لو كنت أملك سلطة ما في صحيفة عراقية، لأوعزت لكتابها ومحرريها، الإقتصاد في نقد الساسة، وفضح خلفيات صراع الكتل،- وأغلبها شخصي محض، لا علاقة له بحقوق شعب او مستقبل وطن – والتركيز الشديد على الأداء المريض والمشبوه للنهب المبرمج لسرقة واستباحة الثروات الطبيعية، واولها النفط.
في البصرة، حيث تحرق يوميا سبعة ملايين قدم مكعب من الغاز يوميا، يوميا، وهو ما يعادل كيلو متر طولا، ومثله عرضا وبارتفاع عشرين مترا. نائب في البرلمان العراقي، يوضح أن الغاز المحروق من آبار البصرة يمكنه إنتاج اكثر من (2500) ميغا واط من الطاقة، و(76) الف لتر من البنزين يوميا، إضافة إلى إنتاج (366)الف قنينة غاز منزلي ,
الأرقام اعلاه تصيب العاقل بالجنون، حين يردف الخبر أعلاه بخبر صاعق آخر: الإتفاق مع إيران لإستيراد الغاز من أجل تشغيل محطات الكهرباء في العراق.
لو صحت الأخبار – أعلاه – وهي موثقة بتصريحات المسؤولين، لتوجب أن يحاكم كل من تورط ويتورط في هذه السرقة العلنية لعماد الثروة في العراق (النفط) ويقاضى حضورياً وغيابياً، وبأثر رجعي. منذ إكتشاف الهدر ولحد هذا اليوم.
أعادتني خاطرة حرق (35) مليون دولار يوميا،: مليون ونصف مليون دولار في الساعة (سعدون ضمد – جريدة المدى) إلى اكثر من ثلاثين سنة وانا أستقل القطار النازل من بغداد لمدينتي البصرة، فارى على البعد،- ونحن نقترب من تخوم المعقل -، وهجاً من النيران مصحوباً بسحب كثيفة من دخان يتصاعد من ذؤابات ابراج المداخن.، كنت يومها اكتب عموداً يومياً في جريدة الجمهورية، عنونته: النار الأزلية.
على قصر قامتي في الصحافة آنذاك وقلة خبرتي ونزر معلوماتي عن النفط ومشتقاته، وألاعيب أساطينه، توقعت أن تحرق الخاطرة قلوب الجالسين على الكراسي، كما أحرقت تلك النيران المهدورة قلبي وكبدي.
وتساءلت حينها. ماذا لو استغلت تلك الطاقة في الإقتصاد، ودفع القر والحر عن المواطن، ودفع عجلة التصنيع للأمام، و..و..كان الصراع بين الفرقاء يومئذ قد بلغ الأوج! فمن ذا يكلف نفسه بقراءة خاطرة لقلم مغمور , كان الكل في شغل شاغل بـ: الآن، وليس غدا،، وبتحصيل حاصل اليوم وليس بعد سنة،
ماذا يعني – للجالسين على الكراسي، إن كان العراق صنف كثالث اكبر الدول في تصدير النفط؟؟ ماذا يعني إحراق الغاز لمدة تقارب السبعين عاما، دون أن يتقرح قلب مسؤول، او يتفتت كبده، ماذا يعني له التفريط بالأمانة ما دام بمنجى من المساءلة والعقاب؟؟
أما من وطني ابن أبيه، يدل العراقي على طريقة لردم بئر الحزن، والوفاء لقسم: أن يصون العراق شعباً، وأرضاً وثروات؟؟
ليست أزلية
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2013: 10:01 م