هذا حسن ، أن تبدو الحكومة متحمسة هي الأخرى للحملة الشعبية المُطالبة بتقليص الامتيازات المالية لأعضاء مجلس النواب. ونعني بالحكومة رئاستها والجهات المقرّبة منها في ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة الاسلامية (المفارقة ان الائتلاف والحزب لم يبادرا بعد الى الاعلان عن التخلي عن الرواتب التقاعدية لنوابهما وممثليهما في مجالس المحافظات كما فعلت كتلة المواطن وكتلة الاحرار).
أمر محمود أن تدعم الحكومة حملة كهذه تسعى الى الحد من الامتيازات غير المعقولة لأعضاء البرلمان والمجالس البلدية، بصرف النظر عن الدوافع وراء هذه الحماسة الحكومية التي يرى البعض انها تدخل في اطار رد الحكومة على التحية بمثلها أو بأحسن منها. و"التحية" هنا هي تحية مجلس النواب الذي شرّع للتو قانوناً يخفض من الامتيازات المالية غير المعقولة ايضاً لرئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان، وهو أمر أزبدت له الحكومة وأرعدت اعترضت عليه لدى المحكمة الاتحادية، ومن المتوقع أن تقضي المحكمة كالعادة بما تريده رئاسة الحكومة بنقض قرار البرلمان.
لكن القضية برمتها لا ينبغي معالجتها في اطار المناكفات السياسية بين الحكومة والبرلمان والحروب بين كتلهما. ولكي يحصل هذا لابد أن يتسع نطاق الحملة الشعبية، ومعها الحماسة الحكومية، للحد من كل انواع الامتيازات الكبيرة التي يحظى بها افراد الطبقة العليا من مسؤولي الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية داخل جهاز الدولة برفع الحيف عن العمال وموظفي الدرجات الدنيا والوسطى والمتقاعدين بزيادة رواتبهم المتدنية.
ليست رواتب أعضاء البرلمان والمجالس البلدية والرئاسات الثلاث ومخصصاتهم وامتيازاتهم هي وحدها غير المعقولة .. هناك أيضاً الوزراء ومن هم في درجتهم ووكلاء الوزرارات وأصحاب الدرجات الخاصة عامة .. هؤلاء جميعاً يحصلون على رواتب ومخصصات وامتيازات مبالغ فيها للغاية مع ان الكثير منهم لا يؤدي للدولة والمجتمع خدمات تعادل في كميتها وقيمتها ما يقدمه العمال والموظفون الصغار والمتوسطون.
وبالمستوى نفسه من الاهمية، بل بمستوى أعلى، يتعيّن العمل على مكافحة الفساد المالي والاداري، وبخاصة في الأوساط العليا من موظفي الدولة. الكثير من النواب والوزراء ووكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والمدراء العامين والمفتشين العامين وسائر اصحاب الدرجات الخاصة وحتى مدراء مكاتب كبار المسؤولين، يستغلون مواقعهم ومناصبهم وعلاقاتهم للحصول على رشى نقدية وعينية تصل قيمتها في أحيان غير قليلة الى الملايين وعشرات الملايين من الدولارات، ووثائق هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية تحفل بوقائق لا حصر لهافي هذا الصدد.
الرواتب والمخصصات والامتيازات الكبيرة التي قررها البرلمان في دوراته المختلفة لاعضائه وسائر افراد الطبقة العليا من دون وجه حق، هي جزء من عملية الفساد والافساد واسعة النطاق الجارية في دولتنا، وهي عملية تحرم المجتمع وتنميته مليارات من الدولارات سنوياً.. لا بد أن يكون هذا بالضبط هو جوهر ونطاق الحملة الشعبية الجارية الآن.
وماذا عن الوزراء وامثالهم؟
[post-views]
نشر في: 31 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
عمار الحلي
اول شيء الاعلان عن التنازل عن الراتب التقاعدي من قبل بعض الكتل قد تم كشف زيفه ! لأن المادة 21 من قانون التقاعد تنص انه لايحق لأي احد التنازل عن الراتب التقاعدي ولأي سبب كان !! وكان موقف الكتل هو فقط دعاية اعلامية .... لأنه كان الأولى بهم ان يشرعوا قانون ي
الناصر دريد
الاستاذ عدنان يغفل عن نقطة مهمة متعلقة بالمال السياسي رغم انه يعرج عليها بشكل طفيف في نهاية مقاله ، والواقع هو ان حجم المال المتداول من خلال الفساد السياسي هو اضعاف مضاعفة لحجم الرواتب التي يتم الحديث عن الغائها وهذا يعني بالنتيجة ان مداخيل هذا الفساد للط
د. سمير خمورو
عزيزي الصديق عدنان تحياتي، هناك مسالة في غاية الأهمية ويجب ان تشرع بقانون وهي، ان على كل من يتبوء مركز مهم في الدولة ان يقدم كشف بثروته المنقولة والغير منقولة، وبشكل شفاف وتنشر في الجريدة الرسمية، وبعد تركه المنصب يقدم كشف آخر بكامل ثروته، ليتم المقارنة ب