TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إيّاك والعودة إلى الحياة!

إيّاك والعودة إلى الحياة!

نشر في: 29 يوليو, 2013: 10:01 م

تشهد هذه الليالي من رمضان، مناسبة مقتل الإمام علي بن أبي طالب(ع). وهي مناسبة يُحْييها الشيعة بتذكّر القيم التي حرص هذا الرجل على رعايتها وزرعها في نفوس الناس، وبالتأكيد أقيمت في المنطقة الخضراء، احتفالات دينية ومحاضرات ذُكرت فيها مناقب هذا الإمام، وفيها دار حديث طالما سمعه سياسيونا وطالما تذكروه وذكروه، عن عدالته وانصافه وعصاميته. ولا بد أن الخطيب ذكّرهم بحادثة الحديدة، التي وضعها عليٌ في النار، حتى احمرّت، ثم قربها من عقيل بن ابي طالب، في رسالة واضحة اراد ان يقول فيها لأخيه: إذا كنت لا تستطيع تحمل حرارة حديدة، فلماذا تطلب مني ان اتحمل حرارة جهنم، في سبيل منحك الامتيازات؟ وربما بكى لتذكر هذه. الحكاية الكثير من قادتنا، وتذكروا، لحظة البكاء، أية درجة من النفاق وصلوها، وهم يطعنون منهج علي بالصميم عند سرقتهم أموال الفقراء وتوزيعها على الأقرباء والاحبة.
وربما ذكّرهم الخطيب أيضاً بحرص علي، ومنذ أول أيام توليه الخلافة، على المساواة بين الناس، وكيف أنه رفع شعار لا فرق، في العطاء، بين عربي وغيره ولا بين قرشي وغيره. فهل تذكروا عند ذلك، كيف أنهم ابتكروا الف عذر وعذر للتمييز بين الناس، بحسب الدين أو المذهب أو الحزب أو المحافظة وووووالخ.
من جملة الاشياء التي ذكرها الخطباء، حتماً، هي حرص علي، عند توليه الخلافة، على تجريد قادة المسلمين وكبارهم من جميع الامتيازات المادية التي حصلوا عليها بغير وجه حق. وهذه المنقبة ستقع على مسامع سياسيينا، كما تقع الكارثة، وسيتأكدون بأن علياً وأمثاله يشكلون وبالاً عليهم وعلى امثالهم.
الآن، ماذا لو عاد علي إلى الحياة؟ وتأكد سياسيونا، من "رعاة منهج علي" بانه هو علي بن ابي طالب وليس غيره؟ ماذا تراهم سيفعلون لو جلس في هيئة النزاهة وحرك ملفات فسادهم الواحد بعد الآخر، ودون أن يراعي كبيراً أو صغيراً، "سيّداً" أو "عاميّاً"؟ هل سيتركونه يودعهم السجن هم وأبناءهم واقاربهم، أم يتهمونه بالعمالة ويلقون به في ابوغريب؟ أو ربما يغتالونه بواحد0 من أساليب الاغتيال التي يبرعون بها؟
ثم ماذا سيحصل لو طالب عليٌّ جميع رجال الدين، وبالذات قادة الميليشيات ممن يقتلون الناس باسم الدين، بالكشف عن ذممهم المالية، ومصادر تمويلهم، والتخلي عن امتيازاتهم التي جمعوها باسمه ودفاعاً عن نهجه؟ هل سيتركونه يفضحهم امام الناس ويكشف عن زيف عمائمهم ؟! أم يزرعون له عبوة تحت سرير نومه، في ليلة الحادي والعشرين من رمضان؟
من تمَثَّل سيرة عليٌّ وقف في ساحات التظاهر يوم 25 شباط واتُهم بالبعثية والعمالة، ومن تمثَّل مأثرة عليّ يقف اليوم للمطالبة بالغاء تقاعد مجلس النواب، ومطالب أخرى يجمعها الحرص على مصالح الناس والوقوف بوجه فساد من يدعون أنهم يمثلون علياً.
عليٌ الذي تبكون عليه أيها السادة خائب الظن بسببكم، ويشعر بالغيظ لأن الناس تعتقد أنكم تمثلونه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. شموع الفرات

    اين الثرى من الثريا

  2. هادي الخزاعي

    لا حياة لمن تنادي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram