أيها العراقيون اسمعوا وعوا، واذا وعيتم فانتفعوا. انه في بلادكم حكومة تعرف الحلال والحرام وتميّز في ما بينهما.
اعلموا انه حلال نهب المال العام وسرقة المال الخاص من عقارات وما اليها، وهذا مما مأذون به من سلاطين الحكومة واحزابها، وبخاصة حاملة راية الدين والمذهب، بتأييد وتسويغ من وعاظ السلاطين.
واعلموا ايها العراقيون ان العصبية الدينية والمذهبية والطائفية محللة والوطنية منبوذة، وان الكفاءة مكروهة، والعلم مذموم والجهل محبّذ والكفء محارب وغيره مدلل.
واعلموا، رعاكم الله، ان تزوير الشهادات والوثائق الرسمية جائز، وجائز أيضاً أن يصبح المزور استاذاً في الجامعة ووزيراً ونائباً في البرلمان ومديراً ورئيس مؤسسة، فالتزوير يفتح الابواب الموصدة.
واعلموا انه مسموح بأن تفجّروا الاسواق والمدارس والمستشفيات والجوامع والكنائس والمعابد والدوائر الحكومية بالمفخخات والاحزمة الناسفة، واطمئنوا فشعار الدولة ان الله غفور رحيم وان العفو عند المقدرة وان المصالحة الوطنية متوافق عليها.. واطمئنوا اكثر الى انه اذا ما حدث خطأ واعتقلتم فثمة من سيتكفل اطلاق سراحكم باجتياح السجون وفتح ابوابها ، ولا من شاف ولا من سمع!
واعلموا، يا حماكم الله، انه مسموح أيضاً بان تصبحوا نواباً في البرلمان او وزراء وان تؤسسوا شركات وهمية باسماء افراد عائلاتكم وتبرموا معها عقوداً وهمية لتوريد محطات كهرباء أو مواد غذائية وسواها، فتجمعون عشرات الملايين وتفرون بها الى خارج البلاد فلا يلاحقكم أحد.. ومسموح أن تنشئوا بهذه الملايين شركات تتاجر بالأغذية والأدوية الفاسدة، أو ان تٌطلقوا فضائيات تحرّض ضد المجتمع والدولة وتدعو الى الارهاب وتثير النعرات الطائفية وتعطي دروساَ على الهواء مباشرة في كيفية تصنيع المفخخات وتفجيرها في المدنيين والعسكرين، ويمكنكم بعد ذلك أن تعيدوا حبال الوصل مع مسؤولي الحكومة والبرلمان، فيستقبلونكم كما لا يُستقبل الابطال الوطنيون، وتقام لكم الولائم وتُلغى الأحكام القضائية الصادرة في حقكم بوصفكم مجرمين وارهابيين.
واعلموا يا عراقيين انه مأذون لكم تشكيل ميليشيات وعصابات مسلحة تستعرض في الشوارع ناشرة الرعب، وتهاجم المقاهي والنوادي الاجتماعية ومحال بيع المشروبات وتقتل العاملين فيها بالجملة وتضع صور جرائمها على الانترنت.
ومسموح أيضا وأيضاً لكم بممارسة كل الرذائل من الدعارة والسمسرة الى االمتاجرة بالبشر والمخدرات والاسلحة.
ومن المسموح والجائز والمحبذ والمقبول والمرحب به كذلك التظاهر لتمجيد رئيس الحكومة ورفع الشعارات والهتافات له بوصفه صيغة الألفية الثالثة لـ "القائد الضرورة" (مختار العصر)، وايضاً تنظيم المسيرات المؤيدة لبعض دول الجوار ورفع صور قادتها الاحياء والاموات.. هذا كله وغيره مسموح به.
لكن، اعلموا أخيراً ان شيئاً واحداً عليكم أن تحذروه وتتجنبوه ولا تقربوه، صحاة أو سكارى، هو التظاهر من أجل العراق.. فحرامٌ ثم حرام ثم حرام أن تتجمعوا في عز القيظ في ساحة التحرير أو تسيروا الى ساحة الفدوس أو شارع المتنبي رافعين صور العراق وخارطة العراق وعلم العراق ولاهجين بهموم شعب العراق من كهرباء وماء وصحة وتعليم وحصة تموينية وفقر وبطالة.... وداعين الى مكافحة الارهاب ومواجهة العنف والتصدي للحرب الاهلية.
هذا خط أحمر، وهذا كفر وإلحاد وخروج على الشرعية وتجاوز على القانون والدستور، بأمر القائد العام للقوات المسلحة الذي لم تشأ قواته ان تحمي سجناً، لكنها تبلي البلاء الحسن، والشهادة لله، عندما تتظاهرون في التحرير والفردوس والمتنبي.