوم عطلة يعمل به، ولا نعلم على أي مقياس يقيس المسؤولون عن رواتبنا قياسهم" وقال ابو فاطمة " اغلب الموظفين هنا قدموا على نقل لخارج وزارة التجارة إلى وزارات أخرى، منهم من ذوي العلاقات والمحسوبيات تم نقلهم، ونحن بقينا على ما نحن عليه، بدعوى انه لا توجد تخصيصات مالية" وحتى السلفة ذات (100) راتب قاموا بقطع كل الراتب ممن تقاضوها عجبا ألم يفكروا بالناس كيف تعيش وانتم ترون غلاء الأسعار؟.
ويقول احد الموظفين رفض الكشف عن اسمه" ان أول راتب يتقاضاه موظف في مجلس الوزراء هو (مليونين وربع المليون) بينما موظف التجارة يتقاضى راتبا قدره (150) الفا نريد معرفة السبب بهذا التباين في الرواتب ولماذا ..؟ هل نحن نعيش في نفس البلد أم إننا من عالم آخر..؟ .
تباين كبير في المرتبات
واليك امثلة من الرواتب راتب وكيل وزير سبعة ملايين ونصف المليون دينار مع الحوافز والمخصصات، وراتب مدير عام ثلاثة ملايين ونصف المليون دينار وراتب معاون المدير ثلاثة ملايين دينار قارنها مع راتب الموظفة أم احمد التي لديها خدمة (20) سنة وراتبها لا يتجاوز الـ(200) ألف دينار أي عدالة هذه بحق السماء..؟ كما وإن مدير الشركة العامة يوعز بمخصصات (عيدية) لمقر الشركة ولا يعطي منتسبي المواقع أي شيء لماذا هذا الغبن، فعلينا الوجبات والتبعات وليس لنا مكافئات."وأضاف قائلا:" ان وزارة التخطيط تقوم بوضع خطة وتبعثها لوزارة المالية التي تخصص موازنة على شكل أموال خطط ومشاريع لكل الوزارات ومنها وزارة التجارة، وتكون حصة وزارة التجارة (مقطوعة) وهذا اكبر خطأ كون العالم الآن يعاني من أزمات مالية اقتصادية خطيرة، تؤدي بدورها الى تذبذب اسعار المواد من صعود وهبوط وعلى الأغلب هي في صعود مستمر، فلو نظرنا الى مواد الوجبة الغذائية لاتتجاوز (14 آيتم ) أي مادة أو فقرة من الحصة التموينية، فمن البديهي لو زادت كل مادة كذا واستوردنا مادة ما لا يمكننا استيراد الباقي لارتفاع أسعارها كلها، فلا تكفي الميزانية المخصصة لها.

الشركة مكتظة بالمواد والمخازن فارغة
لماذا وزارة التجارة مهمشة بموظفيها من الحوافز والمخصصات .. وعلى أساس إننا وزارة من ذوات التمويل الذاتي، ولكن واقعنا سيئ ويتجه إلى أسوأ وقد أتى إلينا مسؤولون كبار في الدولة من أعضاء مجلس محافظة وبرلمانيين، وعدونا خيرا ولكن بلا نتيجة ولا تطبيق، قدمنا لهم شكوانا دون طائل مجرد وعود بلا تطبيق، ونحن نستبشر خيرا، بتحويل الوجبة الغذائية على مجالس المحافظات لعل بهذا الأمر يتحسن وضعنا المعاشي، ونتمنى من المحافظ ومجلس محافظة بغداد بزيارتنا والاطلاع على حقيقة أمرنا، فنحن نعاني منذ سنين وكأننا في منفى فلا رواتب تكفينا ولا خدمات تعيننا على عملنا، مهمولين متروكين، بعكس مكاتب الشركة العامة المليئة بالعقود تجد مخازننا فارغة من المواد.
نتسأل بدورنا لماذا المخازن فارغة من المواد الغذائية..؟ وحصة رمضان كانت (3)كغم من الرز الهندي لماذا وزعوا (1,5)كغم وحتى الوجبات الغذائية لم توزع منذ الشهر الرابع وحتى الآن، ولماذا لا تستورد الشركة العامة المواد الغذائية كـ(الحليب والشاي)..؟

دعوة المحافظ لمعرفة الحقائق
ندعو المحافظ ومجلس محافظة بغداد إلى زيارتنا والاطلاع على حالنا عسى ولعل يجدوا صورة حل لنا، فنحن موظفين في قطاع الدولة وتحت مسؤوليتهم.
ويقول مدير المخازن كريم جبر نحن نعمل بالممكن والمتاح، نعم ان رواتب الموظفين قليلة نسبة الى غيرها من وزارات الدولة كالتعليم وغيرها، ولدينا موظفة اسمها أمل غني أرملة ولديها خدمة طويلة إلا أن راتبها (195) ألف دينار وهي تعيل أبنتها اليتيمة وحالتها يرثى لها وبالرغم من ذلك تعمل لأن ليس لها معيل وأما بخصوص المخازن الفارغة فنحن لم نتسلم حصة غذائية منذ شهر نيسان، ولا أي مادة، فلسنا مسؤولين عن فراغ المخازن، أما بخصوص البنية التحتية للدائرة، فكما تعلمون ان الخدمات في عموم منطقة كسرة وعطش سيئة جدا، وليست ضمن المستوى المطلوب ولكن كان من المفروض أن يقوم المدراء ببناء البنية التحتية للمخازن شيئا فشيئا، وبالمتاح والممكن، وعندما تسلمت الإدارة قمت بتوفير الماء والكهرباء للدائرة، وللأسف ليست هناك ميزانية للأثاث، أو نثرية للرواتب، بودي أن أساعد الموظفين الذين يعانون من ضعف الراتب ويشعرون بإحباط مستمر،  فالإنسان يشعر بقيمته متى ما خدم بلده ووجد حكومته تقيه العوز والفاقة، لكن الأجور في الحد الأدنى هي (170) الفا تحتاج إلى التفاتة من المسؤولين للنظر فيها، وهناك رواتب تصل الى المليون دينار، وذلك بسبب المنصب ومدة الخدمة،  نحن نقوم حاليا بتجهيز ما يمكن تجهيزه للمواطنين من مواد غذائية ولو نصف الوجبة لا لشيء الا لدوام المواصلة والتخفيف عن كاهل المواطن، ومازلنا نوزع الزيت من يوم التاسع من شهر نيسان وحتى الآن، حيث يأتي إلينا من الشمال، (كركوك و دهوك و سليمانية وأربيل) التي أصبحت مركزا رئيسا لمادة الزيت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram