اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لهذا يكرهُ العراقيُّ حُكّامَهُ

لهذا يكرهُ العراقيُّ حُكّامَهُ

نشر في: 13 أغسطس, 2013: 10:01 م

 هناك اعتقادٌ شعبيٌّ، موروثٌ يقول بان العراقي كارهٌ لحاكمه، أي حاكم، حتى أصبحت مقولة الإمام الحسين بن علي (ع) "ولا تُرض الولاة عنهم أبدا..." لازمةً لدى الكثير منهم حين يعاين الشخصية العراقية. ولنعترف بوجود بغضاء أزلية يضمرها العراقي للحاكم، بغضاء تحتمل معنيين أولهما إما أن جميع الحكام كانوا ظالمين، او أن الشعب بطبيعته جُبِل على البغضاء هذه. ولكي نقف على جوهر موضوعنا نجد أننا وبعد عقد من الزمان، أو بعد ثماني سنوات من حكم حزب الدعوة والكتل الإسلامية المتحالفة معه، لا يمكن أن نصف حالنا خلالها إلا بالخيبة والخذلان، فقد أجمع الشعب كله على أن حكومته لا تعبّر عن تطلعاتنا وتصورنا حول المستقبل.
 هل تخرج الكلمات التي سمعناها من رئيس مجلس الوزراء في حديثه الأخير مع قناة "العراقية"، أو بعد حوادث تحكم القاعدة بمواعيد التفخيخ والتفجير أيام العيد وبعدها، وأخذها زمام المبادرة في الحرب والسلم معنا.. أقول هل تخرج هذه وتلك عن فهمنا للخيبة والخذلان والتقصير وسوء فهم السلطة في إدارة البلاد؟ ألا توصف بأنها كلمات يائسة، كالتي يسمعها المريض بالسرطان من طبيبه، الذي يخبره بان الأيام المتبقية له من الحياة قصيرة جدا؟ ترى هل كانت السنوات العشر قصيرة في العراق بحيث أنها لم تُمكّن الزعامة العراقية من مسك الأرض والقضاء على الإرهاب ووضع الخطط النهائية لإصلاح البنى والانتقال من مرحلة الصراع على السلطة إلى مرحلة فهم السلطة وإدارة البلاد من خلالها وما يجب أن تكون عليه؟
 ولكي لا نظلم المالكي فيها لأنه لم يكن الزعيم العراقي الوحيد الذي يفضحه لسانه، ولم تسعفه أفعاله على تلافي أخطاء زعامته، يمكن الإشارة الى فترة حكم اكثر من "زعيم عراقي" عرف بخطبه الرنانة، لكنَّ جملة المشاريع التي نُفذت في الفترة تلك، استطاعت تغطية تضخم ذاته -كان يكثر من قوله (إنني وإنني وإنني)- وهي فيما يبدو تمثل عقبة كأداء عند الحاكم العراقي، حيث يلقي بتبعات فشله على الذين من حوله، ويحاول جاهدا التنصل من مسؤولياته، كيما يحاول إقناعنا بأنه لم يكن المسؤول الوحيد عن ما أخفق فيه في فترة حكمه. هل نتحدث عن أزمة زعامة عراقية، وهل كان الشعب العراقي مضللاً دائما لها؟
 عبر التاريخ العربي الاسلامي عُرف العراقيون بكرههم للحاكم وبخروجهم عليه، حتى قال أحد الخلفاء الأمويين لعامله على البصرة:" ولو طلبوا منك أن تستبدل عليهم كل يوم والياً، فأفعل"، وهكذا قد تبدو متوالية الحاكم والمحكوم واحدة من معضلات الحياة العراقية، أو لنقل هي مرض عراقي بامتياز. لكن هل كان كل حكّام العراق على شاكلة زياد بن أبيه والحجاج وصدام حسين، لا يحدثنا التاريخ عن زعيم عراقي شريف بينهم، وظلت متوالية التعسف والظلم قائمة حتى بعد ان أسقط الأمريكان نظام صدام حسين ومجيء (ديمقراطية) الأحزاب الإسلامية، ولكي نقرب الصورة نقول قد تصح مقولة أنَّ الشعب العراقي وعلى مدار اكثر من نصف قرن، وهو المنظور القريب لقراءتنا، لم يحظ بزعامة حقيقية، ذلك لأننا لن نتمكن من تسمية حاكم وطني شريف، منصف، استطاع ان يأخذ العراق ولو لفترة قصيرة إلى بحبوحة الأمن والاستقرار والرفاه ونسيان القسوة. أنا شخصيا لا أتذكر أحداً. وحتى ما قام به عبد الكريم قاسم لا يمثل وجهة النظر العراقية كلها.
 واحدة من اخطر أماني الشعب العراقي في الجنوب بخاصة، في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم أنه كان يقبل بتسمية شمعون بيرز رئيسا على العراق بدلا عن صدام حسين، وهي إشارة غاية في الخطورة، لأنها تمثل نهاية الأمل بالخلاص من الحاكم العراقي الظالم، ولا اعتقد بأن كراهية العراقي للحاكم نابعة من ضمير غير محب للسلطة بقدر ما هي تعبير عن رفض لسوء الإدارة ونظام الحكم والاستبداد وتبذير الثروات، وما تبرّم العراقي اليوم وسخريته من آلية عمل رئاسة الوزراء والبرلمان والقضاء والجيش والداخلية، إلا واحد من الأسباب التي جعلته كارهاً، رافضاً، متطلعاً للتغيير، وفي ذلك تسقيط لمقولة ان العراقي مفطورٌ على كراهية الحاكم، ذلك لأنه لم يحظ بحاكم وطني، وطني شريف بما في الكلمة من معنى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram