بعد خمسين عاما من هروب فيليبي موسكو، في الوقت الذي كان فيه يعمل في صحيفة الاوبزرفر البريطانية، يبزغ ضوء جديد يضيء العلاقات التي وحدت ما بين مجموعة من النخبة لها علاقة بعالم الخدمة السرية ومغامراتها.واحدى اهم واخطر قصص الجاسوسية في القرن العشرين، مضى
بعد خمسين عاما من هروب فيليبي موسكو، في الوقت الذي كان فيه يعمل في صحيفة الاوبزرفر البريطانية، يبزغ ضوء جديد يضيء العلاقات التي وحدت ما بين مجموعة من النخبة لها علاقة بعالم الخدمة السرية ومغامراتها.
واحدى اهم واخطر قصص الجاسوسية في القرن العشرين، مضى عليها في الأسبوع الماضي 50 سنة.
كان ذلك في شهر تموز عام 1963، اعترفت الحكومة البريطانية اخيرا، من انها كانت تعرف بالامر وان هارولد ادريان راسل فيليبي، المعروض باسم "كيم" ، لا يعيش فقط في الاتحاد الوفييتي، كلاجئ هناك وجاسوس روسي، بل انه "الرجل الثالث" الخيالي. وفيما بعد، تنكشف حقيقة فيليبي، "عبر كاتب سيرته"؛ فهو الجاسوس الذي خدع جيلا.
وفيليبي، قد يكون الجاسوس الاكثر خطورة في تاريخ الجاسوسية البريطانية. فهو كواحد من جواسيس حلقة كيمبردج والخادم السري للمخابرات السوفيتية السرية، كان مسؤولا عن كشف عدد لا يحصى من الاسرار الوطنية، اضافة الى القضاء او تصفية عدد كثير من العملاء البريطانيين بقسوة شديدة.
وفي الوقت نفسه كان فيليبي عضوا في المؤسسة البريطانية، وكان والده شخصية ادبية معروفة، كما ان علاقاته بالمثقفين البريطانيين الكبار، كانت متميزة، ومنهم على سبيل المثال، غراهام غرين، وعلاقته ايضا بجيمس انغليتون، الذي اصبح فيما بعد رئيس الاستخبارات الامريكية.
وعندما فر زملاؤه من الجواسيس ومنهم دونالد مالكلين وغاي بيرغيس الى الاتحاد السوفييتي في عام 1951، بدا موقع فيليبي خاضعا للمساومة، ولكن، وبعد التحقيق معه مرات عدة تمت تبرئته. وفي عام 1955، اعلم هارولد ماكميلان اعضاء مجلس العموم البريطاني "بعدم وجود اي سبب للاستنتاج ان السيد فيليبي قد خان مصالح البلاد. او اطلاق صفة "الرجل الثالث" عليه، ان كان هناك شخص ما بتلك الصفة.
ان تبرئة فيليبي كان له وقع خاص في صحيفة الاوبزرفر. فمنذ عام 1955 وحتى هروبه المفاجئ عام 1963، كان فيليبي مراسل الصحيفة في الشرق الاوسط، وبيروت قاعدته وكان المحرر المسؤول منه آنذاك، ديفيد آستور، الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بجورج اورويل، ارنولد فوستر وادوارد كرانكشو. وهناك الكثير من التساؤلات عن علاقة فيليبي باستور، ويقال ان الاخير كان ضمن الاسماء التي كان يدفع لها من قبل "الخدمات السرية".
ولكن اعمال استور، تدل على قراراته الشجاعة ومبادئه الديمقراطية، وقد ظهر ذلك جلياً في موقفه الشهير من ازمة قناة السويس عام 1956.
ولد كل من استور وفيليبي في عام 1912، اما فيليبي، فكان ابن جون فيليبي وكان كاتبا شهيرا، ومستشرقا اعتنق الاسلام.
وانضم فيليبي الى جامعة كيمبردج ولكنه جنّد ثانية، مع بيرمبيس وماكلين، كجواسيس ومن التناقضات، ذهب استور الى جامعة اوكسفور واختلط بالمثقفين- ضد النازية، ومنهم ادم فون تروت زولو، الذي اعدمه فيما بعد، لدوره في مؤامرة 1944 لاغتيال هتلر.
وبعد فترة قصرية على اعلان شامبرلين، الحرب في ايلول 1939، بدأ مكتب الاستخبارات البريطانية التمهيد للعمل ضد النازية، وتهيئة الجواسيس للعمل ضدها.
وعندما تسلم تشيرشل المسؤولية في بريطانيا، عام 1940، وضع خطة سرية لعمليات تهدف الى احتلال اوربا؛ وكان من جواسيسه آنذاك؛ إيان فليمينغ، وخاصة ان تشيرشل كان من محبي المغامرات والمخاطر.
وتلك المجموعة من النخبة وفيهم، الكتاب والاكاديميون. وقد جند البعض منهم عبر علاقات مع الفتيات او العشيقات.
ومنهن اليزابيث باون وسونيا برونيل، والاخيرة اصبحت زوجة اورويل الثانية.
وكانت مجموعة من الكتاب الصحفيين يجتمعون، آنذاك، في نادي شانغهاي في حي سوهو، ويشكلون جزءا من اليسار غير الشيوعي، او المثقفين التقدميين، ومن بينهم ايضا، "ويليلام بيفيريج وستافورد كريبس" يخططان للقدس الجديدة.
وفي الوقت الذي كانت فيه وزارة الخارجية تلعب دورها مع الاتحاد السوفييتي، اسّس فيليبي علاقات وثيقة في الهوايت هول حيث المخابرات السرية، وانتهت الحرب وهو قد وصل الى درجة نائب رئيس القسم الخامس- المعلومات المضادة.
وفي تلك المرحلة من الجاسوسية تكونت في مخيلة إيان فيلمينغ شخصية جيمس بوند، وكما خطط جون لاكار، شخصية الجاسوس سمايلي.
وعندما بردت الحرب الباردة في اوائل الستينات، سافر المحقق الاول نيكولاس اليوت الى بيروت لمواجهة فيليبي ثانية وكان اللقاء عاصفا، وفي الـ23 من كانون الاول 1963، غادر فيليبي، الى بيروت وعلامات الاضطراب على وجهه، حيث استقل طائرة روسية وهرب الى موسكو, وبعد ستة اشهر، في تموز عام 1963، بدأت عقدة اكاذيبه تنحل وكان الفصل الاخير "لحربه الباردة"، بدء منفى مؤلم.
عن: الاوبزرفر