TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دخيلك يا إرهابي

دخيلك يا إرهابي

نشر في: 12 أغسطس, 2013: 10:01 م

صرخة استغاثة صدرت من امرأة في السبعين من عمرها في حي العامل بجانب الكرخ من العاصمة بغداد ، عندما أخبرها الأبناء بأن الإرهابيين فجروا سيارات مفخخة مساء السبت الماضي فقالت " دخيلك يا إرهابي " ووجهتها إلى من يستهدف العراقيين ، بعد أن شعرت تلك المرأة بأن الأجهزة الأمنية عاجزة عن إيقاف الموت المجاني المنتشر في العراق في ظل اعتماد خطط عقيمة ، أسفرت عن قتل وإصابة المئات خلال شهر واحد .
ليس من المعقول إطلاقا طلب الرحمة من القتلة ، واستغاثة المرأة تعبر عن إحباط الملايين من الأمهات بإمكانية العيش في ظروف أمنية مستقرة ، تمنح للأبناء والأحفاد الشعور بالأمن والأمان في بلد مضطرب سياسيا ، ويشهد صراعات على الصعد كافة ، فيما بدت الطبقة الحاكمة عاجزة عن حماية مواطنيها ، واكتفت بتوجيه الاتهامات لدول الجوار بدعم وتمويل الجماعات المسلحة بتنفيذ عمليات إرهابية ، والتصريحات في هذا الشأن مستمرة ، وكان آخرها ما أعلنه القيادي في حزب الدعوة الإسلامية رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن السنيد ، عندما قال ان السعودية وقطر والأردن تتورط بدعم الإرهابيين والتكفيريين والصداميين.
علما ان الحكومة قد أبرمت مذكرة تعاون أمني مع السعودية ، وأكثر من مسؤول عراقي زار المملكة مؤخرا ، وتم الاتفاق على تبادل المعتقلين. أما الاتفاق مع الأردن فتمثل بمنحها النفط العراقي بأسعار أقل ، لغرض تحقيق المزيد من التعاون بين البلدين، على قاعدة "نفط العرب للعرب" لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي ، على حساب مصالح الشعب العراقي ، وعلى مدى عشرات السنين .
قبل حلول شهر رمضان أعلن قائد قوات الدفاع الجوي اعتماد الطائرات المروحية ، مراقبة حدود العراق الغربية ، لمنع حالات التسلل إلى الأراضي العراقية ، وبعد فرار السجناء من أبو غريب والتاجي شهدت المناطق القريبة من السجنين ، المعروفة باسم حزام بغداد ، عمليات تفتيش بحثا عن الإرهابيين ، وأعلن اعتقال المئات منهم ، فيما اكد الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي استمرار عملية "ثار الشهداء" لحين القضاء على نشاط العناصر الإرهابية .
على الرغم من طابع التفاؤل والثقة في تصريحات المسؤولين والتحذير من التهويل الإعلامي في الإشارة إلى أعداد الضحايا ، تشهد بغداد حوادث عنف بشكل شبه يومي، وهذا ما دفع المرأة السبعينية في حي العامل إلى توجيه استغاثتها بالخطأ ، إلى الجهة المتورطة بالقتل في محاولة يائسة للمراهنة على ما تبقى من رحمة في قلوب أبناء الدين الواحد .
الحديث عن سوء إدارة الملف الأمني وتطهير الأجهزة الأمنية من المرتبطين بجماعات العنف ، وتفعيل الجهد الاستخباري، تتبناه عادة الأطراف المعترضة على الأداء الحكومي ، أما الطرف الآخر من أصحاب الاتهامات الجاهزة فيشخصون الخلل بالصراع السياسي وانعكاس تداعياته على حفظ الأمن ، وواقع الحال يشير إلى ان الطرفين يمارسان لعبة جر الحبل منذ تشكيل الحكومة الحالية وتقاسم المواقع والمناصب ، وليس فيهم من يستجيب لنداء العراقيين واستغاثتهم أو في الأقل يجيب على سؤال أين الخلل في تدهور الأوضاع الأمنية، ويا إرهابي دخيلك .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. المدقق

    وانته شحامي حمامك على السعودية والاردن ؟؟ لو الحجاية مستكم بالصميييييييييييييييييييييييييم ؟؟؟ هزلت وتهزلت ؟؟؟

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram