TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عيد القنافذ

عيد القنافذ

نشر في: 5 أغسطس, 2013: 10:01 م

"خرجت يوم العيد بالملبس الجديد " هذا المقطع جزء من نص كتاب قراءة الثاني الابتدائي ، وباقتراب موعد العيد كان الأطفال يرددونه بحماسة للتعبير عن فرحهم عندما كانت الأوضاع الأمنية مستقرة ، ولا وجود في المنطقة والعالم لتنظيمات إرهابية ، ويومنا سعيد وعندنا نقود ، وعلى إيقاع هذا النداء ، يحمل الأطفال عيدياتهم وهي لا تتجاوز دراهم معدودة متوجهين لأقرب دكان لشراء بطل البيبسي أبو البوزة ، ثم التوجه إلى ساحة عامة نصبت فيها المراجيح ودولاب الهواء ، فيما انتشرت العربات تجرها الخيول والحمير لتنقل الأطفال من مكان إلى آخر ، وفي مكان منزو من ساحة الاحتفال وضع أبو اللكو " الجتري" على الأرض محاولا إغراء اللاعبين لخوض مغامرة المقامرة "وذب دبل واربح دبل" ، وبجوار أبو اللكو هناك من ينادي الصغار ويدعوهم إلى لعبة "حجي بريج " واللعبة تتطلب ان تضع قطعة معدنية من فئة عشرة فلوس أو اكثر على هيكل صلب من القماش يوضع في فتحة الإبريق ، والفائز من يضرب ويجعل الفئة النقدية خارج الإبريق .
في ذلك الوقت كان أبو اللكو وصاحب لعبة "حجي بريج " ومن يتعاطى المقامرة ويحاول سلب عيديات الأطفال بطرق غير شرعية عرضة لملاحقة رجال الأمن والشرطة، وفي بعض الأحيان يلجأ الطرفان إلى تسويات مالية لا تتجاوز الربع دينار في افضل الأحوال، لضمان استمرار العمل شريطة ان يكون بعيدا عن الأنظار ، وفي تلك السنوات لم تكن أيام العيد مهددة بخرق أمني باستثناء مشاكسات صاحب "حجي بريج" مع رجل الشرطة "أبو اسماعين" فالأول يتقصد تأخير دفع مستحقات الثاني المالية ، فتضطرب العلاقة بين الطرفين ، وقد تصل إلى مصادرة "البريج" والعصا ، وجعل صاحبها يسرح بالكنافذ .
قبل حلول عيد الفطر شهدت العاصمة بغداد إجراءات أمنية غير مسبوقة ، وصلت إلى وضع حواجز كونكريتية عالية حول المنطقة الخضراء، كجزء من إجراءات احترازية لحفظ الأمن من هجمات إرهابية محتملة ، في ظل هذه الأجواء ليس أمام المغضوب عليهم من أهالي العاصمة إلا المكوث في منازلهم ومتابعة الفضائيات العربية وليس العراقية، لأنها ستنشغل كعادتها في المناسبات الدينية في تغطية تأثير أجواء العيد في تحقيق المزيد من التقارب السياسي بين الأطراف المشاركة في الحكومة ، ثم التوصل إلى بلورة اتفاق لحسم الملفات الخلافية والاستعداد لعقد اجتماع سيخصص للتوقيع على وثيقة شرف نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي.
من المؤكد أن شوارع مهمة في العاصمة ستغلق قبل وأثناء أيام العيد ومن يرغب في خوض مغامرة العبور من الرصافة إلى الكرخ وبالعكس فعليه الحصول على امر من القيادة العسكرية العليا تسمح له باستخدام الزورق لعبور النهر ، وهذا الامتياز ليس متوفرا للجميع ، وإنما يمنح للمقربين من " حجي بريج " وأفضل نصيحة تقدم لأهالي العاصمة التوجه إلى البر خلال أيام العيد ، والبحث عن الكنافذ واستخدامها في تسلية الصغار وقراءة نشيد خرجت يوم العيد بعيدا عن الإجراءات الأمنية المشددة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram