اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رمضان.. وحوار الفضائيات

رمضان.. وحوار الفضائيات

نشر في: 28 يوليو, 2013: 10:01 م

ما أسوأ الحوار عندما يتجاوز حدود الأدب، هذه العبارة التي توقفت عليها عندما استمعت الى حوار  دار بين اثنين ممن يظنان نفسيهما من المصلحين كل على طريقته الخاصة.. هذه العبارة استوقفتني كثيرًا، وهي جديرة بأن نقف عندها طويلاً ونحن نرى بعضًا من السياسيين والبرلمانيين  يتصارعون على القنوات الفضائية فيما يشبه صراع الديكة، وهم الذين يمثلون جهات حزبية ورسمية  كما يظنون أنفسهم، أو كما يفترض فيهم بحكم ما لهم في نفوس الناس من احترام مبني على حسن النية والعاطفة التي أصبحت موجهًا عشوائيًا لمشاعر الناس، دون الالتفات إلى حقائق الأمور وما تخفيه من وجوه أخرى لا تبرز إلا عندما تثيرها بعض المواقف بدافع الدفاع عن الذات، لا الدفاع عن الحقيقة.
صراع يبعث على التقزز عندما يتعدى حدود الأدب، ويتحول إلى نوع من الردح الذي لا يليق بأي إنسان سوي، فكيف إذا كان هذا الإنسان من يعتبر نفسه انه سياسي محنك في هذا الوطن المنكوب  حتى بأبنائه الذين لا يعرفون أصول الحوار وقواعده، وبعضهم من يلبس معطف الدين، وإذا هو أبعد الناس عن هذا الدين بصراخه وعصبيته وسلاطة لسانه، وما ذلك إلا دليل على ضعف الحجة، لأن من يملك دليلاً على صحة موقفه لا يحتاج إلى الضجيج وإثارة الزوابع الكلامية التي لا تخدم أحدًا بقدر ما تسيء لقائلها من حيث أراد أن تسيء إلى غيره، وليس هناك ما هو أسهل من كيل التهم، وتوجيه دفة الحوار في طريق التضليل، لصرف المشاهد أو المستمع عن الحقيقة.
بل أن بعض الدعاة الذين أوصاهم الدين الحنيف ونحن في هذا الشهر الكريم  بالحكمة والموعظة الحسنة لا يتورعون عن استخدام عبارات وألفاظ تأباها النفس ويمحقها الذوق، ولا تستقيم مع مكانة من يتلفظ بها، ولا تتناسب مع رسالة المنبر الإعلامي الذي تنطلق منه تلك العبارات والألفاظ، وهذا أسلوب ممجوج، يستخف بوعي المشاهد والمستمع، وهي مصيبة هؤلاء الذين يعتقدون أنهم وحدهم من يملكون الحقيقة، ويتناسون أن في غيرهم من هم أكثر علما ووعيا وفهما منهم، وكل ما في الأمر أن الصدف هي التي قادتهم لتصدر المنابر الإعلامية في بعض الفضائيات أو الإذاعات ، مع أنهم في ميزان الرأي لا يشكلون أي ثقل حقيقي بدليل الأساليب المعوجة التي يلجأون إليها في حواراتهم حول أمور لا تستحق هذا الجدل المثار حولها، وربما كانت أقل من أن تلفت النظر، لولا التركيز عليها من قبل أناس لا هم لهم سوى البحث عن عيوب الآخرين، وكأنهم أوصياء الله على خلقه، ودون تفكير فيما قد يخلفه ذلك من سلبيات على المجتمع وأفراده.
ثمة أساليب للحوار لا ينبغي تجاهلها أو التغافل عنها لمجرد الرغبة في إثبات الرأي مهما كان ضعيفًا، والإصرار على الموقف مهما كان هشا، ولا سبيل إلى ذلك سوى بتبادل التهم من ناحية، وتسفيه الرأي من ناحية أخرى، وبين هذا وذلك تحلق على أجواء الحوار الكلمات النابية والتهم الباطلة، وتبادل ألفاظ من العيار الثقيل، التي تتعدى كل حدود الأدب والرزانة والتعقل، وبشكل لا يليق أن يلجأ إليه من يصنفون أنفسهم في قائمة المصلحين لهذا البلد ، وأين الإصلاح في النزول بالحوار إلى الدرك الأسفل من التشنج والانفعال والتمادي في باطل القول وهجينه.
نعم .. ما أسوأ الحوار عندما يتجاوز الأدب، فارحمونا يرحمكم الله، فقد مللنا من هذه الأساليب التي تضر أكثر مما تنفع، وتسيء أكثر مما تحسن. والله المستعان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram