TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > الربيع العربي يختنق بقوة السلاح

الربيع العربي يختنق بقوة السلاح

نشر في: 29 يوليو, 2013: 10:01 م

ان جرائم القتل البشعة التي يتعرض لها المصريون العاديون على أيدي جيشهم تحكي الكثير عن توقف الربيع العربي؛ حيث لم تمر الا سنة واحدة منذ الانتخابات الديمقراطية التي كان المقصود منها التبشير بعصر الحرية و الاستقرار في ثالث اكبر دولة من حيث السكان في افري

ان جرائم القتل البشعة التي يتعرض لها المصريون العاديون على أيدي جيشهم تحكي الكثير عن توقف الربيع العربي؛ حيث لم تمر الا سنة واحدة منذ الانتخابات الديمقراطية التي كان المقصود منها التبشير بعصر الحرية و الاستقرار في ثالث اكبر دولة من حيث السكان في افريقيا، حتى نشهد مذابح روتينية في الشوارع . اولئك القتلى و الجرحى نتيجة اطلاق النار في القاهرة كانوا يحاولون ابداء دعمهم لمحمد مرسي الرئيس المنتخب الذي خلعه الجيش. رجال مسلحون – المقصود استخدامهم ضد المدنيين العزل – يسيطرون الآن على مدينة كانت يوما ما بؤرة للأمل و التفاؤل . و مثلما جاءت صور ساحة التحرير المبتهجة رمزا للأمجاد العابرة للربيع العربي، فبنفس الشكل تعهّد زعماء العالم من امثال باراك اوباما بمنع الحكام المستبدين من قتل شعوبهم. هل تتذكرون كيف ارسل ديفيد كاميرون بسرعة طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني للمساعدة في قصف القذافي ؟ كانت " حماية حياة المدنيين " دائما هي التبرير الأول لأستخدام هذه القوة المميتة ، كما كان الغرب يظهر بالنتيجة انه يعمل لصالح الثورات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. 

اليوم تقف نفس تلك القيادات الغربية صامتة الى حد كبير تجاه تجاوزات الجيش الذي كان على الدوام القوة الرئيسية لطاغية مصر حسني مبارك . لا تهم الطريقة التي ننظر بها الى ذلك، لقد كان القمع العسكري لإدارة الإخوان المسلمين انقلابا كلاسيكيا، الذين يحاولون تبرير انتصار القوة العسكرية هم حتما الذين يؤمنون بان القوة المادية هي الموقف الافتراضي المطلوب لأي بلد عربي.
سينفي الجيش المصري استخدام العتاد الحي لقمع الاحتجاجات، بينما سياسيون من امثال وزير الخارجية وليم هيغ سيخرجون بتفاهات حول كونهم " يعارضون استخدام القوة ". ليست هناك ادانة واضحة من المجتمع الدولي للتغيير السياسي الحاصل تحت تهديد السلاح . يأتي ذلك فيما تنتشر التظاهرات في تونس بعد عدد من الاغتيالات السياسية، حتى ان هناك حديثا عن بلد اشتهر يوما ما بثورة الياسمين الخالية من الدم التي تنحدر اليوم الى البربرية. يأتي مقتل قائد المعارضة العلماني محمد براهمي يوم الخميس في تونس بعد مقتل زميله شكري بيلايد بداية العام الحالي، و قتل شخص واحد على الأقل في احتجاجات ضد الحكومة و انفجار عبوة في سيارة للشرطة بعدها مباشرة.
تمثل ليبيا مشهدا لأعمال القتل اليومية، وعدم قدرة الحكومة السيطرة على العصابات المسلحة التي تتنافس على السلطة و النفوذ. يوم الجمعة قتل عبدالسلام المسماري – المحامي الذي شارك في اسقاط القذافي – و اثنان من ضباط الأمن في بنغازي " مهد " الثورة الليبية . اصبح المسماري من أشد منتقدي المسلحين جنبا الى جنب مع الاف آخرين لا يرون أي أمل في أزدهار الديمقراطية في حين انهم يسيطرون على الشوارع بشكل فاعل .
الكثير من الذين شاركوا في التجمعات الأولية المؤيدة للديمقراطية في سوريا عام 2011 هم من بين المئة الف ضحية من ضحايا الحرب الأهلية ، و مئات الالاف غيرهم اصيبوا بجروح و تعرضوا للسجن او اضطروا للهرب. كما متوقع فان الجيش النظامي السوري المجهز و المدفوع جيدا – و ليس الديمقراطية - هو الذي وفّر للرئيس الأسد افضل الفرص لأطالة فترة ولايته . هذه الحقيقة الوحشية تجعل تطلعات الذين بدأوا الربيع العربي تبدو قاتمة . المثاليات مثل المساواة بين الطبقات و الأجناس، و مؤسسات الدولة الكفوءة العادلة، و الحد من الفقر ، و القضاء النزيه و التعليم للجميع ، كلها لا تثمر عن شيء عندما لا يتمكن اي بلد حتى من حماية مواطنيه من جنوده او من المليشيات المسلحة التي تحل محل الجنود .
من حيث التغيير الاقتصادي و الاجتماعي ، ليس هناك دليل كاف على التغيير نحو الأحسن في حياة ملايين العرب منذ اعمال التمرد في 2011 . بل على العكس من ذلك، فالقتال الداخلي بين المجاميع المتناوئة بما فيها العلمانيين و الاسلاميين، قد ادى الى تراجع الأصلاح، بينما تم تجاهل المشاكل الاجتماعية كأنظمة النقل الخطيرة و الأمية المتفشية . ازداد الفقر بشكل كبير ، حيث ان 40% من سكان مصر يكسبون اقل من باونين في اليوم الواحد – و هو خط الفقر الرسمي الذي وضعته الأمم المتحدة . تكاليف المعيشة آخذة بالارتفاع جنبا الى جنب مع البطالة في كل بلدان ما بعد الربيع العربي . كما ان عدد الشباب العاطلين عن العمل يتضاعف مما يخلق طبقة واسعة من الناس الغاضبين و المستائين الذين لديهم طاقة كبيرة على العمل . هؤلاء الشباب هم الذين خلقوا الربيع العربي باستخدام تقنية تواصل جديدة للتعبير عن المظالم التي يتعرضون لها . كان أحد اسباب نجاحهم الأولي في تونس و مصر هو انهم اتيحت لهم حرية التظاهر. كانت المعارضة الشعبية على شكل تظاهرات منظمة تبدو بديلا مقبولا عن اشكال الاحتجاج الأكثر راديكالية بما فيها الاعمال الارهابية .
بأية حال من الأحوال، كان الربيع العربي يمثل فشلا ذريعا لأنه سمح لهذه التظاهرات ان تزدهر في حركة ديمقراطية نثرت مشاكل العالم العربي على الساحة العالمية، لكن تقدمها يختنق اليوم على يد الذين يؤمنون بالحكم فقط من خلال اوامر مباشرة .
كان من نتائج ثورات 2011 ظهور الأسلام كقوة سياسية منظمة؛ حيث تمكنت حركات مثل الأخوان المسلمين من استخدام الشبكات الشعبية الواسعة المستندة الى حد كبير على مراكز المجتمع المحلي و المساجد لحشد الدعم الانتخابي . في اغلب الحالات، لا تأمل الاحزاب الأخرى في التنافس الا ان هذا لا يعتبر سببا، للمجاميع المعارضة للديمقراطية مثل الجيش، في قتل و سجن مؤيدي الأخوان المسلمين .
لم يدّع أحد بان الربيع العربي من شأنه ان يوفر حلا سريعا للمشاكل الكبيرة الكامنة في المجتمعات العربية، لكن اذا ما استمرت القوة العسكرية في كونها الحكم النهائي الذي يسمح للحكومة بالحكم ، فان اعمال القتل ستستمر دون توقف .

عن : الغارديان البريطانية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

قراءة أمريكية لتداعيات سقوط الأسد على العراق

صحيفة عبرية: نتنياهو لا يريد انهاء الحرب في غزة لاستمرار نظامه الديكتاتوري

صحيفة أمريكية: العراق مصدر خطر على المسيحيين

الحوثي يعلن الحرب على إسرائيل ويهدد "بن غوريون"

مقتل زعيم "داعش" بضربة أميركية في سوريا

مقالات ذات صلة

اشتباكات منبج مستمرة.. وأردوغان يهدد أكراد سوريا

اشتباكات منبج مستمرة.. وأردوغان يهدد أكراد سوريا

 متابعة / المدى أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أمس الأربعاء، عن مقتل 5 عناصر من الفصائل الموالية لتركيا وإصابة آخر في اشتباكات شرق منبج، شمالي سوريا.وقالت "قسد" في بيان، إن اشتباكات مستمرة منذ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram