TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كفر الجمهور بمعارضي المالكي

كفر الجمهور بمعارضي المالكي

نشر في: 3 أغسطس, 2013: 10:01 م

ماذا سيحدث حتى الربيع المقبل؟ سنكون يومها على موعد مع اهم اقتراع برلماني يشهده العراق على الإطلاق، لانه سيختبر مدى صمود "التسوية البديلة" التي لجأ إليها خصوم المالكي في تهدئة الاحتقانات السياسية والاجتماعية التي خربتها دبابات زعيم دولة القانون يوم تحركت على غير هدى وخربت كل التسويات والتهدئات وأسس "الامن النسبي". وموعد الاقتراع سيختبر قدرة خصوم المالكي على اثبات ان نقص الحكمة في فريق السلطان، يمكن استبداله حقا بـ"حكمة" وشجاعة يصممان المراجعة العميقة لتدهور الاوضاع، وينقذان البلد بتوفير الحد الادنى من متطلبات الوفاق الداخلي، وهو اهم سلاح نواجه به معضلة الامن والتدخل الخارجي السلبي.
لكن ماذا سيحصل حتى الربيع المقبل، وكم مرة سيجري الاعتداء على بغداد التي تموت فيها كل الطوائف، وتكون حصة من يبقى حيا، قلق عميق وأرق وانتظار لمجهول؟
آخر لقطة لشعبية خصوم المالكي و"تسويتهم البديلة" كانت جيدة، فرغم مقاطعة واسعة للاقتراع الاخير عكست يأس الناس، الا ان الجمهور نجح في معاقبة الاطراف التي كانت تتبنى نهج المالكي او تتصالح معه وتبدو ظلا له قريبة منه، كما ان تشكيل الحكومات المحلية اثبت كذلك ان اصحاب "التسوية البديلة" نجحوا في ادارة الامور لصالحهم في نينوى والبصرة وبغداد وديالى والرمادي، ومحافظات اخرى، مع قبول شعبي نسبي مدفوع بأمل ان يؤدي "التغيير" الى "تغيير".
والمشاهد التي تتولى تكوين هذا الامل، ربما تقنع مقاطعي الانتخابات بجدوى الذهاب الى صناديق الاقتراع، لان الاصوات تضاعفت قيمتها في ظل وجود مشروع إنقاذي وإصلاحي يرعاه "اهل التسوية البديلة" والمساهمة الرمزية في هذا المشروع من قبل التيار المدني، قد يشجع أغلبية المدنيين الصامتة على ان تساهم بوعي في كل هذا، ربيع ٢٠١٤، وسيكون ذلك تعزيزا لحلم المراجعة والانقاذ.
كل هذا صحيح، ولكن ماذا سيحصل حتى ذلك الموعد، وما هو ضمان ان تبقى شعبية "التسوية البديلة" وشعبية "احلام التغيير" صامدة بين الجمهور، اذا استمر الانهيار على شكل كوميديا سوداء لا شفاء لها، وبقي خصوم المالكي مكتوفي الأيدي، عاجزين عن فعل شيء داخل البرلمان وخارجه، مكتفين مثلي برفع الاصوات لانتقاد القائد العام وجنرالاته، وانتقاد تحريك سوات لضرب الشباب في ساحة التحرير وتغييبهم في مقر فرقة ١١.
ان التجمعات السكانية الكبيرة بشكل خاص، تشهد انقساما اجتماعيا رهيبا، يتضاعف يوما بعد يوم، وتنظيمات الموت تنجح في كسب المزيد من التأييد، والقائد العام يفشل في الدفاع عن هيبة المؤسسة العسكرية، واذا سقطت هذه المؤسسة فلن تبقى هناك اي رائحة لشبه الدولة التي نتمسك بها بنواجذنا ونعض عليها بأسناننا كي لا تفلت، وكي لا نجد انفسنا مطالبين بسقوط كل شيء.
ان الجمهور يكفر كل يوم بالعملية السياسية، لكن اثبات جدية "التسوية البديلة الانقاذية" قد يجعل الجمهور يعدل عن كفره ويتمسك ببقايا إيمان بالنظام السياسي. وبخلاف ذلك وحين يستمر صمت الساسة وعجز البرلمان حتى عن محاولة اخرى لاستجواب المالكي، فإن "كفر" الجمهور هو الذي سيصبح جادا هذه المرة، واذا كفر الجمهور فان المستفيد الاول سيكون تنظيمات الموت التكفيرية، وقائد المليون جندي الممسك بعوائد النفط، ولن تبقى ضمانة لنجاح الانتخابات المقبلة، ولا ثبات اتجاهات الرأي التي جعلتنا نتفاءل.
التجمعات السكانية التي يجري ذبحها، ستكفر بكل شيء، وهذه المرة تبدو "القاعدة" اسرع من اي وقت مضى، ويبدو المالكي اقل اكتراثا اكثر من اي وقت مضى. وتسارع الوقت السيئ لن يحمل أخبارا جيدة لانصار التعدد السياسي والمراجعة والتصحيح والانقاذ.
لا احد منا يريد الكفر بالنظام ومؤسسة الأمن وهيبة الدولة، والاصوات المعترضة في كل الاحتجاجات العراقية، انما تثأر لشرف رجل الامن، وتريد حمايته من الأخطاء المتتالية للفريق العسكري المحيط بالمالكي، وحمايته من حماقات الفريق السياسي المحيط بالمالكي. اي تلك الاخطاء الكبيرة التي ترتكب منذ كانون الاول ٢٠١١، وتؤدي الى تفككنا بهذه الطريقة.
كما ان "التسوية البديلة" جاءت بشعار ان المنقذ من تنظيم القاعدة ليس القوة المفرطة بل الحكمة السياسية والعمل على ردم الثغرات بين الطوائف والجماعات.
لكن غياباي مبادرة من معارضي نهج السلطان، يهدد ما تبقى من ايمان الجمهور، وينذر بكفرهم. وسيكون وزر ذلك معلقا برقبة مراكز القوى الكبرى في البلاد، وسنعجز في لحظة عن فهم معنى ان تعارض المالكي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد نعيم القريشي

    لم يعد هناك بديل فاما ممات يغيض العدى او حياة تسر الصديق لقد قطع القائد العام ومكتبه اوصال بغداد اليوم ليجد له ولمنطقته السوداءملاذ امنا وليتفجر الشعب يوميا اليوم لم نستطيع الوصول الى اعمالنا ليس مهم ان نعمل او ناكل المهم امان المنطقة السوداء وسلطانها

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram